يرتبط تحقيق النصر سواء علي الأعداء او علي الشيطان او علي النفس بالتحلي بالصبر, تلك القيمة الإنسانية التي لو فقدها المسلم لا قدر الله لعجز عن تحقيق اي انجاز. والمتأمل في الشريعة الإسلامية يجد أنها دعت إلي العمل في قولة تعالي وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون وفي سورة العصر أقسم الله بالعصر الذي قيل هو عصر الشباب او الزمن في كل وقت بأن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق الذي هو تحقيق وانجاز كل عمل يشرف الإنسان ويسعده في الدنيا والآخرة وهذا الإنجاز الحقيقي يحتاج إلي صبر ولذلك ركزت الشريعة علي أهمية الصبر لأنه اذا فقد الصبر لم يقيموا الحق ولذلك أوصت بالتحلي بالصبر في قولة تعالي ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون( آل عمران:200) باعتبار الصبر صفة من الصفات المهمة التي ساعدت المسلمين في تحقيق كل انجاز وهذا ما تحتاجه مصر في الفترة الحالية لوجود مشروعات كبري عملاقة عالمية تتطلب من الجميع الصبرعليها والمشاركة فيها بإتقان العمل والالتزام بمعايير الجودة في كل المجالات الصناعية والزراعية والتجارية والتعليمية عن طريق الصبر لتحقيق النصر علي الغلاء و الفقر. في البداية يقول الدكتور محمد مطاوع من علماء الأوقاف إن النصر له علاقة وثيقة بالصبر لدرجة أن الصبر سبب من اسباب النصر لقوله تعالي ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون أي كنتم قليلي العدد وقولة ايضا إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلي الله فليتوكل المؤمنون(122) ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون(123) إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين(124) بلي إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين(125) وما جعله الله إلا بشري لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيمحيث يتحقق النصر بالصبر علي لقاء العدو والثبات علي قتاله لتكون النتيجة هي النصر فالشجاعة صبر ساعة ولولا صبر جنود مصر البواسل في حرب العاشر من رمضان وصمودهم وجلدهم وقوة تحملهم ماتحقق لهم النصر ولكن الله سبحانه وتعالي جعل النصر حليفا لهم وجزاءا علي صبرهم, وورد ان النبي صلي الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عباس وهو صغير يا غلام ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن ؟ فقلت: بلي, فقال: احفظ الله يحفظك, احفظ الله تجده أمامك, تعرف إلي الله في الرخاء يعرفك في الشدة, وإذا سألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله, قد جف القلم بما هو كائن, فلو أن الخلق كلهم جميعا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله, لم يقدروا عليه, وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك, لم يقدروا عليه, واعلم أن في الصبر علي ما تكره خيرا كثيرا, وأن النصر مع الصبر, وأن الفرج مع الكرب, وأن مع العسر يسرا ويوضح الدكتور محمد مطاوع أن الحق سبحانه وتعالي جعل الصبر قاسما مشتركا بين العبادات وجعله عميق الأثر في المعاملات الإنسانية فقرنه عز وجل بالصلاح فقال تعالي يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين ولأنها عماد الدين فهي تحتاج لصبر لقوله تعالي لنبيه صلي الله عليه وسلم وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها وقوله أيضا رب السموات والأرض, وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته فلابد من الصبر علي العبادة والصلاة, حيث يبعث الصبر علي الطمأنينة التي هي من فرائض الصلاة ولا تصح الصلاة إلا بها والحج أيضا يحتاج لصبر علي أداء المناسك, فالمسلم يطوف بالبيت سبعا ويسعي بين الصفا والمروة سبعا ويرمي الجمار ويقف بعرفات وكل هذا يحتاج لصبر في المناسك كاملة. والصوم في الأصل هو الصبر لأن المسلم يتحمل آلام الجوع والعطش ويحبس نفسه عن الشهوات والملذات وتساءل مطاوع عن سبب قوله تعالي واستعينوا بالصبر والصلاة ولم يقل استعينوا بالصبر والحج أو استعينوا بالصبر والحج مثلا؟ لأن المسلم عند نزول المصائب وحلول الشدائد يحتاج إلي صبر وصلاة فعندما يكون في الصلاة يحبس نفسه بالكلية فلا يلفت يمينا ولا شمالا ولا ينظر وراءه ولا يأكل ولا يشرب وإنما يكون مع الله بكليته فيسيطر علي حزنه وفزعه بالصلاة ساعتها يبعث الله الطمأنينة والسكينة والرضا في قلبه فيرضي بقضاء الله أما باقي الأركان الحج مثلا ربما التفت يمينا أو شمالا أو نظر والزكاة ربما أعطي ثم التفت لكن في الصلاة يحبس نفسه أما الصوم فهو في الأصل صبر وإمساك فلا يستعان مع الصبر بالصبر لذلك علي المسلم أن يسأل الله الصبر حتي يرزقه إياه لقوله تعالي لنبيه صلي الله عليه وسلم في سورة النحل واصبر وما صبرك إلا بالله فلن تصبر حتي يرزقك الله الصبر. لذا فإن بعد الصبر علي البلاء يأتي عظيم الجزاء وتكون المنح في طيات المحن, حيث قال تعالي لحبيبه صلوات الله عليه وسلامه اصبر وما صبرك إلا بالله فلا تحزن عليهم, ولا تك في ضيق مما يمكرون فأعطاه البشارة علي صبره بتفريج كربه فإن ضاقت به الأرض تتسع له السماء فقال تعالي سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي ولذلك كانت العلاقة بين النصر والصبر وثيقة ومن يتصبر يصبره الله وكان الصبر سببا من أسباب النصر لقوله تعالي ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة, فاتقوا الله لعلكم تشكرون(123) إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين(124) بلي إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين(125) وما جعله الله إلا بشري لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ويتحقق النصر بالصبر علي لقاء العدو والثبات علي قتاله فالشجاعة صبر ساعة ولولا صبر الجنود البواسل في حرب العاشر من رمضان وجلدهم وقوة تحملهم ما تحقق النصر, ولكن جعل الحق تبارك وتعالي النصر حليفا لهم وجزاء علي صبرهم. ويقول الشيخ محمد عيد كيلاني مدير عام المساجد الحكومية بوزارة الأوقاف إن عزم الأمور جملة وردت في القرآن الكريم في3 مواضع الأول في سورة آل عمران في قوله تعالي لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذي كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور والموضع الثاني في سورة لقمان في قوله تعالي حاكيا علي لسان لقمان وهو يعظ ابنه في قوله تعالي يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر علي ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور والثالث في سورة الشوري في قوله تعالي ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور والمطالع للآيات الثلاث يجد أنها ترتبط برباط وثيق لأنها توجه الإنسان عموما إلي الصبر والتحمل والرضا بالقضاء والقدر, وتحدثت آية آل عمران عن البلاء في النفس والمال وحدثت علي تحمل إيذاء الناس وبينت أن العافية لمن صبر وتحمل كذلك نجد أن وصية لقمان جامعة لكل خير في تحمل مشقة العبادة والأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر والصبر علي المكاره والشدائد وأكدت أن ذلك من عزم الأمور, ويؤكد الخالق سبحانه وتعالي في سورة الشوري أن الذين يتحملون ويصبرون ويغفرون ويتجاوزون عن أخطاء الغير كل ذلك يعد من عزم الأمور التي تحتاج إلي عزيمة قوية وصبر وتحمل لأنها قاسية علي النفس البشرية فمن تحملها برضا وقام بأدائها بتجرد عد ذلك من عزم الأمور وجزاء ذلك الثواب عليها بغير حساب. ويضيف الدكتور محمد ابو ستيت من علماء وزارة الأوقاف أن العزم هو عقد النية علي العمل والثبات علي ذلك والأمور: جمع أمر وهي الخلال والصفات ومعني عزم الأمور: أي الأمور التي يحتاج الانسان في عملها إلي عزم, لأنها تخالف طبائع النفوس وهو وصف يقتضي المدح حين تقول لشخص عفا عن آخر( ذلك من عزم الأمور) فأنت تمدحه بمعني كأنك تقول له: أنت بطل حين صبرت وعفوت وكظمت غضبك, ويكون عزم الأمور لمن راقب الله عز وجل وعلم حقيقة ما أعده الله لمن اتصف بهذه الصفة فجاهد نفسه ووضع الله نصب عينيه والمواضع التي وردت فيها هذه العبارة عزم الأمور في القرآن الكريم إنما هي مواضع لا يقدر علي الصبر فيها كل أحد, فمن وضع المخلوق نصب عينيه رد عليه أذاه وعاقبه بمثل عقابه ومن استشعر عظمة الخالق ووعده للصابر خضعت نفسه للصبر واستحق الثواب الذي أعده الله لأصحاب العزيمة العالية ولأن عزم الأمور يقتضي الصبر فإن الثواب الذي أعده الله لأصحاب العزيمة العالية مماثل إن لم يكن هو ثواب الصابرين والصبر ليس له ثواب إلا الجنة. ويوضح الدكتور صابر عبد الدايم عميد كلية اللغة العربية الأسبق بجامعة الأزهر أن الإسلام يربي أتباعه علي تحمل المشاق ويعودهم علي المسئولية, ولذلك يوصي بأن يكون المسلم قويا لأن المؤمن القوي أحب إلي الله وخير من المؤمن الضعيف وكل خير والقوة المقصود بها الإرادة والعزيمة يسبقهما الهمة للإنجاز والطموح لأن كل من هذه الأمور تحتاج إلي صبر وعدم يأس حتي يتحقق النصر علي النفس والشيطان ومن ثم تتحقق السعادة في الدنيا والآخرة لقوله تعالي إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون وحينما أراد الحق سبحانه وتعالي ان يواسي رسوله الكريم بعد موت عمه حمزة قال تعالي وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين(126) واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون(127) إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ولذلك ورد الصبر في القرآن72 مرة ولذا يجد المتأمل ان الصبر قيمة انسانية يجب التحلي بها لأن الإنسان بدون الصبر لا يتقن عمله ولايصل للجودة في أي مجال من مجالات الحياة المختلفة وهذه الجودة مطلب ديني لقوله صلي الله علية وسلم إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه وهذا الإتقان يحتاج إلي صبر وتخطيط واستراتيجية حتي يتحقق للمجتمع بأكمله مايرغب في الوصول إليه من رفاهية وسعادة في الدارين. ولذلك دعت الشريعة الإسلامية إلي العمل, قال تعالي وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون وفي سورة العصر أقسم بالعصر الذي قيل هو عصر الشباب أو الزمن في كل وقت بأن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق الذي هو انجاز كل عمل يشرف الإنسان ويسعده في الدنيا والآخرة وهو مقرون بالإيمان وهذا الإنجاز الحقيقي يحتاج إلي صبر ولذلك ركزت الشريعة علي أهمية الصبر لأنه اذا فقد الصبر لم يقيموا الحقولذلك اوصت بالتحلي بالصبر عند نزول الكوارث في قوله تعالي ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون فكانت صفة الصبر من الصفات الهامة للمسلمين الأوائل لما لها من ارتباط وثيق بتحقيق كل انجاز من صبر علي العمل وحصول النتائج وهذا ما تحتاجه مصر في الفترة الحالية نظرا لوجود مشروعات كبري عملاقة عالمية سوف تحدث نهضة وقفزة في كل مناحي الحياة في البلاد والناس مطلوب منهم المشاركة في هذه الإنجازات والصبر علي نتائجها واتقان العمل والالتزام بمعايير الجودة في كل المجالات الصناعية والزراعية والتجارية والتعليمية عن طريق الصبر ولعل هذه الكلمة الاسلامية هي من عوامل الجودة وإتقان العمل وسر التخطيط للمستقبل لكل انسان في أي مجال حتي الطالب لكي يحصل علي الدرجات التي يرغبها. ويتحصل المسلم علي الصبر بالثقة في الله وانه لن يتخلي عنه لقولة تعالي إني جزيتهم اليوم بماصبروا أنهم هم الفائزون حيث وعد ابالفوز في الدنيا والآخرة بما صبروا وتحملوا من أذي وعلي المؤمن ان يسعي ويجتهد ويأخذ بالأسباب ويقدم ماعليه من واجبات وليس معني الصبر ان يقف مكتوف الأيد لأن التحلي بالصبر واتقان العمل وتحقق الجودة هو سر تقدم الغرب رغم أنه مطلب اسلامي لتحقيق النصر والسعادة للجميع في الدنيا والآخرة.