عندما تقترب خطواتك من أي متسول.. ينتقل إليك التوتر تلقائيا, فالشكل العام, والعبارات المستجدية تبذل محاولات مستميتة, أمام عيون الناس لإضفاء هيئة المحتاج وأصحاب العوز.. لسلب أموالهم بأي طريقة- لذا فمعرفة حيلهم وكيفية استحواذهم علي الأموال طوال اليوم. مغامرة غير مأمونة- خاصة مع انتشارهم الكثيف في كل خرم إبرة داخل شوارع بني سويف تزامنا مع الشهر الكريم فلا يوجد مسجد أو مزلقان قطار أو حتي مصلحة حكومية ونادي إلا ويحتلون أبوابه وأسواره( فرادي وثنائيات.. نساء وأطفال).. وأحيانا رضع يقتصر دورهم علي الظهور للمارة نياما لإضفاء المسكنة وطرق جوانب الشفقة بين أهلنا وناسنا.. وكل بطريقته وحبكته في استخراج القرش كما يسموه- من جيبك. الأهرام المسائي يدعوكم لمتابعة المغامرة المثيرة التي خاضها للتعرف علي العالم السري للشحاذين في بني سويف. في البداية قال أحمد كمال صاحب محل هواتف: العديد من الشحاذين يأتون إلي يوميا في ساعة متأخرة وأشهرهم ص. ج- لتبديل الفكة مئات الجنيهات المعدنية بفئات ورقية كبيرة مثل فئة ال100 جنيها.. فالشحاذ الواحد يقوم بتبديل ما يقرب من250 جنيها يوميا..وأعطي كمال لمراسل الأهرام المسائي موعدا لمشاهدة ما يقوله وتصوير أحد هؤلاء الشحاذين أثناء تبديل العملات المعدنية التي يحصل عليها من الشحاذة.. وبالفعل قام عم صابر بتبديل250 جنيها وكان في جيبه عدة عملات ورقية كثيرة وهو ما يعني أن دخل هذا الشحاذ في اليوم الواحد قد يصل إلي ال500 جنيه وعندما سألت الشحاذ هل تعمل في منطقة بعينها.. رد مبتسما: وأنا عبيط يا بيه.. طبعا كل يوم في منطقة وحي المهم مدخلش علي صاحب منطقة أي شحاذ قديم مسيطر علي منطقة بعينها وأقوم بتبديل فلوسي وتجميدها من عدة محلات بعيدا عن منطقه سكني حتي يسهل حملها ولا يتم رصدي من قبل اللصوص.. وعندما سألته عن وجود رصيد في البنك خاص به رد قائلا: طبعا أمال هشيل الفلوس فين؟. المليونير وكانت ثاني المفاجآت عند مراقبة شحاذي البنوك واكتشفنا أن من بينهم مليونير شهير يقوم بإيداع مبلغ كبير من نقود حصيلة الشحاذة كل يوم عبر إحدي البنوك الشهيرة.. وقال مصدر داخل البنك رفض ذكر اسمه: كل ما أستطيع أن أقوله أن هذا الرجل له رصيد بعدة ملايين بالبنك وهو من أكبر عملائنا.. وعندما تتبعنا الرجل وجدناه يسكن في قرية بني هارون ويمتلك3 منازل بمنطقة مميزة علي طريق القرية وعندما اقتربنا منه للتحدث إليه قال: إذا لم تمش من هنا مش هيحصلك كويس. وكان ثالث كشف لعالم مافيا التسول هم أطفال الشوارع المشهورون بأطفال الفوطة الزفرة والمنتشرين في المزلقانات وأمام النوادي ومحلات الحلويات وكانت المفاجأة الكبري عندما اكتشفنا أن بلطجية هم من يقومون بتوزيع هؤلاء الأطفال كل12 ساعة بتوك توك علي أماكن العمل الخاصة بهم ويأتي في آخر الوردية ليجمعهم ويحصل علي ما حصدوا من دم الأهالي وتوزيع مجموعه جديدة غيرهم. لا يسألون يقول محمد سالم موظف-: اعتدنا في رمضان رؤية فئات جديدة من الشحاذين لا نراها طوال العام يقومون بعملهم في فترات ما بعد الصلاة خاصة صلاة التراويح مستغلين النفحات الروحانية التي تجعلك تدفع لهم معتقدا أن ذلك يكمل سعادتك بإتمام صلاتك بالصدقة في حين أن الفقراء الحقيقيون لا يسألون أحدا وهناك آلاف الأرامل والأيتام في المحافظة ترعاهم الحكومة تارة والجمعيات الأهلية وأصحاب الخير تارة أخري ويقوم كل مسجد في منطقته بهذا الدور بشكل إيجابي ويجب أن يجتهد المتصدق قليلا في البحث عن من يستحق الصدقة سواء كان مريضا أو ذو حاجة ومنعته عزة نفسه من مد يده فكثير من المتسولين يمتلك ما لا يمتلكه المتصدق نفسه. أضافت سلوي نصر- أخصائية اجتماعية- بأن هناك المئات من السيدات الريفيات يأتين إلي المدن منذ الصباح الباكر بعد أن احترفن التسول خاصة في رمضان وينتشرن لجمع النقود من المصلين وغيرهم ويربحن المئات من الجنيهات بدلا من العمل في بيع الزبد والجبن والبيض علي حد قول إحداهن. تقمص وكانت آخر الحيل التي كشفتها مغامرة الأهرام المسائي هي الزي.. حيث يقوم العشرات من الشحاذين بشراء أو تفصيل بذات عمال النظافة ولا مانع من حمل المقشة والشوكة والنوم أسفل أشعة الشمس محتضنين المقشة ليتقطع قلب المواطن ويدفع ما في جيبه له وفي فترة الليل يصطنع التنظيف بجوار السيارة أو أمام باب منزلك لتغدق عليه أيضا بالنقود والصدقات غير المستحقة في حين أن مشروع النظافة له مواعيد وخط سير ولا يسمح لعمال النظافة بالنوم أو العمل في ساعة متأخرة من الليل.. والأدهي والأمر أن عمال النظافة أنفسهم يؤكدون أن ما يقوم به المتسولين من تقمص أدوارهم للشحاذة أمر مخز ويسيء إلينا ونتبرأ منه فنحن نأكل بشرف وبعرق أجباننا ولا نتسول أبدا بهذه الطرق الغريبة. من جانبه أكد اللواء خلف حسين مدير البحث الجنائي بأن المديرية تعكف دائما علي ضبط المتسولين سواء كانوا صغارا أم كبارا.. والحملات بالتعاون مع مديرية التضامن الاجتماعي لا تنتهي وعلي كل مواطن أن يقوم بالإبلاغ عن الشحاذين المنتشرين في أماكن إقامته أو عمله لاتخاذ اللازم حيالهم.