انتشرت أخيرا علي صفحات التواصل الاجتماعي صورا لمدينة الإسكندرية بعضها يعود تاريخه إلي الزمن القديم منها تم تصويره هذه الأيام.. وما بين زمن قديم قد ولي كان يضوع بالرقي والجمال ووقت راهن قد جثم علي أنفسنا تفوح منه رائحة العطن والغوغائية عقود طويلة من تدهور الذوق العام والعشوائية التي زحفت علي كل شيء في حياتنا ومن الموازيين المجتمعية التي اختلت تباعا لتختل معها جميع القيم والعادات ويتحول المجتمع تدريجيا إلي حالة من الفوضي السلوكية والثقافية تطمس هويته الحقيقية التي كانت ذات تاريخ صانعة حضارة ومجد ليصل به الحال إلي ما هو عليه الآن من جهل وترد.. ليست الإسكندرية وحدها التي تعاني من هذه العشوائية الممنهجة صيفا ولكن جميع محافظات مصر بلا استثناء.. فالقاهرة في حد ذاتها باتت مدينة كل ما فيها ينضح بهذه العشوائية المقيتة التي شوهت كل ما كان جميلا ذات يوم ليحل القبح علينا ضيفا أبديا ثقيلا.. فبدءا من إهمال جميع المناطق الأثرية وتركها مرتعا لأكوام القمامة.. ومرورا بمسلسل هدم كل الأبنية العريقة ذات الطابع المعماري المتميز لبناء أبراج مخالفة وانتهاء بالبلطجة التي أصبحت سلوكا أصيلا لدي الكثيرين من أفراد المجتمع.. فبعدما كانت الحضارة المصرية هي أعظم حضارة في التاريخ وبعد أن كانت مصر في مصاف الدول المتقدمة وكانت القاهرة قبل خمسينيات هذا القرن تحصل علي المركز الأول في الجمال والنظافة بين عواصم العالم تراجعت تدريجيا بعد هذا التاريخ حتي وصلت إلي ما آلت إليه الآن من حال لم يأت صدفة بل كان مخططا له من قبل أعداء مصر علي مر عصور طويلة عملوا علي نشر ثقافة العشوائية والفوضي بها من خلال عملائهم في الداخل المصري وأولهم جماعة الإخوان وأصحاب الفكر الإرهابي الذين حاربوا منذ نشأتهم كل ما هو جميل في مصر وعمدوا إلي تشويه الهوية المصرية وعربنتها لينتجوا لنا مسوخا مجتمعية لا هم بمصريين ولا هم بعربان.. إن المؤامرة علي مصر لم تكن مؤامرة سياسية فحسب ولكنها كانت في الأساس مؤامرة ثقافية وحضارية لطمس الهوية المصرية الأصلية وطمس معها كل ما هو جميل وأصيل في مصر وهو ما لم تعمل الأنظمة الحاكمة السابقة علي الحد من انتشاره فبعضها المجتمع كالطاعون تحاول أن تفرض عشوائيتها قسرا علي جميع أفراد المجتمع من حولها.. وتكشف الستار عن جوهر الفوضي الخلاقة الذي وإن كان سياسيا في الأساس, ولكنه في جوهره ينضوي علي هذه العشوائية المجتمعية الممنهجة التي تكاتف كل فاسد ومتآمر وخائن ومتأسلم علي غرس بذرتها في المجتمع المصري لهدمه داخليا فيسهل بعد ذلك تمكن العدو الخارجي منه لهدم الدولة المصرية ذاتها.. فبناء الفرد بناء سليما هو اللبنة التي يبني عليها المجتمع المتحضر والمجتمع المتحضر هو أساس الدولة القوية وهو ما يحاول أعداء مصر دائما التصدي له من خلال نشر المزيد من العشوائية الثقافية والفكرية تارة تحت مسمي الديمقراطية وتارة أخري تحت مسمي الحرية.. وفي كل الأحوال تبقي العشوائية هي أكبر مؤامرة تعرضت لها مصر.