أنا سيدة في منتصف الأربعينيات أعيش في إحدي المحافظات الساحلية, تزوجت في بداية شبابي من أحد أبناء محافظتي الأثرياء بعد أن بذل كل ما في وسعه لينال موافقتي حيث كنت أشتهر في المدينة الصغيرة بجمالي اللافت, ومرت سنوات زواجنا دون أن يعكر صفوها سوي المشكلات العادية التي تحدث بين الأزواج وأحببت زوجي أبو أبنائي الذي لم يقصر يوما في أي من حقوقي المادية أو المعنوية. ومنذ عدة سنوات صارحتني إحدي صديقاتي بأنها رأت زوجي بصحبة إحدي السيدات, وبعدها بفترة قصيرة رددت إحدي قريباتي نفس القصة علي مسامعي, ولم أفكر وقتها في مواجهة زوجي بما سمعت حتي لا أضطره للكذب علي وانتظرت للتأكد مما أسمع حتي زادت الأقاويل من حولي من أشخاص مختلفين, وبينما أنا أفكر في كيفية التصرف جاءني خبر يقين بزواج زوجي من هذه السيدة.. كل هذا وأنا أتظاهر بعدم معرفة شيء وأكتم في صدري وقلبي ما لا يتحمله بشر, ونصحني كل من حولي بمواجهته لكنني لم أكن لأتحمل أن أعيش معه لحظة واحدة بعد المكاشفة لأن كبريائي وكرامتي لن تسمحا لي بذلك, وفي الوقت نفسه كنت أدرك أنني لن أقوي علي تحمل الطلاق من الرجل الوحيد في حياتي وحبيب عمري ووالد أبنائي وأنا في مثل هذه السن, فآثرت التجاهل والصمت علي أمل أن تنتهي نزوته ويعود إلي رشده وبيته. والآن يا سيدتي مر عامان علي تلك الزيجة وأنا مازلت أترقب صامتة وزوجي مازال يتظاهر بعدم حدوث شيء لكنني متأكدة أنه يعلم أنني أعلم, لكن ما لا أعلمه حقا هو إلي متي ستستمر هذه التمثيلية ؟ وإلي متي سأستطيع التحكم في أعصابي ومشاعري؟ وهل ترين أن ما فعلته هو الصواب ؟؟ عزيزتي الزوجة المتغافلة عن حقها, إن حكايتك خاصة وغير تقليدية لكنها في الوقت نفسه منتشرة جدا, غير تقليدية لأن المحيطين بك حاولوا تنبيهك أكثر من مرة بينما آثرت أنت وضع رأسك في الرمال كنعامة في مواجهة خطر انصراف زوجك عنك لأخري, ثم قررت عدم مصارحته بما علمت حتي بعد زواجه من أخري وتقولين إنه يعلم أنك علي دراية بما فعل وأنكما تعيشان الهدوء الذي يسبق العاصفة منذ عامين! ثم تواجهين نفسك بشجاعة أن لا مرفأ أو ملاذ لك إلا زوجك وأنك تخشين المواجهة لأن لا حول لك ولا قوة بدونه ثم تسألينني إلي متي تستطيعين تحمل هذه الحرب الباردة بينكما والتي أصبحت تقض منامك, كما أن دخول طرف ثالث الزوجة الثانية يغير من خطط الزوج بالتأكيد خصوصا لو أنجب منها وأصبح ظهورها للنور حتميا كأم لأولاده وتأثير ذلك علي حياة أبنائك ومستقبلهم في ظل تغير أوضاعهم العائلية. أتفهم يا سيدتي رغبتك في الحفاظ علي ماء وجهك وموقفك الأصيل من خيانة زوجك لعهدكما حيث إنه لم يصارحك أو يخيرك قبل أن يقدم علي هذا القرار الخطير وحقك في المعرفة والرضا هو حق أصيل عرفا وشرعا وقانونا, ومن ثم فإن لحظة المواجهة يجب أن لا تخرجي منها خالية الوفاض تاركة الجمل بما حمل للطرف الثالث, لكن... دعيني أتساءل معك عن الأسباب التي جعلت عقد زوجك ينفرط من بين يديك لأخري, لقد أوضحت أنك شديدة الجمال وأن هناك فرقا اجتماعيا بينك وبين زوجك كما أنك شديدة الاعتمادية علي وجوده في حياتك.. فماذا كان تأثير تلك العوامل علي زيجتكما؟ وما الذي كان يفتقده ووجده مع الطرف الثالث؟ إن إجابة تلك الأسئلة قد تكون مؤلمة للغاية وتتطلب نزول سيادتك من علياء عرش جمالك وحيثياتك كامرأة لتتعرفي علي الواقع الذي فرض نفسه عليك, ولا مفر من هذا الدواء المر لتحاولي لملمة بعض حبات العقد الذي انفرط وتزدادي وعيا ونضجا رغم كل الجراح, عليك معرفة الطرف الثالث من خلال عيون زوجك لتستطيعي مواجهته والوقوف مع ما تبقي من الزوجة فيك بعد سقوط ورقة التوت عن فعلة زوجك. أخيرا أظن أنك بحاجة لدعم الأقارب والأصدقاء خاصة الذين حاولوا مساعدتك وتنبيهك منذ البداية وربما وجود أحدهم ممن يحترمهم زوجك ويعمل له حساب, حين تقررين مواجهته وذلك حتي لا تضيعي المزيد من حقوقك رعبا من أن تفقدي المزيد من زوجك! أو غضبا من جراء الموقف المؤسف أو حسرة علي نفسك وما آل إليه حالك, واعلمي أن الوقت مهم وأن من حقك أن تعرفي خططه للمستقبل لك ولأولادك, وتأكدي أنه لن يحترم فيك ضعفك وإحساسك بأن لا حول لك ولا قوة دونه, فحزمي أمرك وأعدي السند المناسب لمواجهته وتوكلي علي الله وواجهيه وأنت جاهزة في قرارة نفسك للحصول علي الحد الأدني من الحقوق الذي ترغبينه لك ولأولادك. كان الله في عونك ووفقك لما فيه خيرك..