تعاني شركة مصر للغزل والنسيج وصباغي البيضا بكفرالدوار بمحافظة البحيرة أشد المعاناة من الإهمال من قبل الدولة, فعلي الرغم من مرور73 عاما علي تأسيسها إلا أن مصانع كفر الدوار التي صدرت في الماضي منتجاتها إلي أكثر من100 دولة حول العالم بالإضافة إلي شرف تصنيع كسوة الكعبة المشرفة في القرن الماضي تراجعت في العقدين الماضيين بصورة كارثية, ورغم الإعلان عن العديد من الدراسات لإحيائها من جديد, فإن جميعها ظلت حبرا علي ورق ولم تر النور حتي الآن. يقول محمد وهب الله وكيل لجنة القوي العاملة بمجلس النواب والأمين العام لاتحاد عمال مصر أن أهم أسباب تدهور صناعة الغزل والنسيج بكفر الدوار تعود في المقام الأول إلي تراجع زراعة القطن طويل التيلة في مصر واستيراد القطن قصير التيلة. وقال وهب الله انه يجب علي الحكومة ان تلتزم بتكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسي الخاصة بحل جميع المشكلات التي تواجه زراعة القطن في مصر معتبرا ان نجاح الحكومة في تنفيذ هذه التكليفات هو البداية الجادة لإصلاح والتغلب علي المشكلات التي تعاني منها شركات الغزل والنسيج ليس علي مستوي قلعة كفر الدوار الصناعية فحسب وإنما أيضا في جميع شركات الغزل والنسيج بمختلف المحافظات. ويضيف هناك خطة ممنهجة لتدمير هذه الصناعة في مصر, لافتا إلي أن شركة مصر للغزل والنسيج في كفر الدوار لم تجري لها أية عمليات تحديث منذ30 سنة, وبالتالي أصبحت الماكينات التي تعمل بها متهالكة. وأوضح وهب الله أن العامل مظلوم فلا يوجد قطن ولا ماكينات فكيف يستطيع منافسة السوق الخارجية في ظل هذه الظروف الصعبة, حيث تحتاج الشركة علي الأقل إلي300 مليون جنيه لتحديث خطوط إنتاجها من ماكينات وقطع غيار, بالإضافة الي أن قرار زيادة أسعار الوقود أدي إلي مزيد من الخسائر للشركة خاصة في ظل المشاكل التي تعاني منها حاليا من عدم القدرة علي عدم ضخ استثمارات جديدة بها. وحذر وهب الله من تزايد الخسائر في حالة عدم قيام الحكومة باتخاذ قرارات لإنقاذ الصناعة وضخ استثمارات جديدة في الشركات وتحديث المعدات والآلات ومنح العاملين حقوقهم. وأضاف أحمد شكري عامل أن من ضمن المشاكل التي يعاني منها القطاع نقص التدريب لجميع العاملين بصناعة الغزل والنسيج ونقص المصممين والمبتكرين للتصميمات والرسومات, وعدم وجود دراسات وبحوث للسوق لمعرفة الأذواق في السوق الخارجية حتي تتم الصناعة لأصحاب الأذواق الخاصة بالإضافة إلي السلع المهربة بأسعار رخيصة من الخارج, خصوصا من الصين ودول شرق آسيا, ويؤكد عبدالسلام شوقي رئيس عمال بالمصنع أن صناعة النسيج أصبحت مهددة بالانهيار خاصة بعد توقف أغلب مصانعها عن العمل إن لم يتدخل المسئولون لإنقاذها وحماية ألاف العمال من خطر التشرد والتسريح وحماية استثمارات بالملايين من الضياع, مشيرا الي ان رجال الصناعة باتوا أكثر استعدادا لتصفية استثماراتهم لوضع حد للخسائر التي بدأت تنهش رءوس أموالهم وبدأ يفكر الكثير منهم في تغيير نشاطه بآخر أكثر ربحا وأقل تكلفة وأكثر راحة, خصوصا أن خسائر المصانع تجاوزت مليارات الجنيهات بسبب تضاعف أسعار الغزل وركود السوق المحلي, ويؤكد رجب عبدالجواد عامل أن تهالك الماكينات وانتهاء أعمارها الافتراضية مع تكهين بعضها وإلغاء بعض خطوط الإنتاج وتراجع كفاءة باقي الماكينات وراء انهيار هذه الصناعة. ويقول الدكتور محمد مصطفي أستاذ بكلية زراعة الإسكندرية أن إلغاء بورصة القطن في التسعينيات كان وبالا علي الصناعة بعد تحرير التجارة كما أنها وضعت الفلاح المصري تحت رحمة التاجر ليشتري القطن بالسعر الذي يريده التاجر لعدم سهولة تخزين القطن, حيث يجب وضع إستراتيجية مثل بقية دول العالم وتسويق القطن المصري قبل زراعته من خلال المكاتب التجارية الموجودة في السفارات المصرية بالخارج, كما أنه لابد من تخصيص مساحات في الصعيد لزراعة القطن قصير التيلة لتحجيم عملية استيراده من الخارج, موضحا أن قانون التجارة العالمي يعطي لنا الحق في حماية المنتج المصري, بمعني ضرورة إصدار قرار بحظر استيراد الأقطان لحين الانتهاء من تصدير القطن المصري, كما لابد من إصدار قرار لحماية المنتج المحلي وتنشيط عمل التعاونيات لحماية المزارع وتسويق القطن وبالسعر العادل وعودة بورصة القطن, فضلا عن ضرورة تدخل الدولة لتطوير المصانع القائمة, ومن جانبها قالت المهندسة نادية عبده محافظ البحيرة أنه يوجد11 مصنعا بالمنطقة الصناعية بكفرالدوار منها9 للغزل والنسيج و3 للصباغة مشيرة إلي أن هناك خطة للدولة لتطوير وتنمية مصانع الغزل والنسيج بكفر الدوار, الهدف منها العودة بها إلي سابق عهدها, كأحد أهم القلاع الصناعية بمصر من خلال تحديث الماكينات وتوفير المواد الخام للعمل بكامل طاقتها واستيعاب العديد من العمالة.