ضباب يزحف على سماء المحافظات، تحذير عاجل من الأرصاد بشأن الشبورة المائية    ضباب وشبورة كثيفة.. «الأرصاد» تحذر من الساعات المقبلة    قرار قضائي جديد بشأن المتهم بسرقة سيدة بالعجوزة    جدول مباريات اليوم حول العالم: مواجهات قوية في أوروبا وإفريقيا    البث المباشر لمباراة ليفربول ونوتنجهام فورست في الدوري الإنجليزي    بعد تصديق الرئيس.. تعديلات قانون الإجراءات الجنائية نقلة حقيقية في ملف حقوق الإنسان    أسعار الدواجن والكتاكيت والبيض في السوق المصرية    إدارة الطيران الأمريكية تحذر الطيارين من مخاطر التحليق فوق فنزويلا    «يوميات ونيس».. العمل الذي صنع ذاكرة جيل ورسّخ قيم الأسرة في الدراما المصرية    برنامج «دولة التلاوة» يعيد لمة العيلة المصرية على شاشة واحدة    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم حي الضاحية في نابلس شمال الضفة الغربية    مباراة العار، اشتباكات بين متظاهرين لدعم غزة والشرطة الإيطالية خلال لقاء فيرتوس ومكابي تل أبيب (فيديو)    بيسكوف: مستوى اتصالات التسوية بين موسكو وواشنطن لم يحدد بعد    رئيس المدينة اكتشفه بالصدفة، هبوط أرضي مفاجئ أمام مستشفى ميت سلسيل بالدقهلية (صور)    ماذا حدث في ليلة ختام مهرجان القاهرة السينمائي؟.. التفاصيل الكاملة    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    صافي الأرباح يقفز 33%| بنك البركة – مصر يثبت قوته المالية    من 18 إلى 54 ألفًا.. زيادة تعجيزية تهدد مصدر رزق مزارعي بهادة بالقليوبية    محمد موسى يهاجم الجولاني: سيطرتك بلا دور.. والسيادة السورية تنهار    أبرزها وظائف بالمترو براتب 8000 جنيه.. «العمل» توفر 100 فرصة للشباب    محمد التاجي: لولا تدخل السيسي ل"طبل" الجميع للانتخابات وينتهي الأمر دون كشف التجاوزات    حدد الموعد، رئيس الاتحاد الفرنسي يتحدث عن اقتراب زيدان لتدريب منتخب الديوك    «دولة التلاوة» تعيد الحياة لصوت أول قارئة للقرآن بالإذاعة المصرية    تطورات مثيرة في قضية سرقة عصام صاصا للحن أغنية شيرين    التوقعات السامة| خبيرة أسرية توضح كيف تحول الزواج لعبء على المرأة    استشارية: خروج المرأة للعمل لا يعفي الرجل من مسؤولية الإنفاق أبدًا    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    مداهمة مفاجئة تكشف الإهمال.. جمعية زراعية مغلقة وقرارات حاسمة من وكيل الوزارة    محلل سياسي عن لقاء السيسي ورئيس كوريا: مصر مركز جذب جديد للاستثمارات    شيكو بانزا يوضح سبب تأخر عودته للزمالك    الصورة الأولى لعروس المنوفية التي لقيت مصرعها داخل سيارة سيارة الزفاف    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الأحد في الدوري الممتاز    مصطفى حجاج يكشف حقيقة الخلاف بينه وبين هاني محروس    مارسيليا يتصدر الدوري الفرنسي مؤقتا بفوز ساحق على نيس    ترامب: نعمل مع لبنان لتحقيق السلام في الشرق الأوسط ونمارس ضغوطًا لنزع سلاح حماس    الجيزة: تعريفة ثابتة للسيارة بديلة التوك توك ولون موحد لكل حى ومدينة    محلل أداء الأهلى السابق: الفريق استقبل أهدافا كثيرة بسبب طريقة لعب ريبيرو    مسئول إسرائيلى: سنحصل على الشرعية لنزع سلاح حماس إذا لم ينجح الأمريكيون    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ترامب: ممدانى رجل عقلانى جدا ونتفق فى الغاية وهو ليس جهاديا.. طوارئ فى فرنسا استعدادا لحرب محتملة مع روسيا.. وزيلينسكى عن الخطة الأمريكية للسلام: نواجه لحظة حاسمة    أخبار × 24 ساعة.. السياحة: 1.5 مليون سائح ألمانى زاروا مصر منذ بداية 2025    إعدام كميات كبيرة من الأغذية والمشروبات غير الصالحة بالمنوفية    أحمد حسن يكشف أسباب عدم ضم حجازى والسعيد للمنتخب الثانى بكأس العرب    محمد أبو سعدة ل العاشرة: تجميل الطريق الدائري يرتقى بجودة حياة السكان    صلاح بيصار ل العاشرة: أحمد مرسي علامة كبرى في الفن والأدب السريالي    اكتشاف عجز 44 طن سكر داخل مضرب بكفر الشيخ.. وضبط أمين المخازن    رمضان صبحي أمام المحكمة في قضية التزوير| اليوم    بسبب ركن سيارة.. قرار هام في مشاجرة أكتوبر    11727 مستفيدًا في أسبوع سلامة الدواء بالمنوفية    نصر عبده: إعادة الانتخابات تصحح الصورة الدولية.. ومصر تأتي ببرلمان يريده الشعب    رئيس جامعة المنيا يناقش إعداد الخطة الاستراتيجية للجامعة 2026–2030    جعجع: لبنان يعيش لحظة خطيرة والبلاد تقف على مفترق طرق    عالم بالأوقاف: الإمام الحسين هو النور المكتمل بين الإمامة والنبوة    البابا تواضروس الثاني يلتقي مقرري اللجان المجمعية    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    كيف يؤثر تناول السكر على مرضى السكري وما الكمية المسموح بها؟    «الزراعة» تواصل حملاتها لحماية الثروة الداجنة    جامعة بنها ومؤسسة حياة كريمة ينظمان قافلة بيطرية بمنشاة القناطر    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. مجدي عاشور ... اجتراء الأدعياء واتخاذهم رؤوسا ومراجع يخلط المفاهيم ويفتح أبواب الفتن
هذه هي المهلكات السبعة التي اجتمعت في التيارات المتشددة .. الجماعات المتطرفة من حيل الشيطان
نشر في الأهرام المسائي يوم 29 - 05 - 2017

هناك حقيقة تؤكد دائما أن تكوين الفرق والجماعات المتطرفة من حيل الشيطان وتلاعبه بالجهلة لتفريق الأمة وتمزيقها, ومن ثم ندرك ماهية ورسالة ما نشهده واقعا في العقود الأخيرة من تنامي التيارات المتشددة وشيوع الأفكار المتطرفة, التي ظهرت علي الساحة متفرقة متشرذمة,
فكل جماعة تتبني فكرة مختلفة, واسما مختلفا, وطريقة مختلفة تتراشق فيما بينها بالشتائم والنقائض ولا شك أن هذا الواقع الأليم جلب أثارا سيئة علي التدين الصحيح, الذي يدين به السواد الأعظم من أمة الإجابة والذي رسخه الأئمة العاملون عبر القرون, ومن ثم صنعت صورة مشوهة للإسلام وأهله تلقفها أعداء الإسلام لتنفير العالمين من هذا الدين السمح الذي إذا خالطت بشاشته القلوب لا يسخطه أحد, ذلك لأن هذه التيارات سواء مهلكات للفرد والطوائف والمجتمعات حول أساليب مواجهة التيارات المتشددة والفكر المتطرف, والأمور المهلكات التي تجتمع في هذه الفرق يحدثنا الدكتور مجدي عاشور المستشار الأكاديمي لمفتي الجمهورية.. كما يتطرق الحوار إلي الخطاب الديني, وتصحيح المفاهيم المغلوطة وغيرها مما تبوح به الأسطر التالية.
ما هي الأمور المهلكات للفرد والمجتمع التي اجتمعت في التيارات المتطرفة؟!
هذه الامور سبعة وهي تخويف الناس وإرجافهم وإرهابهم, الاستناد في هذا التخويف بهتانا إلي شرع ربهم, شق صفوف الناس وتفريقهم, إشعار الناس بأنهم كالأسري والغرباء في أوطانهم, المسارعة إلي تفسيق الناس وتبديعهم وتكفيرهم, ادعاء امتلاك الحقيقية في الأمور الاجتهادية لشرذمة دون غيرهم, صم الأذن عن قبول النصيحة من غير المنتسب اليهم.
ومن ذلك ندرك خطر هذه التيارات المتشددة وشناعة مرتكزات الفكر المتطرف الذي يضر الإسلام وأهله, فهو ينفر الناس من التكاليف الشرعية, ويشق علي صاحبة الاستمرار عليه, فيفتر ويفقد مصداقيته امام من عرفوه, كما أنه يضر بالتوازن المطلوب في شخصية المسلم, ويضاف إلي ذلك تعصب المتطرف إلي رأيه وجموده عليه وعدم اعترافه بالآخر كما قدمت.
وما هو المطلوب علي سبيل الضرورة الملحة لإحكام السيطرة علي هذا الخطر الداهم؟!
ولا شك أن هذا الوباء الخطير لابد أن تتضافر في معالجته كل مؤسسات التربية والتثقيف من التعليم, والإعلام, والثقافة, والبيت والأسرة فضلا عن المؤسسات الدينية وأجهزة الدولة المختلفة لأن أبعاده تشمل المجالات المختلفة ثقافيا واجتماعيا وأمنيا وسياسيا ويجب ان تتضافر جهود الدولة ومؤسساتها للتصدي للفكر المتشدد والمتطرف ومحاربته ومحاربة من يروج له, بل لابد من وجود آلية تكشف دعاته والمحرضين له, كما يمكن للدولة أن تتدخل من خلال مؤسساتتها الدينية والتعليمية والثقافية والإعلامية لتكثيف الحضور الثقافي في الأوساط الاجتماعية, وفتح قنوات الحوار وأدوات التواصل مع الشباب, لعرض ما لديهم من أفكار وتفند الشبهات وبيان أوجه الحق في كل المسائل وتبادل وجهات النظر, مع وجوب عمل استراتيجية كاملة وشاملة تهدف إلي تكييف منابع التيارات المتشددة بفكرها المتطرف.
وكيف يكون منظور التطوير للمؤسسات الدينية والثقافية من وجهة نظركم؟!
ينبغي أن يكون هناك رؤية واضحة تمتلكها كل مؤسسة أو هيئة عاملة في الحقل الديني والثقافي, سواء في المناهج أو في الخدمات, حتي تكون هذه المؤسسات والهيئات متطورة من حيث الاستثمار الأمثل لمواردها وإمكاناتها, وذلك من خلال مضاعفة الإنفاق علي مشروعات البحث العلمي الأساسية والتطبيقية, خاصة تلك التي تواكب المستجدات العصرية والتكنولوجية, وتسهم في تشجيع الإبداع والابتكار والتميز, وكذلك زيادة الإيرادات وضبط النفقات في جميع المجالات, مع دعم تحسين الأداء والإنتاج, والعمل علي اعتماد نظم فعالة لمؤشرات النجاح في كل المجالات الأكاديمية والإدارية والمالية تحقيق مضامين الجودة الشاملة, مما يمكنها من القيام بدورها المنوط بها في نشر الوعي والمعرفة.
وباي شيء تتحقق مضامين الجودة الشاملة التي تمكن المؤسستين الدينية والثقافية من نشر الوعي والمعرفة؟!
إن مواجهة تيارات التطرف والتشدد الفكرية لابد أن تنطلق من مبدأ المحافظة علي الوعي ونشر الفهم الصحيح في المحتمع, وكما أن هذا الأمر يتطلب جهودا دءوبة من المؤسسات والمعرفة؟! الرسمية, يتطلب أيضا من العلماء المشهود لهم بالكفاءة والخبرة والثقة أن يتقدموا الصفوف في نشر الفكر الصحيح, والبدء في برامج إعادة تأهيل الشباب الذين سقطوا في براثن التطرف والتشدد, وإعادة أي عمليات تجنيد جديدة من خلال حملات التوعية والبرامج الإرشادية والدروس واللقاءات الدينية, مع استحداث وسائل جديدة تواكب العصر.
ماهو المقصود بالأمن الفكري وكيف يتحقق للمجتمعات؟!
أعطي الإسلام أمن المجتمعات الفكري الاهتمام البالغ, فقد جعله من أعظم مقاصد الشريعة, إذ به يتحقق حفظها, وهو مفتاح تحقيق العزة والخيرية للأمة الإسلامية, وبه تبني الأمم وتنهض, وأي إخلال به إخلال بالجانب السلوكي والاجتماعي والسياسي لها, وقد عرف الجرجاني الأمن بقوله: عدم توقع مكروه في الزمان الآتي.
أما المقصود بالأمن الفكري للمجتمع فخلاصة ماجاء في تعريفه: أن يسعي إلي تحقيق الحماية التامة لفكر الإنسان من الانحراف أو الخروج عن الوسطية والاعتدال, وأنه يعني بحماية المنظومة العقدية والثقافية والاخلاقية والأمنية في مواجهة كل فكر أو معتقد منحرف أو متطرف ومايتبعه من سلوك.
ولاشك أن وسائل تحقيق الأمن الفكري للمجتمعات تتلخص في دعم المؤسسات العلمية المتمثلة في الأزهر الشريف, وهو المظلة الكبري التي تحمل مشاعل الإسلام عبر القرون, وكذلك وزارة الأوقاف ودار الإفتاء, ومن ثم ينتشر فكر الوسطية في المجتمع حتي نحافظ علي المنظومة العقدية والثقافية والأخلاقية فيه.
وبماذا نحصن المجتمع من أهل التشدد الذين يقللون من شأن المؤسسات الإسلامية العربية كالأزهر والافتاء والأوقاف؟!
يتعمد أهل التشدد والتطرف التقليل من شأن هذه المؤسسات العريقة, فضلا عن هجرها والدعوة إلي صنع هيئات ومرجعيات موازية لها, وقد تكفلت تلك الهيئات والمرجعيات المتطرفة بإبعاد المقلد لتعاليمها عن الملامح الواضحة السوية التي تميز جماعة المسلمين هوية ومظهرا,
لذا بات من الضروري تحصين المجتمع من أي تشدد وانحراف فكري من خلال برامج ومناهج التعليم, وخطب الجمع والمناسبات الوطنية والدينية, وعقد المحاضرات والندوات والمؤتمرات التي تستهدف الموضوعات المثارة بين شرائح الشباب, والاهتمام بالمواد الإعلامية( مرئية مسموعة مقروءة) التي تغرس منظومة القيم الدينية والوطنية وترسخ العادات الأصيلة
وكيف نغرس منظومة القيم الدينية والوطنية وترسيخ العادات الاصيلة عند الشباب؟!
مما لا شك فيه أن الخطاب الديني والثقافي الذي يصدر عن غير المتخصصين يثير البلبلة في المجتمع, ويساعد علي إشاعة الفرقة والاختلاف بين أبناء الوطن الواحد بل بين أفراد الأسرة الواحدة, لأن اجتراء الأدعياء واتخاذهم رءوسا ومراجع يدخل علي الناس اللبس والتشويش في دينهم, فتختلط لديهم المفاهيم والأمور العلمية والشرعية, وتفتح عليهم أبواب الفتن, خاصة مع دينهم, فتختلط لديهم المفاهيم والأمور العلمية والشرعية, وتنفتح عليهم أبواب الفتن, خاصة مع شيوع الأمية الدينية بين أفراد الأمة, بالإضافة إلي مؤامرات الأعداء.
من أجل ذلك كله يستدعي النظر والعقل والعلم والحكمة والواقع قصر التحدث في الخطابين الديني والثقافي علي أهلهما, من المشهود لهم بالكفاءة والجدارة, تحقيقا للأمر الوارد في قوله تعالي:( ولو ردوه إلي الرسول وإلي أولي الأمر منهم) ولا شك أن تحري ذلك وتطبيقه هو من عزائم الأمور, ومن ثم نحقق الاجتماع علي آراء العلماء الراسخين, حتي نحمي المجتمع وثوابته من التطرف والشذوذ في الأقوال وفي الفتاوي.
ولماذا طغي علي السطح خطاب شابه بعض من الافراط والتفريط علي حد سواء خلال الفترة الماضية؟!
نعم ظهرت أصوات كثيرة في الأونة الأخيرة في مجال الدعوة عبر الوسائل والأنماط المختلفة, أن جملة كبيرة منها لم تتوفر فيهم شروط خطاب الوسطية, بل لم تلق لذلك بالا من الأساس ثم قل ظهور أصحاب ميزان الوسطية العادل, فانتشر خطاب شابه شيء من التفريط والإفراط علي حد سواء, ونتج عنه اختلال في الرؤية والعرض والنتجة.
ووصل الأمر إلي ان تيارات التطرف وأهل التشدد استهدفوا علماء الأمة ولمزهم وتصفيتهم جسديا ومعنويا, لأنهم يمثلون رجال التنوير والتجديد, فهم نسخ فريدة غير متكررة, لجمعهم بين المعرفة الواسعة والإلمام الدقيق بمناهجها ومسائلها, والتحلي بقيمها الروحية والسلوكية وإشعاعاتها الثقافية والاجتماعية, وما كان ذلك إلا أن هؤلاء المجرمين يهدفون إلي خلو الساحة لهم ولأفكارهم المتطرفة والإرهابية, فكانوا سببا ظاهرا في التعجيل بقبض العلم والعلماء.
ورغم التزام هؤلاء الأكابر بالعلم والحكمة ومراعاة أدبيات الحوار في تقنيد مزاعم تيارات التطرف وموجات التشدد, وتبصير الناس بأمور دينهم وفق منهج الوسطية والاعتدال الذي لا يحملهم علي الإفراط والشدة ولا يذهب بهم إلي التفريط والانحلال, فقد عاجلهم هؤلاء المتطرفون علي مدي تاريخهم بمحاولات القتل والتصفية جراء قيامهم بواجب وقتهم ومسئوليتهم تجاه دينهم وأوطانهم, خاصة في تحديد المفاهيم وضبطها.
إذا ما أهم تحديات منهج الوسطية وخطاب وأهله؟!
تبرز أهم المشكلات والتحديات التي تواجه منهج الوسطية وخطابه وأهله القائمين به, وهي كما هو ظاهر في الآونة الأخيرة تتلخص في: تصفية علمائه وحاملي مشاعله واغتيالهم معنويا, وتحرير المفاهيم وتحديدها بعد أن شابها كثير من الأخطاء والخطايا التي تعمدت الأفكار المتطرفة في تشويهها وليها بما يخدم تطلعاتها الآثمة وأهوائها المنحرفة, مما أدي إلي إشاعج تلك المفاهيم التي تحمل منظومة القيم بصورة مغايرة عما هي عليه في صحيح الدين.
كثر الجدل واللفظ حول كيفية التعامل مع التراث.. من وجهة نظركم.. كيف يكون؟!
ينبغي علي من يتعامل مع التراث أن يكون تعامله متزنا يحفظ التمييز بين ما هو مقدس لدي المسلمين المتمثل في الأصليين المنزهين الكتاب والسنة, وبين ما هو محترم لديهم, وهو سائر التراث الذي جد المسلمون في إنتاجه من علوم وفكر وفقه ورؤي وواقع تاريخي ملموس.
ولا ريب فإن هذا التراث الخالد تتعدد سماته وتتنوع خصائصه, نظرا لتشعب جوانبه الفكرية والنصية والعرفانية, ولتضمنه علوما مختلفة, شرعية وطبيعية وأدبية, وامتداده زمنيا مدة ثلاثة عشر قرنا, وتنوعه في درجات التوثيق, وأنه نتاج فكري بشري نسبي زمني قابل للأخذ والرد, وأنه عالمي. ومن ذلك فلابد من فهمه صحيحا, وهذا لا يتأتي إلا بالإلمام بخمسة حدود ومراعاتها, وهي:
اللغة العربية, وتمثل وعاء المنطق العربي.
الإجماع, ويلزم عدم تجاهله أو خرقه.
المقاصد الكلية من حفظ الدين والنفس والعرض والعقل والمال.
النموذج المعرفي المتمثل في الإلمام بعناصر التكوين العقلي.
المبادئ العامة للشرع الشريف.
كما أنه تتجلي المنهجية الوسطية للتعامل مع هذا التراث في: التعامل المنهجي, الذي نبعد فيه عن القبول المطلق, أو الرفض المطلق, أو الانتقاء العشوائي, التعامل التكاملي, في جوانبه الفكرية والنصية والعرفانية, ومصادره التي تعالج نواحيه المختلفة, وأزمنته وعلومه المتنوعة, التعامل الإحيائي, بالبحث والتفتيش عن مناهجه, للاستفادة منها وصياغتها وبيان كيفية تشغيلها في ظل مقتضيات عصرنا, التعامل العادل, ويراعي فيه الابتعاد عن نزع التراث عن زمنه وظرفه التاريخي وقياسه بمفاهيم عصرنا ومصطلحاته, خدمة التراث نشرا وتحقيقا وتقريبا واختصارا وفهرسة, واستعمال تقنيات العصر لذلك, وتصنيف العلوم وموسوعات المصطلحات لمزيد الاستفادة منه ومنع العوائق التي تفصلنا عنه,
ووضع المعيار الذي به يتم تقويم التراث والتعامل معه, وهذا المعيار يتمثل في مصدري المعرفة عند المسلمين علي مر العصور, الوحي( الكتاب والسنة), والوجود( الكون والإنسان والحياة), وهما المعبر عنهما أيضا بالنقل والعقل, أو النص والواقع, أو الكتاب المسطور والكتاب المنظور, وهذا المعيار هو الذي نقيس به الوارد من الإنتاج البشري فنقبل أو نرفض.
يستفيد أهل التطرف من الوسائل التكنولوجية وإمكاناتها لترويج أفكارهم الهدامة وغيرها.. فماذا علينا أن نعد؟!
لا يخفي اتجاه التيارات المتشددة وأهل التطرف نحو الاستفادة من جميع الوسائل التكنولوجية الحديثة بشتي السبل والإمكانات, حتي يعرضوا أفكارهم وينشروا مرتكزاتهم الحركية علي أوسع نطاق, كما يجتهدون في تهيئة المجتمع للفوضي ولأفكارهم الإرهابية حتي ولو في العالم الافتراضي من خلال التحريض والتهييج وبث الشائعات, حتي يستميلوا قلوب وعقول الرأي العام, خاصة الشباب من الجنسين, وجرهم لطريق التشدد والتطرف.
وهذا يقتضي ضرورة متابعة ورصد وتحليل ومواجهة هذه الأفكار والآراء المتشددة التي تحدث بلبلة في المجتمع وفق المنهج العلمي الصحيح, بقصد تنقية وتصحيح وتصويب الساحة الدينية مما أصابها من ظواهر التكفير والتطرف وتطويع الآراء الدينية لخدمة أهداف خبيثة, فضلا عن عدم ترك فراغ لهؤلاء يتحركون فيه, فالعالم لا يعرف الفراغ.
د. مجدي عاشور ... اجتراء الأدعياء واتخاذهم رؤوسا ومراجع يخلط المفاهيم ويفتح أبواب الفتن
هذه هي المهلكات السبعة التي اجتمعت في التيارات المتشددة .. الجماعات المتطرفة من حيل الشيطان
إشراف: علي الشناوي
هناك حقيقة تؤكد دائما أن تكوين الفرق والجماعات المتطرفة من حيل الشيطان وتلاعبه بالجهلة لتفريق الأمة وتمزيقها, ومن ثم ندرك ماهية ورسالة ما نشهده واقعا في العقود الأخيرة من تنامي التيارات المتشددة وشيوع الأفكار المتطرفة, التي ظهرت علي الساحة متفرقة متشرذمة, فكل جماعة تتبني فكرة مختلفة, واسما مختلفا, وطريقة مختلفة تتراشق فيما بينها بالشتائم والنقائض ولا شك أن هذا الواقع الأليم جلب أثارا سيئة علي التدين الصحيح, الذي يدين به السواد الأعظم من أمة الإجابة والذي رسخه الأئمة العاملون عبر القرون, ومن ثم صنعت صورة مشوهة للإسلام وأهله تلقفها أعداء الإسلام لتنفير العالمين من هذا الدين السمح الذي إذا خالطت بشاشته القلوب لا يسخطه أحد, ذلك لأن هذه التيارات سواء مهلكات للفرد والطوائف والمجتمعات حول أساليب مواجهة التيارات المتشددة والفكر المتطرف, والأمور المهلكات التي تجتمع في هذه الفرق يحدثنا الدكتور مجدي عاشور المستشار الأكاديمي لمفتي الجمهورية.. كما يتطرق الحوار إلي الخطاب الديني, وتصحيح المفاهيم المغلوطة وغيرها مما تبوح به الأسطر التالية.
ما هي الأمور المهلكات للفرد والمجتمع التي اجتمعت في التيارات المتطرفة؟!
هذه الامور سبعة وهي تخويف الناس وإرجافهم وإرهابهم, الاستناد في هذا التخويف بهتانا إلي شرع ربهم, شق صفوف الناس وتفريقهم, إشعار الناس بأنهم كالأسري والغرباء في أوطانهم, المسارعة إلي تفسيق الناس وتبديعهم وتكفيرهم, ادعاء امتلاك الحقيقية في الأمور الاجتهادية لشرذمة دون غيرهم, صم الأذن عن قبول النصيحة من غير المنتسب اليهم.
ومن ذلك ندرك خطر هذه التيارات المتشددة وشناعة مرتكزات الفكر المتطرف الذي يضر الإسلام وأهله, فهو ينفر الناس من التكاليف الشرعية, ويشق علي صاحبة الاستمرار عليه, فيفتر ويفقد مصداقيته امام من عرفوه, كما أنه يضر بالتوازن المطلوب في شخصية المسلم, ويضاف إلي ذلك تعصب المتطرف إلي رأيه وجموده عليه وعدم اعترافه بالآخر كما قدمت.
وما هو المطلوب علي سبيل الضرورة الملحة لإحكام السيطرة علي هذا الخطر الداهم؟!
ولا شك أن هذا الوباء الخطير لابد أن تتضافر في معالجته كل مؤسسات التربية والتثقيف من التعليم, والإعلام, والثقافة, والبيت والأسرة فضلا عن المؤسسات الدينية وأجهزة الدولة المختلفة لأن أبعاده تشمل المجالات المختلفة ثقافيا واجتماعيا وأمنيا وسياسيا ويجب ان تتضافر جهود الدولة ومؤسساتها للتصدي للفكر المتشدد والمتطرف ومحاربته ومحاربة من يروج له, بل لابد من وجود آلية تكشف دعاته والمحرضين له, كما يمكن للدولة أن تتدخل من خلال مؤسساتتها الدينية والتعليمية والثقافية والإعلامية لتكثيف الحضور الثقافي في الأوساط الاجتماعية, وفتح قنوات الحوار وأدوات التواصل مع الشباب, لعرض ما لديهم من أفكار وتفند الشبهات وبيان أوجه الحق في كل المسائل وتبادل وجهات النظر, مع وجوب عمل استراتيجية كاملة وشاملة تهدف إلي تكييف منابع التيارات المتشددة بفكرها المتطرف.
وكيف يكون منظور التطوير للمؤسسات الدينية والثقافية من وجهة نظركم؟!
ينبغي أن يكون هناك رؤية واضحة تمتلكها كل مؤسسة أو هيئة عاملة في الحقل الديني والثقافي, سواء في المناهج أو في الخدمات, حتي تكون هذه المؤسسات والهيئات متطورة من حيث الاستثمار الأمثل لمواردها وإمكاناتها, وذلك من خلال مضاعفة الإنفاق علي مشروعات البحث العلمي الأساسية والتطبيقية, خاصة تلك التي تواكب المستجدات العصرية والتكنولوجية, وتسهم في تشجيع الإبداع والابتكار والتميز, وكذلك زيادة الإيرادات وضبط النفقات في جميع المجالات, مع دعم تحسين الأداء والإنتاج, والعمل علي اعتماد نظم فعالة لمؤشرات النجاح في كل المجالات الأكاديمية والإدارية والمالية تحقيق مضامين الجودة الشاملة, مما يمكنها من القيام بدورها المنوط بها في نشر الوعي والمعرفة.
وباي شيء تتحقق مضامين الجودة الشاملة التي تمكن المؤسستين الدينية والثقافية من نشر الوعي والمعرفة؟!
إن مواجهة تيارات التطرف والتشدد الفكرية لابد أن تنطلق من مبدأ المحافظة علي الوعي ونشر الفهم الصحيح في المحتمع, وكما أن هذا الأمر يتطلب جهودا دءوبة من المؤسسات والمعرفة؟! الرسمية, يتطلب أيضا من العلماء المشهود لهم بالكفاءة والخبرة والثقة أن يتقدموا الصفوف في نشر الفكر الصحيح, والبدء في برامج إعادة تأهيل الشباب الذين سقطوا في براثن التطرف والتشدد, وإعادة أي عمليات تجنيد جديدة من خلال حملات التوعية والبرامج الإرشادية والدروس واللقاءات الدينية, مع استحداث وسائل جديدة تواكب العصر.
ماهو المقصود بالأمن الفكري وكيف يتحقق للمجتمعات؟!
أعطي الإسلام أمن المجتمعات الفكري الاهتمام البالغ, فقد جعله من أعظم مقاصد الشريعة, إذ به يتحقق حفظها, وهو مفتاح تحقيق العزة والخيرية للأمة الإسلامية, وبه تبني الأمم وتنهض, وأي إخلال به إخلال بالجانب السلوكي والاجتماعي والسياسي لها, وقد عرف الجرجاني الأمن بقوله: عدم توقع مكروه في الزمان الآتي.
أما المقصود بالأمن الفكري للمجتمع فخلاصة ماجاء في تعريفه: أن يسعي إلي تحقيق الحماية التامة لفكر الإنسان من الانحراف أو الخروج عن الوسطية والاعتدال, وأنه يعني بحماية المنظومة العقدية والثقافية والاخلاقية والأمنية في مواجهة كل فكر أو معتقد منحرف أو متطرف ومايتبعه من سلوك.
ولاشك أن وسائل تحقيق الأمن الفكري للمجتمعات تتلخص في دعم المؤسسات العلمية المتمثلة في الأزهر الشريف, وهو المظلة الكبري التي تحمل مشاعل الإسلام عبر القرون, وكذلك وزارة الأوقاف ودار الإفتاء, ومن ثم ينتشر فكر الوسطية في المجتمع حتي نحافظ علي المنظومة العقدية والثقافية والأخلاقية فيه.
وبماذا نحصن المجتمع من أهل التشدد الذين يقللون من شأن المؤسسات الإسلامية العربية كالأزهر والافتاء والأوقاف؟!
يتعمد أهل التشدد والتطرف التقليل من شأن هذه المؤسسات العريقة, فضلا عن هجرها والدعوة إلي صنع هيئات ومرجعيات موازية لها, وقد تكفلت تلك الهيئات والمرجعيات المتطرفة بإبعاد المقلد لتعاليمها عن الملامح الواضحة السوية التي تميز جماعة المسلمين هوية ومظهرا,
لذا بات من الضروري تحصين المجتمع من أي تشدد وانحراف فكري من خلال برامج ومناهج التعليم, وخطب الجمع والمناسبات الوطنية والدينية, وعقد المحاضرات والندوات والمؤتمرات التي تستهدف الموضوعات المثارة بين شرائح الشباب, والاهتمام بالمواد الإعلامية( مرئية مسموعة مقروءة) التي تغرس منظومة القيم الدينية والوطنية وترسخ العادات الأصيلة
وكيف نغرس منظومة القيم الدينية والوطنية وترسيخ العادات الاصيلة عند الشباب؟!
مما لا شك فيه أن الخطاب الديني والثقافي الذي يصدر عن غير المتخصصين يثير البلبلة في المجتمع, ويساعد علي إشاعة الفرقة والاختلاف بين أبناء الوطن الواحد بل بين أفراد الأسرة الواحدة, لأن اجتراء الأدعياء واتخاذهم رءوسا ومراجع يدخل علي الناس اللبس والتشويش في دينهم, فتختلط لديهم المفاهيم والأمور العلمية والشرعية, وتفتح عليهم أبواب الفتن, خاصة مع دينهم, فتختلط لديهم المفاهيم والأمور العلمية والشرعية, وتنفتح عليهم أبواب الفتن, خاصة مع شيوع الأمية الدينية بين أفراد الأمة, بالإضافة إلي مؤامرات الأعداء.
من أجل ذلك كله يستدعي النظر والعقل والعلم والحكمة والواقع قصر التحدث في الخطابين الديني والثقافي علي أهلهما, من المشهود لهم بالكفاءة والجدارة, تحقيقا للأمر الوارد في قوله تعالي:( ولو ردوه إلي الرسول وإلي أولي الأمر منهم) ولا شك أن تحري ذلك وتطبيقه هو من عزائم الأمور, ومن ثم نحقق الاجتماع علي آراء العلماء الراسخين, حتي نحمي المجتمع وثوابته من التطرف والشذوذ في الأقوال وفي الفتاوي.
ولماذا طغي علي السطح خطاب شابه بعض من الافراط والتفريط علي حد سواء خلال الفترة الماضية؟!
نعم ظهرت أصوات كثيرة في الأونة الأخيرة في مجال الدعوة عبر الوسائل والأنماط المختلفة, أن جملة كبيرة منها لم تتوفر فيهم شروط خطاب الوسطية, بل لم تلق لذلك بالا من الأساس ثم قل ظهور أصحاب ميزان الوسطية العادل, فانتشر خطاب شابه شيء من التفريط والإفراط علي حد سواء, ونتج عنه اختلال في الرؤية والعرض والنتجة.
ووصل الأمر إلي ان تيارات التطرف وأهل التشدد استهدفوا علماء الأمة ولمزهم وتصفيتهم جسديا ومعنويا, لأنهم يمثلون رجال التنوير والتجديد, فهم نسخ فريدة غير متكررة, لجمعهم بين المعرفة الواسعة والإلمام الدقيق بمناهجها ومسائلها, والتحلي بقيمها الروحية والسلوكية وإشعاعاتها الثقافية والاجتماعية, وما كان ذلك إلا أن هؤلاء المجرمين يهدفون إلي خلو الساحة لهم ولأفكارهم المتطرفة والإرهابية, فكانوا سببا ظاهرا في التعجيل بقبض العلم والعلماء.
ورغم التزام هؤلاء الأكابر بالعلم والحكمة ومراعاة أدبيات الحوار في تقنيد مزاعم تيارات التطرف وموجات التشدد, وتبصير الناس بأمور دينهم وفق منهج الوسطية والاعتدال الذي لا يحملهم علي الإفراط والشدة ولا يذهب بهم إلي التفريط والانحلال, فقد عاجلهم هؤلاء المتطرفون علي مدي تاريخهم بمحاولات القتل والتصفية جراء قيامهم بواجب وقتهم ومسئوليتهم تجاه دينهم وأوطانهم, خاصة في تحديد المفاهيم وضبطها.
إذا ما أهم تحديات منهج الوسطية وخطاب وأهله؟!
تبرز أهم المشكلات والتحديات التي تواجه منهج الوسطية وخطابه وأهله القائمين به, وهي كما هو ظاهر في الآونة الأخيرة تتلخص في: تصفية علمائه وحاملي مشاعله واغتيالهم معنويا, وتحرير المفاهيم وتحديدها بعد أن شابها كثير من الأخطاء والخطايا التي تعمدت الأفكار المتطرفة في تشويهها وليها بما يخدم تطلعاتها الآثمة وأهوائها المنحرفة, مما أدي إلي إشاعج تلك المفاهيم التي تحمل منظومة القيم بصورة مغايرة عما هي عليه في صحيح الدين.
كثر الجدل واللفظ حول كيفية التعامل مع التراث.. من وجهة نظركم.. كيف يكون؟!
ينبغي علي من يتعامل مع التراث أن يكون تعامله متزنا يحفظ التمييز بين ما هو مقدس لدي المسلمين المتمثل في الأصليين المنزهين الكتاب والسنة, وبين ما هو محترم لديهم, وهو سائر التراث الذي جد المسلمون في إنتاجه من علوم وفكر وفقه ورؤي وواقع تاريخي ملموس.
ولا ريب فإن هذا التراث الخالد تتعدد سماته وتتنوع خصائصه, نظرا لتشعب جوانبه الفكرية والنصية والعرفانية, ولتضمنه علوما مختلفة, شرعية وطبيعية وأدبية, وامتداده زمنيا مدة ثلاثة عشر قرنا, وتنوعه في درجات التوثيق, وأنه نتاج فكري بشري نسبي زمني قابل للأخذ والرد, وأنه عالمي. ومن ذلك فلابد من فهمه صحيحا, وهذا لا يتأتي إلا بالإلمام بخمسة حدود ومراعاتها, وهي:
اللغة العربية, وتمثل وعاء المنطق العربي.
الإجماع, ويلزم عدم تجاهله أو خرقه.
المقاصد الكلية من حفظ الدين والنفس والعرض والعقل والمال.
النموذج المعرفي المتمثل في الإلمام بعناصر التكوين العقلي.
المبادئ العامة للشرع الشريف.
كما أنه تتجلي المنهجية الوسطية للتعامل مع هذا التراث في: التعامل المنهجي, الذي نبعد فيه عن القبول المطلق, أو الرفض المطلق, أو الانتقاء العشوائي, التعامل التكاملي, في جوانبه الفكرية والنصية والعرفانية, ومصادره التي تعالج نواحيه المختلفة, وأزمنته وعلومه المتنوعة, التعامل الإحيائي, بالبحث والتفتيش عن مناهجه, للاستفادة منها وصياغتها وبيان كيفية تشغيلها في ظل مقتضيات عصرنا, التعامل العادل, ويراعي فيه الابتعاد عن نزع التراث عن زمنه وظرفه التاريخي وقياسه بمفاهيم عصرنا ومصطلحاته, خدمة التراث نشرا وتحقيقا وتقريبا واختصارا وفهرسة, واستعمال تقنيات العصر لذلك, وتصنيف العلوم وموسوعات المصطلحات لمزيد الاستفادة منه ومنع العوائق التي تفصلنا عنه,
ووضع المعيار الذي به يتم تقويم التراث والتعامل معه, وهذا المعيار يتمثل في مصدري المعرفة عند المسلمين علي مر العصور, الوحي( الكتاب والسنة), والوجود( الكون والإنسان والحياة), وهما المعبر عنهما أيضا بالنقل والعقل, أو النص والواقع, أو الكتاب المسطور والكتاب المنظور, وهذا المعيار هو الذي نقيس به الوارد من الإنتاج البشري فنقبل أو نرفض.
يستفيد أهل التطرف من الوسائل التكنولوجية وإمكاناتها لترويج أفكارهم الهدامة وغيرها.. فماذا علينا أن نعد؟!
لا يخفي اتجاه التيارات المتشددة وأهل التطرف نحو الاستفادة من جميع الوسائل التكنولوجية الحديثة بشتي السبل والإمكانات, حتي يعرضوا أفكارهم وينشروا مرتكزاتهم الحركية علي أوسع نطاق, كما يجتهدون في تهيئة المجتمع للفوضي ولأفكارهم الإرهابية حتي ولو في العالم الافتراضي من خلال التحريض والتهييج وبث الشائعات, حتي يستميلوا قلوب وعقول الرأي العام, خاصة الشباب من الجنسين, وجرهم لطريق التشدد والتطرف.
وهذا يقتضي ضرورة متابعة ورصد وتحليل ومواجهة هذه الأفكار والآراء المتشددة التي تحدث بلبلة في المجتمع وفق المنهج العلمي الصحيح, بقصد تنقية وتصحيح وتصويب الساحة الدينية مما أصابها من ظواهر التكفير والتطرف وتطويع الآراء الدينية لخدمة أهداف خبيثة, فضلا عن عدم ترك فراغ لهؤلاء يتحركون فيه, فالعالم لا يعرف الفراغ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.