لم يكن المصريون يعرفون أن حكم جماعة الإخوان الإرهابية لمصر منذ2012 كان بداية النهاية لعقول الظلام, وتعايشوا معهم عاما كاملا, وتيقنوا أنهم يعيشون في مكان آخر غير مصر, فلم تكن هي البلد نفسها بسمائها الصافية ولا أرضها المعطاءة, حتي الناس تبدلت أمزجتهم دون مبرر, وكان القاسم المشترك بينهم حينئذ صوت داخلي يتمني الخروج من هذا النفق المظلم. وعندما حان الوقت, كان يوم30 يونيو2013 الذي شهد الصحوة والرغبة في إزالة الهم والكرب وكأنهم فاقوا من كابوس ليلة طويلة من النوم. لم يتوقع أحد في العالم أن المصريين سيتحركون لتغيير حالهم بأنفسهم, ولذلك تباينت ردود الأفعال الدولية والإقليمية والعربية إزاء خارطة المستقبل التي تم الإعلان عنها من قبل وزير الدفاع في ذلك الوقت عبد الفتاح السيسي في3 يوليو2013, بين مؤيد ومعارض, تحسبا للمفاجأة. ترددت بعض الدول في البداية حول توصيف ما حدث في30 يونيو, هل هو ثورة شعبية علي المعزول محمد مرسي. وبعدما تأكد للجميع في الداخل والخارج بأنها انتفاضة شعبية, سارعت الكثير من هذه الدول بالاعتراف بما حدث, وأكدت أهمية سرعة الانتقال الديمقراطي في مصر, وضرورة تسليم السلطة إلي رئيس منتخب. إلا أن بعض الدول ساندت ولاتزال تساند الجماعة الإرهابية; وذلك نتيجة طبيعية لخصوصية علاقتها بالجماعة, مثل تركيا, أو أن الجماعة قدمت إليها خدمات سياسية جليلة, مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية. رصدت الكاتبة هاريت الكسندر في صحيفة التليجراف البريطانية بتاريخ4 يوليو2013 ردود أفعال الدول علي الثورة ما بين مؤيد ومعارض ومن يقف علي مسافات متساوية. فوجدت أن أغلب الدول العربية أيدت عزل مرسي, وخاصة السعودية والإمارات, والكويت, فضلا عن المملكة الأردنية الهاشمية وسوريا ممثلة في نظام الرئيس بشار الأسد والعراق وفلسطين, وكان ذلك واضحا في برقيات التهنئة التي ارسلت للمستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا في مصر حينئذ, والذي عين رئيسا مؤقتا للدولة. طبقا لخارطة الطريق التي أعلنت, وكذلك المساعدات المالية التي قدمت لمصر للخروج من أزمتها المالية. أما تونس, فلم تكن في وعيها السياسي لأنها كانت تخضع وقتها لحكم حركة النهضة الاسلامية والتي تمثل فصيلا إخوانيا في تونس. فقد صرح الرئيس التونسي وقتها منصف المرزوقي, فور ما حدث أن تدخل الجيش أمر مرفوض تماما, لكنهم استطاعوا بعد ذلك التخلص من هذا الكابوس المشابه وأسقطوا حركة النهضة وانتخبوا الرئيس الباجي قائد السبسي ذي الشعبية الكبيرة. أيضا تركيا كانت ولا زالت من الكارهين لثورة30 يونيو, فقد رفضت هذه الخطوة التي قام بها الجيش المصري علي لسان وزير خارجيتها أحمد داود أوغلو, رغم أن هذا الموقف مختلف عن موقف شركاء تركيا المحتملين في الاتحاد الأوروبي, الذي لم يكن واضحا في وصف ما حدث في مصر, بل وتباينت مواقف الدول الأوروبية في هذا الشأن. أما الاتحاد الإفريقي, فقد كان موقفه واضحا وصريحا في أنه اعتبر ما حدث في مصر انقلابا عسكري ويستدعي تعليق عضوية مصر بالاتحاد, وبالفعل تم تعليق عضوية مصر بالاتحاد الإفريقي, ثم عادت بعد ذلك في2014 بعد توقف نحو العام عندما اتضحت له الأبعاد السياسية. لإيران والسودان حينئذ موقف محايد طبقا لتصريحاتهما الرسمية, فالخارجية السودانية أكدت أن ما حدث في مصر يعد شأنا داخليا يخص شعبها ومؤسساتها القومية وقياداتها السياسية. كذلك إيران, جاء موقفها محايدا علي الرغم من تحسن العلاقات بينها وبين نظام المعزول بتبادل الزيارات, وجاء رد الفعل الإيراني علي لسان عباس عراقجي, المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بأنه بالتأكيد ستحمي الأمة المصرية الصامدة استقلالها وعظمتها من الانتهازية الخارجية وانتهازية العدو أثناء الظروف الصعبة التي تعقب ذلك.