في إفادة له أمام البرلمان السوداني أفاد وزير خارجية السودان البروفيسور غندور تعليقا علي إبعاد اثنين من الصحفيين السودانيين وإرجاعهم من مطار القاهرة, بان العلاقات مع مصر كادت تعود الي مربع التسعينيات( وما أدراك ما التسعينات حين كانت الاغتيالات وفرق الموت وقادة الإرهاب ينطلقون من الخرطوم).. وأشار غندور إلي أن السودان قرر التعامل بالمثل وان كل إجراء سيقابله إجراء مماثل. البعض في الخرطوم وصلت به الحال الي تبني شعار مصر يا عدو بلادي.. وآخرون علي سبيل المكايدة الصبيانية يرددون إثيوبيا يا شقيقة بلادي.. وآخر يوصف بأنه مفكر يقول إن مصر أم الدنيا.. وأن السودان لا يعنيه ذلك لأنه مذكر.. بما يعني ان مصر في المسمي أنثي.. وهذا بطبيعة الحال تعبير عن طبيعة التناول الفكري لمن هم في مستوي الوزراء والمفكرين..!! الحملات الإعلامية السودانية التي لم تتوقف منذ شهور, تجاوزت كل الحدود, وتحولت الي مصفوفات من السباب والشتائم وسياسات بث الكراهية والأحقاد والإساءة الي مصر شعبا وجيشا ودولة ونظاما سياسيا, وامتد ذلك أيضا إلي التاريخ والثقافة والحضارة استنادا علي ترديد الأكاذيب والفبركات التي تتسم بالبلاهة.. ولسنا معنيين هنا بمناقشة هذه الترهات أو تفنيدها, ليس فقط لأن مثل هذه النقاشات لن تكون مفيدة, بسبب ان الحملة موجهة سياسيا. ولكن أيضا لأن هذه الحملة رغم كل الضجيج والعنف اللفظي والتجاوز غير المسبوق الذي يراد إظهاره وكأنه رأي عام, لا تعبر في الحقيقة عن الشعب السوداني ولا عن أخلاقياته.. بل هي تعبير عن نظام الإنقاذ الإخواني وأجهزته وإعلامييه وكتائبه الإلكترونية علي مواقع التواصل الاجتماعي. والشاهد علي ذلك ان هناك56 ألف سوداني يأتون الي القاهرة شهريا.. وهذه الأرقام منسوبة الي القنصل السوداني بالقاهرة, ولو وجد هؤلاء في مصر واحدا بالمائة من سوء المعاملة التي تهرف بها الوسائط السودانية, لما أتوا إلي القاهرة للتطبب او للتجارة او لقضاء المصالح. ولكي نستكمل الجانب الآخر من الصورة نورد هنا تصريحا لصلاح الدين كرار النائب بمجلس الولايات, وهو عضو مجلس قيادة سابق في انقلاب الإنقاذ, يقول الرجل: ان الحضارة السودانية تفوق المصرية بمئات الأعوام.. وإن علينا أن نعكس حضارتنا للعالم, حتي نشفي غليلنا من المصريين. وبغض النظر عن المحتوي الوارد هنا, وعن أنه لا يطالب بتسويق حضارة بلاده كهدف إيجابي ومستحق لذاته, وإنما فقط لكي يشفي غليله من المصريين.. كهدف سلبي يوضح أنه غاضب مما تصور أنه إهانة.. فإننا إذا دققنا في من هم هؤلاء المصريون الذين يقصدهم!!.. سنجد انه مقدم برامج في إحدي الفضائيات الخاصة كان يعمل في مجال كرة القدم, وسخر من أهرامات البجراوية في السودان في سياق تناوله لزيارة الشيخة القطرية موزة إلي هذه الأهرامات. هذه الواقعة تلفت نظرنا وبشدة إلي الآثار السلبية للتناول الإعلامي الخاطئ, والذي يصل في كثير من الأحيان إلي حد السفاهة وإلحاق الضرر بمصر وشعبها من حيث يظن هؤلاء أنهم يحسنون صنعا.. فيزايدون ويتمادون. إن هناك فارقا بين الخلاف مع سياسات نظام أو مواجهة مكائد مشيخة صحراوية تعاني عقد النقص وتبحث عن مكانة لا تجدها, وبين الإساءة لتاريخ أو حضارة او ثقافة شعب.. فما بالنا لو كان الأمر يتعلق بشعب السودان الشقيق.