اكد الدكتورعرفات عثمان رئيس قسم علوم القرآن بكلية القرآن الكريم للقراءات وعلومها بجامعة الازهرفرع طنطا ان المسلم الراغب في الانتفاع الحقيقي بشهررمضان يحرص علي أداء العبادة بخشوع وأن ليلة القدرعيد ميلاد للامة والاسلام دين مرونة بدليل الصوم وان الله أرسل النبي محمد رحمة للعالمين وكان لنا معه هذا الحوار: رمضان شهرصيام وعبادات كيف يغتنمه المسلم؟ جعل الإسلام مواسم متعددة لتنقية الروح وتهذيبها; فالصلوات الخمس مناسبات يومية, والجمعة موسم أسبوعي, ورمضان موسم سنوي يهتم فيه المرء بتهذيب روحه فينتفع بذلك إلي رمضان المقبل, وليس المطلوب الامتناع عن الطعام والشراب فقط, فمن فعل ذلك فقط فهذا حظه من صومه, أما الراغب في الانتفاع الحقيقي فإنه يحرص علي أداء العبادة بخشوع والاهتمام بأعمال الخير المتعددة وضبط السلوك الأخلاقي والمساهمة في نفع الناس مع الحرص علي إتقان العمل ولاشك أن هذا يثمر التقوي التي هي غاية المؤمن. فضل ليلة القدر وكيف يفوزبها المسلم؟ ليلة القدرهي ليلة الشرف والمنزلة الرفيعة, إنها عيد ميلاد الأمة, فإذا كان الناس يحتفون بيوم مولدهم ويتذكرونه فإن مولد هذه الأمة كان في تلك الليلة حين نزل القرآن علي قلب النبي عليه السلام, لذلك فإننا نحتفل في شهر القرآن بليلة نزول القرآن ويجب علي المسلم استثمارها حيث جعل الله لها ميزة عظيمة, فثوابها يعدل ثواب عمل ألف شهر, ويستجاب فيها الدعاء ويغفر فيها لمن قامها إيمانا واحتسابا, وتأمل وصية النبي بالدعاء في هذه الليلة( اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عنا) العفو معناه المحو ومعناه أيضا الزيادة, فالدعاء فيها مزدوج; بمحو كل شيء سييء والزيادة في كل شيء حسن. الاسلام دين مرونة وسماحة كيف يوضح القرآن ذلك؟ الصوم ذاته دليل يسر الإسلام, فهو لا يجب عن المسافر ولا المريض ولا الحائض, وهذا من باب التخفيف ورفع الحرج عن الناس, إن الإسلام لم يوقع الناس في الضيق والمشقة, وفي وسط آيات الصوم ورد قوله تعالي( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)وهذه سمة عامة في كل شعائر الدين, بل في تنظيم أمور حياة الناس عموما, ومن القواعد الفقهية الكبري: المشقة تجلب التيسير. ماهي آليات النهوض بالدعوة الاسلامية وتجديد الخطاب الديني بما يتلاءم مع مستجدات وثقافة العصر الحديث؟ التجديد له جانب شكلي وآخر موضوعي; أما الشكلي فيتطلب من الدعاة الاستفادة من الميديا الرقمية ووسائل التواصل وحسن توظيفها مع الحرص علي الخطاب المعتدل الذي يجمع ولايفرق, يرفق بالناس ولا يشق عليهم, ويربطهم بحقائق الدين ومقاصده, وفي الجانب الموضوعي فإن التجديد يعني النظر في بعض القضايا بروح العصر, والتفريق بين ما هو من أصول الشرع وثوابته التي لا يجوز الخروج عليها بحال وبين ما هو مرتبط بواقع تاريخي او اجتماعي من اجتهادات السابقين مما يمكن التجديد فيه تبعا لاختلاف المجتمعات. هل هناك معوقات تواجة الدعوة والدعاة لنشر الفكرالوسطي المعتدل؟ أحيانا تطرد العملة الرديئة العملة الجيدة, والناس قد تميل إلي صاحب الآراء الغريبة أو صاحب الضجيج لكن في النهاية يجب وضع الامور في نصابها الصحيح وهنا يأتي دورالإعلام في تسليط الضوء علي أصحاب الاعتدال وألا يهتم بالفتاوي الشاذة حتي تموت في مهدها, بدلا من أن يتداولها الناس ويفتتنوابها. كيف نواجة الارهاب والفكرالمتطرف من صحيح القرآن؟ المقصود بالتطرف هو التمركز في طرف الشيء, والذي يأخذ بطرف الأمر سواء من جهة الإفراط أو التفريط مخالف لمنهج القرآن الذي جعل شعار الأمة هو التوسط والاعتدال, وكثيرة هي آيات القرآن الكريم التي تجعل من مقاصد الشرع التيسير ورفع الحرج والتخفيف عن الناس, إن القرآن كتاب سماوي موجه للبشر كافة, والخطاب فيه( يا أيها الناس)( يا بني آدم) ومن سور القرآن سورة الإنسان, فهي تخاطب الإنسان من حيث هو إنسان بغض النظر عن معتقده, وفيها قوله تعالي(ويطعمون الطعام علي حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) ومن الأسير؟ إنه من الأعداء المحاربين ومع هذا فإن القرآن يأمر بإكرامه ويجعل الفاعلين لذلك من الأبرارالمستحقين للدرجات العليا, والنبي محمد قد أرسله الله رحمة للعالمين وليس للمؤمنين فقط. إننا نحتاج إلي قراءة القرآن قراءة واعية مبصرة حتي ننتفع به ونواجه به أي آراء متطرفة بعيدة عن الصراط المستقيم. الشباب هم بناة المستقبل مانوع الخطاب الموجة إليهم؟ اهتم الإسلام بالشباب اهتماما بالغا; فهم الأمل في التغيير والإصلاح, وهم قاطرة البناء والتنمية, وإذا نظرنا في قصص القرآن وجدنا قدوات ونماذج صالحة متعددة للشباب; فالفتية من أهل الكهف حاولوا إصلاح مجتمعهم بالحسني, وإبراهيم بذل الجهد مع قومه ليغيرهم للأفضل, ويوسف قاوم المغريات وترفع عن الوقوع في الخطأ, ثم نسي مرارة الظلم واجتهد في رفع الأزمة الاقتصادية عن شعب مصر, وهذه كلها نماذج رائعة نحتاج أن نعرضها للشباب بحيث يثقون في أنفسهم ويجتهدون في إصلاح مجتمعاتهم بلا يأس أو قنوط.