يحكي التاريخ وتروي السير الشعبية عن شيم المرأة بالصعيد, وتكاتفها مع أسرتها في المحن والملاحم.. وفي سوهاج اعتادت المرأة أن تكون عونا لزوجها في مواجهة ظروف المعيشة المتغيرة إيمانا منهن أن الحياة مشاركة بين الزوجين وجاء القرار برفع سعر اسطوانة البوتاجاز ليكشف معدن المرأة السوهاجية من جديد.. فلم تجد المرأة الريفية بالقري حلا لمواجهة ارتفاع سعر اسطوانة البوتاجاز إلي30 جنيها في المنافذ التموينية وما يزيد عن50 جنيها في السوق الحر.. سوي العودة مرة أخري إلي استخدام الأفران البلدية والكانون لتجهيز الأطعمة وإعداد الخبز والتي كانت قد استبدلتها بأفران البوتاجاز كوسيلة حضارية ومريحة.. ولسان حالها يقول الجملة الشهيرة( مجبر أخك لا بطل) فالظروف المعيشية لكثير من الأهالي تجبرهم علي ترشيد استخدامهم لاسطوانات البوتاجاز لتفادي المزيد من الأعباء المالية التي تثقل كاهلهم. يقول عطية كامل- مدرس-: معظم الأسر بالقري تخلت عن الأفران البلدية والكانون لأن الزمن اختلف وظروف المعيشة تغيرت وأصبحت لا تصلح للاستخدام بالمنازل المبنية بالخرسانة المسلحة إلا أن ارتفاع أسعار اسطوانات البوتاجاز بشكل كبير- جعل الكثير من ربات البيوت تلجأ إلي التفكير في إعادة بناء الأفران البلدية مرة أخري في أفنية المنازل أو أعلي الأسطح لاستخدامها في تجهيز العيش الشمسي الذي تشتهر بها قري سوهاج, وتعتمد عليه بشكل أساسي في استخدامها اليومي بهدف تقليل استخدام اسطوانات البوتاجاز. توضح اعتماد محمد فرغلي- ربة منزل- بأن أصالة المرأة السوهاجية تظهر وقت الشدائد فعقب ارتفاع أسعار الاسطوانات اتجهت ربات البيوت إلي استخدام الأفران البلدية لترشيد استهلاكهن من اسطوانات البوتاجاز بقدر الإمكان علي الرغم من أن العودة إلي استخدام الكانون والفرن البلدي مرة أخري عملية صعبة للغاية لأن المنازل في الماضي كانت مبنية بالطوب اللبن ويوجد بكل منزل أماكن مخصصة لإقامة فرن بلدي وكانون وكانت أمهاتنا معتادة علي استخدامهما لعدم وجود بديل آخر أما الآن فالبوتاجازات والأفران التي تعمل بالبوتاجاز أصبح لا غني عنها في كل منزل. تؤكد ثناء صالح ربة منزل أنها بدأت بالفعل في بناء فرن بلدي بفناء منزلها بالقرية لاستخدامه في تجهيز المخبوزات وإعداد وجبات الطعام مشيرة إلي أن الأطعمة التي يتم تجهيزها في الفرن البلدي لها مذاق خاص يختلف عن تلك التي يتم تجهيزها في أفران البوتاجاز كما أنها تعيد ذكريات الماضي الجميل عندما كانت الأسر تلتف حول الفرن البلدي في جو عائلي رائع. ويري أحمد عبد السميع موظف أن العودة إلي استخدام الأفران البلدية والكانون أصبح ضرورة حتمية لأن غالبية أهالي القري من الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل يمثل ارتفاع سعر اسطوانة البوتاجاز إلي30 جنيها عبئا علي كاهل هذه الأسر التي تواجه ظروفا معيشية صعبة للغاية مشيرا إلي أن ذلك سوف يساهم في التخلص من المخلفات الزراعية من البوص والقش والتي يتم إلقاؤها علي جانبي الترع والمصارف والطرق العامة. يشير جمال عبد المقصود محاسب إلي ضرورة قيام أهل الريف باستخدام الخامات المتاحة أمامهم لتخفيف الضغط علي اسطوانات البوتاجاز خاصة وأن طبيعة القري تختلف عن طبيعة المدن التي ليس أمام سكانها إلا الاعتماد علي اسطوانات البوتاجاز بغض النظر عن ارتفاع أسعارها أما في القري فتستطيع الأسر استخدام الفرن البلدي والكانون واستهلاك كميات البوص والقش وغيرها من المخلفات الزراعية في شيء مفيد بدلا من حرقها وتلويث البيئة بالأدخنة الناتجة عن الحرق. من جانبه قال رشاد السيد مدير إدارة شئون البيئة بالمحافظة, إن العودة لاستخدام الأفران البلدية والتي تعد آمنة إلي حد كبير عند مراعاة الاحتياطات اللازمة وكذلك أكثرتوفيرا من الناحية المادية يعد نوع من الحلول المعقولة لمواجهة ارتفاع أسعار البوتاجاز ويحسب للمرأة السوهاجية كما أن الفكرة تبدو كمساعدة شبه آمنة للتخلص من المخلفات الزراعية بدلا من إلقائها بالشوارع بطريقة عشوائية مما يتسبب في العديد من المشكلات.. مشيرا إلي أنه يجب تخصيص مكان آمن للأفران بعيدا عن الحجرات بالدور والمنازل.. والأفضل أعلي أسطح المنازل حتي لا تتسبب في الحرائق.