أكد الدكتور أحمد عشماوي زيدان أستاذ التفسير وعلوم القرآن بالأزهر الشريف أن تجديد الخطاب الديني ظاهرة صحية وأن الاجتهاد أمر ضروري وأنه كان يحدث منذ عهد الرسول صلي الله عليه وسلم, وشدد علي أن المسيحيين والمسلمين شركاء في الوطن وأوصي بهم الرسول لان لهم رحما وذمة,مؤكدا أن الحرب علي الازهر مغرضة هدفها انزاله عن مكانته التاريخية. وشدد علي ان فكرة الاطاحة به لن تكون في مصلحة العالم الاسلامي بأسره, وأكد أن التصدي للجماعات المتطرفة يكون من خلال إصلاح العقول فكريا والاهتمام بقضية التعليم مشددا علي ان الجماعات الارهابية خرجت من عباءة الاخوان المسلمين, وحول العديد من القضايا الدينية كان لنا هذا الحوار. - كيف تري المشهد الديني حاليا في مصر؟ - المشهد الديني متخبط نظرا لوجود كثير من التفسيرات الاسلامية, وكل هذه التفسيرات لها خصائص معينة, كل تفسير ينبع من أيديولوجية معينة من صاحب الرأي, التخبط أحدث اضطرابا في الساحة الكلامية والوطنية, وبين حين وآخر يهل علينا رمز أو اسم لداعية معين يثير بعض الجدالات نظرا لتفسيراته الشخصية غير مراعين مصلحة البلد, ويحتاج ذلك للعودة للاصول الاسلامية والاخلاق الاسلامية في كيفية التعامل مع الآخرين والمخالفين حيث إن رحمة الاسلام في التعامل مع الآخرين شملت كل شيء سواء أهل الكتاب أو الكفار, فالقرآن أوصي بأهل الكتاب حتي في الحديث معهم, قال تعالي:( ولا تجادلوا أهل الكتاب الا بالتي هي أحسن), وقال تعالي( ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة, وجادلهم بالتي هي أحسن, إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) صدق الله العظيم, ولو كان أهل الكتاب في محل الكفر المطلق لأطلق الله عليهم كفارا بصريح العبارة, لكنه سماهم أهل الكتاب لتتسع المساحة في التعاملات مع المسلمين وغيرهم, ومن ثم كان من أواخر مانزل علي رسول الله صلي الله عليه وسلم, قال تعالي( يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم) صدق الله العظيم, من خلال هذه الآيات نستشف أن الله أودع عناية في كتابه بأهل الكتاب واوضح أن أكثرهم عداوة للمؤمنين اليهود وأن أقربهم مودة ورحمة للمسلمين هم المسيحيون, قال تعالي:(لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا, ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصاري ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون). - تجديد الخطاب الديني أصبح ضرورة ملحة فكيف يمكن أن يتم ذلك؟ - تجديد الخطاب الديني من المصطلحات التي طرأت علي الساحة منذ سنوات قريبة وأول من نادي بها الدكتور حمدي زقزوق وزير الاوقاف الاسبق لما طرأ علي الساحة الاسلامية من بعض الافكار التكفيرية وبعض النزعات العصبية والمتطرفة, واعتمد في هذه الدعوة علي حديث صحيح أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال( إن الله يبعث لأمتي علي رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها, فكلمة التجديد هنا ظاهرة صحية, فالحالة الصحية تقتصي أن يعيد الانسان حساباته وأن يعيد إعمال العقل والنظر في كل شيء وفي بعض المسائل الخلافية, وبالتالي هذه الدعوة لتجديد الخطاب الديني دعوة ليست منحرفة ولكنها عين الصواب, ذلك لان تجديد الخطاب الديني ليس معناه أننا نغير الدين سواء كان أصلا أو فرعا وإنما معناه تحديث آلية الخطاب من خلال العودة الي بعض الاصول التي ورثناها في التراث, وهذا الباب مفتوح منذ عصر الصحابة بل في عهد النبي صلي الله عليه وسلم فحينما أرسل الرسول معاذ بن جبل لليمن قال له بم تحكم إن عرض لك القضاء قال أحكم بكتاب الله فقال ان لم تجد قال بسنة رسول الله, فان لم تجد, قال أجتهد رأيي ولا آلو أي لا أقصر, فالاجتهاد مفتوح, وهذا الاجتهاد هو الذي جعل عمر بن الخطاب يقول لولا علي لهلك عمر لان علي بن أبي طالب كان قد فقه كثيرا من الامور والمستحدثات لم يفهمها أحد من الصحابة, ومن ثم يرشدنا هذا الموقف لضرورة الاجتهاد لمراعاة ما يستحدث من أمور الناس. - ما الدور الذي ينبغي أن تلعبه المساجد حاليا لنشر الوعي الديني ودرء الفتن؟ - لابد أن يكون من خلال أئمة وخطباء لديهم وعي وثقافة وإلمام بمشكلات الوطن وأوجاعه فالامام والخطيب والداعي مثل الطبيب لابد أن يشخص المرض جيدا ومن ثم عليه أن يحدد العلاج الملائم للداء وذلك من خلال القرآن والسنة وما كان عليه الصحابة والتابعين من قيم وأخلاق. - كيف تري الهجوم علي الأزهر وما أسبابه؟ الحرب علي الأزهر هي حرب مغرضة المقصود منها انزال الازهر عن مكانته التاريخية وبالتالي نزع الثقة منه ومحاولة ايجاد مناهج ومدارس أخري تفسر الشريعة الاسلامية, وهذا أمر خطير لانه ثبت تاريخيا أن كل المدارس الفكرية فشلت فشلا ذريعا لعدم أصالتها وعدم حياديتها, لكن الأزهر هو نور الله الوهاج الذي أهداه للامة الاسلامية كان وسيظل باقيا, لانه منهج لايهتم الا بالحق ولم نجد أبدا أيا من شيوخ الازهر تصارع علي سلطة أو حكم, وقد أجمعت جامعات العالم علي أن الأزهر الجامعة الوحيدة المعترف بها عالميا دينيا, والأزهر ليس به كما يدعي البعض من حض علي الفكر الارهابي والمتطرف بل إنه علي عكس ذلك يدعو إلي السماحة والتراحم بكل وسائله ويدعو للتعايش الانساني وفكرة الاطاحة بالأزهر ليست في مصلحة الدولة باسرها. - كيف يمكن التصدي فكريا للجماعات المتطرفة مثل داعش والقاعدة؟ - التصدي لا يكون إلا بأمر واحد وهو اصلاح العقول فكريا, فلا بد أن نهتم بقضية التعليم خاصة تعليم الاطفال وأن تراقب الدولة كل وسائل التربية والتعليم في المدارس أو الجامعات والمساجد, وعلي أولياء الامور أن يراقبوا تصرفات أولادهم وأصدقائهم ليجنبوهم الانضمام الي جماعات شاذة فكريا, وقال الامام علي العلم دين فلينظر أحدكم عمن يأخذ دينه, وعلي وسائل الاعلام أن تخصص وقتا لبرامجها لنشر الفكر الوسطي الصحيح فالاغتيالات والتفجيرات بدأت مع بداية الاخوان الذين تولدت منهم الجماعات المتطرفة فخرجت تلك الجماعات من عباءة الاخوان ولم يكن ذلك أبدا في مصلحة الاسلام مما أضر بصورته في الغرب حيث اعتبروا المسلمين ارهابيين وحاقدين وعبارة عن قنبلة تسير علي قدميها. - هل تري ضرورة لتنظيم عمل دعاة الفضائيات بعد انتشار فوضي الفتاوي وواقعة الشيخ عبد الجليل؟ - تنظيم عمل الدعاة لا يكون إلا من خلال لجنة علمية تعطي تصريحات, واقترح انشاء لجنة علمية تابعة للازهر الشريف تعطي تصريحات للدعاة في الفضائيات بعد إجراء اختبارات لافكارهم والتأكد من ابتعادهم عن التشدد, وعلي الأزهر أن يكون له غرفة عمليات خاصة للميديا الاعلامية من خلال الشباب المثقف في النواحي الالكترونية والتواصل الاجتماعي ويرصد للازهر ما يحدث علي الساحة, واقترح وجود متحدث باسم الازهر يبادر بتصحيح ما أخطأ فيه البعض من فتاوي مضللة. - ما رأيكم في معاقبة من يقوم بازدراء الاديان ونص القانون علي ذلك؟ - ازدراء الاديان جريمة بشعة لان الله تعالي قال:(لكم دينكم ولي دين) ونهي عن سب الذين يعبدون من دون الله حتي المشركين الاسلام نهي عن سبهم حتي نكسوا الاسلام بثوب جميل من الاحترام, وأنا مع القانون الذي يجرم من يثير الفتنة بين الاديان - هل من الافضل اخراج زكاة المال في رمضان؟ - هي منوطة بأمرين بلوغ النصاب وحولان الحول أي مرور عام كامل علي هذا النصاب اذا مر الحول لتكن الزكاة في وقتها, واستحب العلماء استخراج الزكاة في رمضان لما له من خصوصية ومضاعفة الحسنات به, وكثير من الناس يخرجون الزكاة علي هيئة مرتبات طول العام والاعمال بالنيات, وشنط رمضان تعد صدقات وليست زكاة حيث تخرج الزكاة مالا ويوضع في يد الفقير ليتصرف فيه كيفما يشاء. - ما أهم السلوكيات التي ينبغي أن يتحلي بها المسلم في رمضان؟ - الاقبال علي الله وقراءة القرآن ودراسته والجلوس في مجالس العلم والتفكر في مسائل العبادات وصلة الارحام والاجتهاد في العبادة وكان النبي صلي الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان.