أهلا رمضان.. كل عام والمصريون جميعا مسيحيين ومسلمين بخير. مائدة رمضان الروحية والمادية والترويحية تجمع الجميع. نفحات خير ومحبة تطال الكل في شهر الخير. شهر التصالح مع النفس ومع الشقيق في الوطن. آذتنا جميعا كمصريين الاعتداءات علي كنيستي طنطا والإسكندرية قبيل انتهاء الصوم الكبير وتشارك المصريون في الإحساس بالألم والفجيعة كما آذتنا جميعا تصريحات خرجت من شيخ ومن قس تتعرض للعقائد. لكن ذلك رغم قساوة بعضه يظل كالطفح الذي يصيب الجلد ولا يتعداه إلي ما تحته.. ورمضان شاهد دائما علي ذلك. حضر مسلمون منذ أقل من أسبوع ذكري الأربعين علي شهداء الاعتداء علي الكنيستين. وسوف تشهد أيام رمضان قبيل المغرب شبابا مسيحيا يقف في الطرقات حاملا التمر والمياه والعصائر لتقديمها للذين قد لا يلحقون بموعد الإفطار في منازلهم. سوف يجلس الجميع أمام شاشات التليفزيون يشاهدون مسلسلات رمضان وهم يتسلون بما تتيحه امكانيات كل منهم وسوف يتناول من يقدرون منهم الكنافة والقطايف فكل ذلك ليس مقصورا علي فئة من المصريين ومحظورا علي فئة أخري. سوف يتندر الجميع وسوف يشكو الجميع من ارتفاع الأسعار الذي يطال كل شيء في رمضان ويعاني منه أيضا الجميع الصائم وغير الصائم فسيف الأسعار ليس فيه تمييز ولن يجد أحد طعاما ارخص من الآخر لأنه مفطر وغيره ليس مفطرا. سوف تعمر الشوارع بموائد الرحمن ولا أحد يسأل أحدا أن يبرز بطاقة هويته لمعرفة ديانته قبل أن يجلس الي المائدة ويتناول طعامه. قد تكون لي شخصيا ملاحظات من حيث الشكل وليس من حيث المضمون علي موائد الرحمن لكن ذلك لا يعني رفض الفكرة ولا الدوافع والنوايا التي لا يعلمها إلا الله. أري وسبق أن كتبت عن ذلك مرارا أن موائد الرحمن تعني أن فردا واحدا من الأسرة هو الذي يتناول طعامه بينما باقي الأسرة في المنزل دون طعام وأنه قد يكون من الأفضل أن يحصل كل رب أسرة علي كرتونة تكفيه وأسرته يتناولها في المنزل وليس ذلك عسيرا. من يقيمون الموائد والعاملون معهم يعرفون أهل مناطقهم ويعرفون المترددين عليهم من أرباب الأسر وبذلك تعم الفائدة ويحفظ علي كثير من المترددين حياءهم وكرامتهم بأن يتناولوا طعامهم في منازلهم. أما أبناء السبيل ممن لا يتمكنون من الوصول الي منازلهم في الوقت المناسب ومن هم علي سفر وباقي المحتاجين ففي موائد الرحمن غني لهم. الحديث عن عدم استخدام مكبرات الصوت أثناء صلاة التراويح في رمضان قد تكون له وجاهته من حيث الحد من الضوضاء. لكن أي قرار ينبغي أن يتناسب مع واقع الحال. وواقع الحال أن شوارعنا مليئة بالضوضاء عادة وبشكل مبالغ فيه في رمضان بعد الإفطار وأن صوت المكبرات الداخلية لا يصل( من واقع تجربة شخصية) الي من تضطرهم الظروف الي صلاة الجمعة في غير رمضان خارج المسجد ومن ثم فإن الضرورة قد تقتضي السماح باستخدام المكبرات مع ضبط درجة الصوت بحيث تفي بغرض إسماع من هم خارج المسجد وبحيث لا تتسبب في تداخل الأصوات مع المساجد الأخري القريبة. إن القرارات تتخذ لصالح الناس ولكي يحدث هذا ينبغي أن تكون متناغمة مع واقع وليست قرارات فوقية تصدر من مكاتب معزولة عن ما هو موجود علي الأرض. وأي قرار له في النهاية انعكاس علي الناس وله بعده السياسي أدرك ذلك متخذ القرار أم لم يدركه. وما فيه الناس من ضنك عيش وضيق خلق لا يتحمل قرارات لا معني لها. رمضان كريم.