رمضان شهر الحلم وكظم الغيظ وضبط النفس, فالصائم تهدأ نفسه ويسكن قلبه فيسيطرعلي مشاعره فلا يغضب ويثور لأتفه الأسباب بل يملك نفسه بالحلم والصفح متأثرا بصيامه فيعفو عن الزلات ويقابل الإساءة بالإحسان فلا يرد علي من سبه ولا يستفز فينتقم لنفسه مع قدرته علي رد الإيذاء بمثله لأن شعاره إني صائم أي: لا أستطيع أن أرد عليك لأني صائم وليس علي سبيل الجبن والخوف والضعف ولكن طاعة لله واتباعا لرسوله صلي الله عليه وسلم, وطلبا للأجر والثواب فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلي الله عليه وسلم قال الصيام جنة من النار فمن أصبح صائما فلا يجهل يومئذ وإن امرؤ جهل عليه فلا يشتمه ولا يسبه وليقل إني صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك رواه النسائي, فرمضان يربي ويعود المسلم علي التخلق بخلق الحلم, ذلك الخلق الذي يحبه الله تعالي, فلقد قال النبي صلي الله عليه وسلم- للأشج: إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم, والأناة رواه مسلم, والحلم وسيلة للفوز برضا الله وجنته; فقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: من كظم غيظا وهو قادر علي أن ينفذه, دعاه الله عز وجل علي رءوس الخلائق يوم القيامة, يخيره من الحور العين ما شاء رواه أبو داود, وقال الحسن رضي الله عنه: المؤمن حليم لا يجهل وإن جهل الناس عليه وتلا قوله تعالي وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما الفرقان الآية:63, وقيل لقيس بن عاصم: ما الحلم؟ قال: أن تصل من قطعك, وتعطي من حرمك, وتعفو عمن ظلمك وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك, ولكن الخير أن يكثر علمك ويعظم حلمك وقال الماوردي- رحمه الله تعالي-: الحلم من أشرف الأخلاق وأحقها بذوي الألباب لما فيه من سلامة العرض وراحة الجسد واجتلاب الحمد فهل نتعلم من رمضان الحلم ونمارسه بعد رمضان, فما أحوجنا إلي الحلم في بيوتنا بين الزوجة وزوجها وبين الولد وأبيه وبين الأخ وأخيه وما أحوجنا إلي الحلم في مجتمعنا بين الجار وجاره وبين البائع والمشتري وبين المعلم وطلابه والموظف مع الجماهير حتي يعيش المجتمع في سلام وأمان وراحة واطمئنان.