«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. مجدي عاشور ... اجتراء الأدعياء واتخاذهم رؤوسا ومراجع يخلط المفاهيم ويفتح أبواب الفتن
هذه هي المهلكات السبعة التي اجتمعت في التيارات المتشددة .. الجماعات المتطرفة من حيل الشيطان
نشر في الأهرام المسائي يوم 29 - 05 - 2017

هناك حقيقة تؤكد دائما أن تكوين الفرق والجماعات المتطرفة من حيل الشيطان وتلاعبه بالجهلة لتفريق الأمة وتمزيقها, ومن ثم ندرك ماهية ورسالة ما نشهده واقعا في العقود الأخيرة من تنامي التيارات المتشددة وشيوع الأفكار المتطرفة, التي ظهرت علي الساحة متفرقة متشرذمة,
فكل جماعة تتبني فكرة مختلفة, واسما مختلفا, وطريقة مختلفة تتراشق فيما بينها بالشتائم والنقائض ولا شك أن هذا الواقع الأليم جلب أثارا سيئة علي التدين الصحيح, الذي يدين به السواد الأعظم من أمة الإجابة والذي رسخه الأئمة العاملون عبر القرون, ومن ثم صنعت صورة مشوهة للإسلام وأهله تلقفها أعداء الإسلام لتنفير العالمين من هذا الدين السمح الذي إذا خالطت بشاشته القلوب لا يسخطه أحد, ذلك لأن هذه التيارات سواء مهلكات للفرد والطوائف والمجتمعات حول أساليب مواجهة التيارات المتشددة والفكر المتطرف, والأمور المهلكات التي تجتمع في هذه الفرق يحدثنا الدكتور مجدي عاشور المستشار الأكاديمي لمفتي الجمهورية.. كما يتطرق الحوار إلي الخطاب الديني, وتصحيح المفاهيم المغلوطة وغيرها مما تبوح به الأسطر التالية.
ما هي الأمور المهلكات للفرد والمجتمع التي اجتمعت في التيارات المتطرفة؟!
هذه الامور سبعة وهي تخويف الناس وإرجافهم وإرهابهم, الاستناد في هذا التخويف بهتانا إلي شرع ربهم, شق صفوف الناس وتفريقهم, إشعار الناس بأنهم كالأسري والغرباء في أوطانهم, المسارعة إلي تفسيق الناس وتبديعهم وتكفيرهم, ادعاء امتلاك الحقيقية في الأمور الاجتهادية لشرذمة دون غيرهم, صم الأذن عن قبول النصيحة من غير المنتسب اليهم.
ومن ذلك ندرك خطر هذه التيارات المتشددة وشناعة مرتكزات الفكر المتطرف الذي يضر الإسلام وأهله, فهو ينفر الناس من التكاليف الشرعية, ويشق علي صاحبة الاستمرار عليه, فيفتر ويفقد مصداقيته امام من عرفوه, كما أنه يضر بالتوازن المطلوب في شخصية المسلم, ويضاف إلي ذلك تعصب المتطرف إلي رأيه وجموده عليه وعدم اعترافه بالآخر كما قدمت.
وما هو المطلوب علي سبيل الضرورة الملحة لإحكام السيطرة علي هذا الخطر الداهم؟!
ولا شك أن هذا الوباء الخطير لابد أن تتضافر في معالجته كل مؤسسات التربية والتثقيف من التعليم, والإعلام, والثقافة, والبيت والأسرة فضلا عن المؤسسات الدينية وأجهزة الدولة المختلفة لأن أبعاده تشمل المجالات المختلفة ثقافيا واجتماعيا وأمنيا وسياسيا ويجب ان تتضافر جهود الدولة ومؤسساتها للتصدي للفكر المتشدد والمتطرف ومحاربته ومحاربة من يروج له, بل لابد من وجود آلية تكشف دعاته والمحرضين له, كما يمكن للدولة أن تتدخل من خلال مؤسساتتها الدينية والتعليمية والثقافية والإعلامية لتكثيف الحضور الثقافي في الأوساط الاجتماعية, وفتح قنوات الحوار وأدوات التواصل مع الشباب, لعرض ما لديهم من أفكار وتفند الشبهات وبيان أوجه الحق في كل المسائل وتبادل وجهات النظر, مع وجوب عمل استراتيجية كاملة وشاملة تهدف إلي تكييف منابع التيارات المتشددة بفكرها المتطرف.
وكيف يكون منظور التطوير للمؤسسات الدينية والثقافية من وجهة نظركم؟!
ينبغي أن يكون هناك رؤية واضحة تمتلكها كل مؤسسة أو هيئة عاملة في الحقل الديني والثقافي, سواء في المناهج أو في الخدمات, حتي تكون هذه المؤسسات والهيئات متطورة من حيث الاستثمار الأمثل لمواردها وإمكاناتها, وذلك من خلال مضاعفة الإنفاق علي مشروعات البحث العلمي الأساسية والتطبيقية, خاصة تلك التي تواكب المستجدات العصرية والتكنولوجية, وتسهم في تشجيع الإبداع والابتكار والتميز, وكذلك زيادة الإيرادات وضبط النفقات في جميع المجالات, مع دعم تحسين الأداء والإنتاج, والعمل علي اعتماد نظم فعالة لمؤشرات النجاح في كل المجالات الأكاديمية والإدارية والمالية تحقيق مضامين الجودة الشاملة, مما يمكنها من القيام بدورها المنوط بها في نشر الوعي والمعرفة.
وباي شيء تتحقق مضامين الجودة الشاملة التي تمكن المؤسستين الدينية والثقافية من نشر الوعي والمعرفة؟!
إن مواجهة تيارات التطرف والتشدد الفكرية لابد أن تنطلق من مبدأ المحافظة علي الوعي ونشر الفهم الصحيح في المحتمع, وكما أن هذا الأمر يتطلب جهودا دءوبة من المؤسسات والمعرفة؟! الرسمية, يتطلب أيضا من العلماء المشهود لهم بالكفاءة والخبرة والثقة أن يتقدموا الصفوف في نشر الفكر الصحيح, والبدء في برامج إعادة تأهيل الشباب الذين سقطوا في براثن التطرف والتشدد, وإعادة أي عمليات تجنيد جديدة من خلال حملات التوعية والبرامج الإرشادية والدروس واللقاءات الدينية, مع استحداث وسائل جديدة تواكب العصر.
ماهو المقصود بالأمن الفكري وكيف يتحقق للمجتمعات؟!
أعطي الإسلام أمن المجتمعات الفكري الاهتمام البالغ, فقد جعله من أعظم مقاصد الشريعة, إذ به يتحقق حفظها, وهو مفتاح تحقيق العزة والخيرية للأمة الإسلامية, وبه تبني الأمم وتنهض, وأي إخلال به إخلال بالجانب السلوكي والاجتماعي والسياسي لها, وقد عرف الجرجاني الأمن بقوله: عدم توقع مكروه في الزمان الآتي.
أما المقصود بالأمن الفكري للمجتمع فخلاصة ماجاء في تعريفه: أن يسعي إلي تحقيق الحماية التامة لفكر الإنسان من الانحراف أو الخروج عن الوسطية والاعتدال, وأنه يعني بحماية المنظومة العقدية والثقافية والاخلاقية والأمنية في مواجهة كل فكر أو معتقد منحرف أو متطرف ومايتبعه من سلوك.
ولاشك أن وسائل تحقيق الأمن الفكري للمجتمعات تتلخص في دعم المؤسسات العلمية المتمثلة في الأزهر الشريف, وهو المظلة الكبري التي تحمل مشاعل الإسلام عبر القرون, وكذلك وزارة الأوقاف ودار الإفتاء, ومن ثم ينتشر فكر الوسطية في المجتمع حتي نحافظ علي المنظومة العقدية والثقافية والأخلاقية فيه.
وبماذا نحصن المجتمع من أهل التشدد الذين يقللون من شأن المؤسسات الإسلامية العربية كالأزهر والافتاء والأوقاف؟!
يتعمد أهل التشدد والتطرف التقليل من شأن هذه المؤسسات العريقة, فضلا عن هجرها والدعوة إلي صنع هيئات ومرجعيات موازية لها, وقد تكفلت تلك الهيئات والمرجعيات المتطرفة بإبعاد المقلد لتعاليمها عن الملامح الواضحة السوية التي تميز جماعة المسلمين هوية ومظهرا,
لذا بات من الضروري تحصين المجتمع من أي تشدد وانحراف فكري من خلال برامج ومناهج التعليم, وخطب الجمع والمناسبات الوطنية والدينية, وعقد المحاضرات والندوات والمؤتمرات التي تستهدف الموضوعات المثارة بين شرائح الشباب, والاهتمام بالمواد الإعلامية( مرئية مسموعة مقروءة) التي تغرس منظومة القيم الدينية والوطنية وترسخ العادات الأصيلة
وكيف نغرس منظومة القيم الدينية والوطنية وترسيخ العادات الاصيلة عند الشباب؟!
مما لا شك فيه أن الخطاب الديني والثقافي الذي يصدر عن غير المتخصصين يثير البلبلة في المجتمع, ويساعد علي إشاعة الفرقة والاختلاف بين أبناء الوطن الواحد بل بين أفراد الأسرة الواحدة, لأن اجتراء الأدعياء واتخاذهم رءوسا ومراجع يدخل علي الناس اللبس والتشويش في دينهم, فتختلط لديهم المفاهيم والأمور العلمية والشرعية, وتفتح عليهم أبواب الفتن, خاصة مع دينهم, فتختلط لديهم المفاهيم والأمور العلمية والشرعية, وتنفتح عليهم أبواب الفتن, خاصة مع شيوع الأمية الدينية بين أفراد الأمة, بالإضافة إلي مؤامرات الأعداء.
من أجل ذلك كله يستدعي النظر والعقل والعلم والحكمة والواقع قصر التحدث في الخطابين الديني والثقافي علي أهلهما, من المشهود لهم بالكفاءة والجدارة, تحقيقا للأمر الوارد في قوله تعالي:( ولو ردوه إلي الرسول وإلي أولي الأمر منهم) ولا شك أن تحري ذلك وتطبيقه هو من عزائم الأمور, ومن ثم نحقق الاجتماع علي آراء العلماء الراسخين, حتي نحمي المجتمع وثوابته من التطرف والشذوذ في الأقوال وفي الفتاوي.
ولماذا طغي علي السطح خطاب شابه بعض من الافراط والتفريط علي حد سواء خلال الفترة الماضية؟!
نعم ظهرت أصوات كثيرة في الأونة الأخيرة في مجال الدعوة عبر الوسائل والأنماط المختلفة, أن جملة كبيرة منها لم تتوفر فيهم شروط خطاب الوسطية, بل لم تلق لذلك بالا من الأساس ثم قل ظهور أصحاب ميزان الوسطية العادل, فانتشر خطاب شابه شيء من التفريط والإفراط علي حد سواء, ونتج عنه اختلال في الرؤية والعرض والنتجة.
ووصل الأمر إلي ان تيارات التطرف وأهل التشدد استهدفوا علماء الأمة ولمزهم وتصفيتهم جسديا ومعنويا, لأنهم يمثلون رجال التنوير والتجديد, فهم نسخ فريدة غير متكررة, لجمعهم بين المعرفة الواسعة والإلمام الدقيق بمناهجها ومسائلها, والتحلي بقيمها الروحية والسلوكية وإشعاعاتها الثقافية والاجتماعية, وما كان ذلك إلا أن هؤلاء المجرمين يهدفون إلي خلو الساحة لهم ولأفكارهم المتطرفة والإرهابية, فكانوا سببا ظاهرا في التعجيل بقبض العلم والعلماء.
ورغم التزام هؤلاء الأكابر بالعلم والحكمة ومراعاة أدبيات الحوار في تقنيد مزاعم تيارات التطرف وموجات التشدد, وتبصير الناس بأمور دينهم وفق منهج الوسطية والاعتدال الذي لا يحملهم علي الإفراط والشدة ولا يذهب بهم إلي التفريط والانحلال, فقد عاجلهم هؤلاء المتطرفون علي مدي تاريخهم بمحاولات القتل والتصفية جراء قيامهم بواجب وقتهم ومسئوليتهم تجاه دينهم وأوطانهم, خاصة في تحديد المفاهيم وضبطها.
إذا ما أهم تحديات منهج الوسطية وخطاب وأهله؟!
تبرز أهم المشكلات والتحديات التي تواجه منهج الوسطية وخطابه وأهله القائمين به, وهي كما هو ظاهر في الآونة الأخيرة تتلخص في: تصفية علمائه وحاملي مشاعله واغتيالهم معنويا, وتحرير المفاهيم وتحديدها بعد أن شابها كثير من الأخطاء والخطايا التي تعمدت الأفكار المتطرفة في تشويهها وليها بما يخدم تطلعاتها الآثمة وأهوائها المنحرفة, مما أدي إلي إشاعج تلك المفاهيم التي تحمل منظومة القيم بصورة مغايرة عما هي عليه في صحيح الدين.
كثر الجدل واللفظ حول كيفية التعامل مع التراث.. من وجهة نظركم.. كيف يكون؟!
ينبغي علي من يتعامل مع التراث أن يكون تعامله متزنا يحفظ التمييز بين ما هو مقدس لدي المسلمين المتمثل في الأصليين المنزهين الكتاب والسنة, وبين ما هو محترم لديهم, وهو سائر التراث الذي جد المسلمون في إنتاجه من علوم وفكر وفقه ورؤي وواقع تاريخي ملموس.
ولا ريب فإن هذا التراث الخالد تتعدد سماته وتتنوع خصائصه, نظرا لتشعب جوانبه الفكرية والنصية والعرفانية, ولتضمنه علوما مختلفة, شرعية وطبيعية وأدبية, وامتداده زمنيا مدة ثلاثة عشر قرنا, وتنوعه في درجات التوثيق, وأنه نتاج فكري بشري نسبي زمني قابل للأخذ والرد, وأنه عالمي. ومن ذلك فلابد من فهمه صحيحا, وهذا لا يتأتي إلا بالإلمام بخمسة حدود ومراعاتها, وهي:
اللغة العربية, وتمثل وعاء المنطق العربي.
الإجماع, ويلزم عدم تجاهله أو خرقه.
المقاصد الكلية من حفظ الدين والنفس والعرض والعقل والمال.
النموذج المعرفي المتمثل في الإلمام بعناصر التكوين العقلي.
المبادئ العامة للشرع الشريف.
كما أنه تتجلي المنهجية الوسطية للتعامل مع هذا التراث في: التعامل المنهجي, الذي نبعد فيه عن القبول المطلق, أو الرفض المطلق, أو الانتقاء العشوائي, التعامل التكاملي, في جوانبه الفكرية والنصية والعرفانية, ومصادره التي تعالج نواحيه المختلفة, وأزمنته وعلومه المتنوعة, التعامل الإحيائي, بالبحث والتفتيش عن مناهجه, للاستفادة منها وصياغتها وبيان كيفية تشغيلها في ظل مقتضيات عصرنا, التعامل العادل, ويراعي فيه الابتعاد عن نزع التراث عن زمنه وظرفه التاريخي وقياسه بمفاهيم عصرنا ومصطلحاته, خدمة التراث نشرا وتحقيقا وتقريبا واختصارا وفهرسة, واستعمال تقنيات العصر لذلك, وتصنيف العلوم وموسوعات المصطلحات لمزيد الاستفادة منه ومنع العوائق التي تفصلنا عنه,
ووضع المعيار الذي به يتم تقويم التراث والتعامل معه, وهذا المعيار يتمثل في مصدري المعرفة عند المسلمين علي مر العصور, الوحي( الكتاب والسنة), والوجود( الكون والإنسان والحياة), وهما المعبر عنهما أيضا بالنقل والعقل, أو النص والواقع, أو الكتاب المسطور والكتاب المنظور, وهذا المعيار هو الذي نقيس به الوارد من الإنتاج البشري فنقبل أو نرفض.
يستفيد أهل التطرف من الوسائل التكنولوجية وإمكاناتها لترويج أفكارهم الهدامة وغيرها.. فماذا علينا أن نعد؟!
لا يخفي اتجاه التيارات المتشددة وأهل التطرف نحو الاستفادة من جميع الوسائل التكنولوجية الحديثة بشتي السبل والإمكانات, حتي يعرضوا أفكارهم وينشروا مرتكزاتهم الحركية علي أوسع نطاق, كما يجتهدون في تهيئة المجتمع للفوضي ولأفكارهم الإرهابية حتي ولو في العالم الافتراضي من خلال التحريض والتهييج وبث الشائعات, حتي يستميلوا قلوب وعقول الرأي العام, خاصة الشباب من الجنسين, وجرهم لطريق التشدد والتطرف.
وهذا يقتضي ضرورة متابعة ورصد وتحليل ومواجهة هذه الأفكار والآراء المتشددة التي تحدث بلبلة في المجتمع وفق المنهج العلمي الصحيح, بقصد تنقية وتصحيح وتصويب الساحة الدينية مما أصابها من ظواهر التكفير والتطرف وتطويع الآراء الدينية لخدمة أهداف خبيثة, فضلا عن عدم ترك فراغ لهؤلاء يتحركون فيه, فالعالم لا يعرف الفراغ.
د. مجدي عاشور ... اجتراء الأدعياء واتخاذهم رؤوسا ومراجع يخلط المفاهيم ويفتح أبواب الفتن
هذه هي المهلكات السبعة التي اجتمعت في التيارات المتشددة .. الجماعات المتطرفة من حيل الشيطان
إشراف: علي الشناوي
هناك حقيقة تؤكد دائما أن تكوين الفرق والجماعات المتطرفة من حيل الشيطان وتلاعبه بالجهلة لتفريق الأمة وتمزيقها, ومن ثم ندرك ماهية ورسالة ما نشهده واقعا في العقود الأخيرة من تنامي التيارات المتشددة وشيوع الأفكار المتطرفة, التي ظهرت علي الساحة متفرقة متشرذمة, فكل جماعة تتبني فكرة مختلفة, واسما مختلفا, وطريقة مختلفة تتراشق فيما بينها بالشتائم والنقائض ولا شك أن هذا الواقع الأليم جلب أثارا سيئة علي التدين الصحيح, الذي يدين به السواد الأعظم من أمة الإجابة والذي رسخه الأئمة العاملون عبر القرون, ومن ثم صنعت صورة مشوهة للإسلام وأهله تلقفها أعداء الإسلام لتنفير العالمين من هذا الدين السمح الذي إذا خالطت بشاشته القلوب لا يسخطه أحد, ذلك لأن هذه التيارات سواء مهلكات للفرد والطوائف والمجتمعات حول أساليب مواجهة التيارات المتشددة والفكر المتطرف, والأمور المهلكات التي تجتمع في هذه الفرق يحدثنا الدكتور مجدي عاشور المستشار الأكاديمي لمفتي الجمهورية.. كما يتطرق الحوار إلي الخطاب الديني, وتصحيح المفاهيم المغلوطة وغيرها مما تبوح به الأسطر التالية.
ما هي الأمور المهلكات للفرد والمجتمع التي اجتمعت في التيارات المتطرفة؟!
هذه الامور سبعة وهي تخويف الناس وإرجافهم وإرهابهم, الاستناد في هذا التخويف بهتانا إلي شرع ربهم, شق صفوف الناس وتفريقهم, إشعار الناس بأنهم كالأسري والغرباء في أوطانهم, المسارعة إلي تفسيق الناس وتبديعهم وتكفيرهم, ادعاء امتلاك الحقيقية في الأمور الاجتهادية لشرذمة دون غيرهم, صم الأذن عن قبول النصيحة من غير المنتسب اليهم.
ومن ذلك ندرك خطر هذه التيارات المتشددة وشناعة مرتكزات الفكر المتطرف الذي يضر الإسلام وأهله, فهو ينفر الناس من التكاليف الشرعية, ويشق علي صاحبة الاستمرار عليه, فيفتر ويفقد مصداقيته امام من عرفوه, كما أنه يضر بالتوازن المطلوب في شخصية المسلم, ويضاف إلي ذلك تعصب المتطرف إلي رأيه وجموده عليه وعدم اعترافه بالآخر كما قدمت.
وما هو المطلوب علي سبيل الضرورة الملحة لإحكام السيطرة علي هذا الخطر الداهم؟!
ولا شك أن هذا الوباء الخطير لابد أن تتضافر في معالجته كل مؤسسات التربية والتثقيف من التعليم, والإعلام, والثقافة, والبيت والأسرة فضلا عن المؤسسات الدينية وأجهزة الدولة المختلفة لأن أبعاده تشمل المجالات المختلفة ثقافيا واجتماعيا وأمنيا وسياسيا ويجب ان تتضافر جهود الدولة ومؤسساتها للتصدي للفكر المتشدد والمتطرف ومحاربته ومحاربة من يروج له, بل لابد من وجود آلية تكشف دعاته والمحرضين له, كما يمكن للدولة أن تتدخل من خلال مؤسساتتها الدينية والتعليمية والثقافية والإعلامية لتكثيف الحضور الثقافي في الأوساط الاجتماعية, وفتح قنوات الحوار وأدوات التواصل مع الشباب, لعرض ما لديهم من أفكار وتفند الشبهات وبيان أوجه الحق في كل المسائل وتبادل وجهات النظر, مع وجوب عمل استراتيجية كاملة وشاملة تهدف إلي تكييف منابع التيارات المتشددة بفكرها المتطرف.
وكيف يكون منظور التطوير للمؤسسات الدينية والثقافية من وجهة نظركم؟!
ينبغي أن يكون هناك رؤية واضحة تمتلكها كل مؤسسة أو هيئة عاملة في الحقل الديني والثقافي, سواء في المناهج أو في الخدمات, حتي تكون هذه المؤسسات والهيئات متطورة من حيث الاستثمار الأمثل لمواردها وإمكاناتها, وذلك من خلال مضاعفة الإنفاق علي مشروعات البحث العلمي الأساسية والتطبيقية, خاصة تلك التي تواكب المستجدات العصرية والتكنولوجية, وتسهم في تشجيع الإبداع والابتكار والتميز, وكذلك زيادة الإيرادات وضبط النفقات في جميع المجالات, مع دعم تحسين الأداء والإنتاج, والعمل علي اعتماد نظم فعالة لمؤشرات النجاح في كل المجالات الأكاديمية والإدارية والمالية تحقيق مضامين الجودة الشاملة, مما يمكنها من القيام بدورها المنوط بها في نشر الوعي والمعرفة.
وباي شيء تتحقق مضامين الجودة الشاملة التي تمكن المؤسستين الدينية والثقافية من نشر الوعي والمعرفة؟!
إن مواجهة تيارات التطرف والتشدد الفكرية لابد أن تنطلق من مبدأ المحافظة علي الوعي ونشر الفهم الصحيح في المحتمع, وكما أن هذا الأمر يتطلب جهودا دءوبة من المؤسسات والمعرفة؟! الرسمية, يتطلب أيضا من العلماء المشهود لهم بالكفاءة والخبرة والثقة أن يتقدموا الصفوف في نشر الفكر الصحيح, والبدء في برامج إعادة تأهيل الشباب الذين سقطوا في براثن التطرف والتشدد, وإعادة أي عمليات تجنيد جديدة من خلال حملات التوعية والبرامج الإرشادية والدروس واللقاءات الدينية, مع استحداث وسائل جديدة تواكب العصر.
ماهو المقصود بالأمن الفكري وكيف يتحقق للمجتمعات؟!
أعطي الإسلام أمن المجتمعات الفكري الاهتمام البالغ, فقد جعله من أعظم مقاصد الشريعة, إذ به يتحقق حفظها, وهو مفتاح تحقيق العزة والخيرية للأمة الإسلامية, وبه تبني الأمم وتنهض, وأي إخلال به إخلال بالجانب السلوكي والاجتماعي والسياسي لها, وقد عرف الجرجاني الأمن بقوله: عدم توقع مكروه في الزمان الآتي.
أما المقصود بالأمن الفكري للمجتمع فخلاصة ماجاء في تعريفه: أن يسعي إلي تحقيق الحماية التامة لفكر الإنسان من الانحراف أو الخروج عن الوسطية والاعتدال, وأنه يعني بحماية المنظومة العقدية والثقافية والاخلاقية والأمنية في مواجهة كل فكر أو معتقد منحرف أو متطرف ومايتبعه من سلوك.
ولاشك أن وسائل تحقيق الأمن الفكري للمجتمعات تتلخص في دعم المؤسسات العلمية المتمثلة في الأزهر الشريف, وهو المظلة الكبري التي تحمل مشاعل الإسلام عبر القرون, وكذلك وزارة الأوقاف ودار الإفتاء, ومن ثم ينتشر فكر الوسطية في المجتمع حتي نحافظ علي المنظومة العقدية والثقافية والأخلاقية فيه.
وبماذا نحصن المجتمع من أهل التشدد الذين يقللون من شأن المؤسسات الإسلامية العربية كالأزهر والافتاء والأوقاف؟!
يتعمد أهل التشدد والتطرف التقليل من شأن هذه المؤسسات العريقة, فضلا عن هجرها والدعوة إلي صنع هيئات ومرجعيات موازية لها, وقد تكفلت تلك الهيئات والمرجعيات المتطرفة بإبعاد المقلد لتعاليمها عن الملامح الواضحة السوية التي تميز جماعة المسلمين هوية ومظهرا,
لذا بات من الضروري تحصين المجتمع من أي تشدد وانحراف فكري من خلال برامج ومناهج التعليم, وخطب الجمع والمناسبات الوطنية والدينية, وعقد المحاضرات والندوات والمؤتمرات التي تستهدف الموضوعات المثارة بين شرائح الشباب, والاهتمام بالمواد الإعلامية( مرئية مسموعة مقروءة) التي تغرس منظومة القيم الدينية والوطنية وترسخ العادات الأصيلة
وكيف نغرس منظومة القيم الدينية والوطنية وترسيخ العادات الاصيلة عند الشباب؟!
مما لا شك فيه أن الخطاب الديني والثقافي الذي يصدر عن غير المتخصصين يثير البلبلة في المجتمع, ويساعد علي إشاعة الفرقة والاختلاف بين أبناء الوطن الواحد بل بين أفراد الأسرة الواحدة, لأن اجتراء الأدعياء واتخاذهم رءوسا ومراجع يدخل علي الناس اللبس والتشويش في دينهم, فتختلط لديهم المفاهيم والأمور العلمية والشرعية, وتفتح عليهم أبواب الفتن, خاصة مع دينهم, فتختلط لديهم المفاهيم والأمور العلمية والشرعية, وتنفتح عليهم أبواب الفتن, خاصة مع شيوع الأمية الدينية بين أفراد الأمة, بالإضافة إلي مؤامرات الأعداء.
من أجل ذلك كله يستدعي النظر والعقل والعلم والحكمة والواقع قصر التحدث في الخطابين الديني والثقافي علي أهلهما, من المشهود لهم بالكفاءة والجدارة, تحقيقا للأمر الوارد في قوله تعالي:( ولو ردوه إلي الرسول وإلي أولي الأمر منهم) ولا شك أن تحري ذلك وتطبيقه هو من عزائم الأمور, ومن ثم نحقق الاجتماع علي آراء العلماء الراسخين, حتي نحمي المجتمع وثوابته من التطرف والشذوذ في الأقوال وفي الفتاوي.
ولماذا طغي علي السطح خطاب شابه بعض من الافراط والتفريط علي حد سواء خلال الفترة الماضية؟!
نعم ظهرت أصوات كثيرة في الأونة الأخيرة في مجال الدعوة عبر الوسائل والأنماط المختلفة, أن جملة كبيرة منها لم تتوفر فيهم شروط خطاب الوسطية, بل لم تلق لذلك بالا من الأساس ثم قل ظهور أصحاب ميزان الوسطية العادل, فانتشر خطاب شابه شيء من التفريط والإفراط علي حد سواء, ونتج عنه اختلال في الرؤية والعرض والنتجة.
ووصل الأمر إلي ان تيارات التطرف وأهل التشدد استهدفوا علماء الأمة ولمزهم وتصفيتهم جسديا ومعنويا, لأنهم يمثلون رجال التنوير والتجديد, فهم نسخ فريدة غير متكررة, لجمعهم بين المعرفة الواسعة والإلمام الدقيق بمناهجها ومسائلها, والتحلي بقيمها الروحية والسلوكية وإشعاعاتها الثقافية والاجتماعية, وما كان ذلك إلا أن هؤلاء المجرمين يهدفون إلي خلو الساحة لهم ولأفكارهم المتطرفة والإرهابية, فكانوا سببا ظاهرا في التعجيل بقبض العلم والعلماء.
ورغم التزام هؤلاء الأكابر بالعلم والحكمة ومراعاة أدبيات الحوار في تقنيد مزاعم تيارات التطرف وموجات التشدد, وتبصير الناس بأمور دينهم وفق منهج الوسطية والاعتدال الذي لا يحملهم علي الإفراط والشدة ولا يذهب بهم إلي التفريط والانحلال, فقد عاجلهم هؤلاء المتطرفون علي مدي تاريخهم بمحاولات القتل والتصفية جراء قيامهم بواجب وقتهم ومسئوليتهم تجاه دينهم وأوطانهم, خاصة في تحديد المفاهيم وضبطها.
إذا ما أهم تحديات منهج الوسطية وخطاب وأهله؟!
تبرز أهم المشكلات والتحديات التي تواجه منهج الوسطية وخطابه وأهله القائمين به, وهي كما هو ظاهر في الآونة الأخيرة تتلخص في: تصفية علمائه وحاملي مشاعله واغتيالهم معنويا, وتحرير المفاهيم وتحديدها بعد أن شابها كثير من الأخطاء والخطايا التي تعمدت الأفكار المتطرفة في تشويهها وليها بما يخدم تطلعاتها الآثمة وأهوائها المنحرفة, مما أدي إلي إشاعج تلك المفاهيم التي تحمل منظومة القيم بصورة مغايرة عما هي عليه في صحيح الدين.
كثر الجدل واللفظ حول كيفية التعامل مع التراث.. من وجهة نظركم.. كيف يكون؟!
ينبغي علي من يتعامل مع التراث أن يكون تعامله متزنا يحفظ التمييز بين ما هو مقدس لدي المسلمين المتمثل في الأصليين المنزهين الكتاب والسنة, وبين ما هو محترم لديهم, وهو سائر التراث الذي جد المسلمون في إنتاجه من علوم وفكر وفقه ورؤي وواقع تاريخي ملموس.
ولا ريب فإن هذا التراث الخالد تتعدد سماته وتتنوع خصائصه, نظرا لتشعب جوانبه الفكرية والنصية والعرفانية, ولتضمنه علوما مختلفة, شرعية وطبيعية وأدبية, وامتداده زمنيا مدة ثلاثة عشر قرنا, وتنوعه في درجات التوثيق, وأنه نتاج فكري بشري نسبي زمني قابل للأخذ والرد, وأنه عالمي. ومن ذلك فلابد من فهمه صحيحا, وهذا لا يتأتي إلا بالإلمام بخمسة حدود ومراعاتها, وهي:
اللغة العربية, وتمثل وعاء المنطق العربي.
الإجماع, ويلزم عدم تجاهله أو خرقه.
المقاصد الكلية من حفظ الدين والنفس والعرض والعقل والمال.
النموذج المعرفي المتمثل في الإلمام بعناصر التكوين العقلي.
المبادئ العامة للشرع الشريف.
كما أنه تتجلي المنهجية الوسطية للتعامل مع هذا التراث في: التعامل المنهجي, الذي نبعد فيه عن القبول المطلق, أو الرفض المطلق, أو الانتقاء العشوائي, التعامل التكاملي, في جوانبه الفكرية والنصية والعرفانية, ومصادره التي تعالج نواحيه المختلفة, وأزمنته وعلومه المتنوعة, التعامل الإحيائي, بالبحث والتفتيش عن مناهجه, للاستفادة منها وصياغتها وبيان كيفية تشغيلها في ظل مقتضيات عصرنا, التعامل العادل, ويراعي فيه الابتعاد عن نزع التراث عن زمنه وظرفه التاريخي وقياسه بمفاهيم عصرنا ومصطلحاته, خدمة التراث نشرا وتحقيقا وتقريبا واختصارا وفهرسة, واستعمال تقنيات العصر لذلك, وتصنيف العلوم وموسوعات المصطلحات لمزيد الاستفادة منه ومنع العوائق التي تفصلنا عنه,
ووضع المعيار الذي به يتم تقويم التراث والتعامل معه, وهذا المعيار يتمثل في مصدري المعرفة عند المسلمين علي مر العصور, الوحي( الكتاب والسنة), والوجود( الكون والإنسان والحياة), وهما المعبر عنهما أيضا بالنقل والعقل, أو النص والواقع, أو الكتاب المسطور والكتاب المنظور, وهذا المعيار هو الذي نقيس به الوارد من الإنتاج البشري فنقبل أو نرفض.
يستفيد أهل التطرف من الوسائل التكنولوجية وإمكاناتها لترويج أفكارهم الهدامة وغيرها.. فماذا علينا أن نعد؟!
لا يخفي اتجاه التيارات المتشددة وأهل التطرف نحو الاستفادة من جميع الوسائل التكنولوجية الحديثة بشتي السبل والإمكانات, حتي يعرضوا أفكارهم وينشروا مرتكزاتهم الحركية علي أوسع نطاق, كما يجتهدون في تهيئة المجتمع للفوضي ولأفكارهم الإرهابية حتي ولو في العالم الافتراضي من خلال التحريض والتهييج وبث الشائعات, حتي يستميلوا قلوب وعقول الرأي العام, خاصة الشباب من الجنسين, وجرهم لطريق التشدد والتطرف.
وهذا يقتضي ضرورة متابعة ورصد وتحليل ومواجهة هذه الأفكار والآراء المتشددة التي تحدث بلبلة في المجتمع وفق المنهج العلمي الصحيح, بقصد تنقية وتصحيح وتصويب الساحة الدينية مما أصابها من ظواهر التكفير والتطرف وتطويع الآراء الدينية لخدمة أهداف خبيثة, فضلا عن عدم ترك فراغ لهؤلاء يتحركون فيه, فالعالم لا يعرف الفراغ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.