أثبتت مصر بحق أنها مصنع السلام والاعتدال في العالم, وأن التطرف والإرهاب الذي يضرب كل دول العالم لم يكن بسبب التدين المغشوش والفهم الخاطيء للعقائد فحسب, وانما لغياب الحوار بين المؤسستين الدينيتين الأكبر في العالم الأزهر الشريف والفاتيكان. وجاء مؤتمر الأزهر العالمي للسلام الذي نجح بشكل مذهل في إظهار سماحة الأديان جميعها ودعوتها للسلام, ليؤكد ذلك عندما تعانق شيخه الجليل الدكتور أحمد الطيب, وبابا الفاتيكان فرنسيس الثاني بحرارة في مشهد تابعه العالم ونقلته جميع وسائل الإعلام الدولية لأكبر مرجعيتين دينيتين في العالم وجلوسهما علي مقعدين متماثلين متجاورين, وبعثا في كلمتيهما رسائل واضحة يمكن إجمالها من وجهة نظري في الآتي: 1- أن جميع الأديان السماوية هدفها سلام واسعاد البشرية لا تعذيبها بنار التطرف والإرهاب وسفك الدماء البريئة, وأن مصر ستظل مهدا للسلام وحرية العقائد بأزهرها الذي سيظل قلعة حصينة ضد الغلو والتطرف ومؤامرات المتآمرين. 2- ضرورة تنقية صورة الأديان مما علق بها من مفاهيم مغلوطة وتطبيقات مغشوشة وتدين كاذب يؤدي الي صراع يبث الكراهية ويحث علي العنف, وانه يجب ألا نحاكم الأديان بجرائم قلة عابثة من المؤمنين بهذا الدين أو ذاك. وفي هذا السياق قال الإمام الأكبر في خطابه البليغ القوي: الإسلام ليس دين إرهاب بسبب أن طائفة من المؤمنين به سارعوا إلي اختطاف بعض نصوصه وراحوا يسفكون الدماء ويروعون الآمنين ويجدون من يمدهم بالسلاح والمال والتدريب, كما أن المسيحية ليست دين إرهاب بسبب أن طائفة من المؤمنين به حملوا الصليب وراحوا يحصدون الأرواح ولم يفرقوا بين أحد..فليست اليهودية دين إرهابي بسبب توظيف تعاليم موسي في احتلال أراضي راحوا ضحيته الملايين من أصحاب الحقوق من شعب فلسطين المغلوب علي أمره. 3- لا حل للتطرف والإرهاب إلا بإعادة الوعي برسالات السماء وإخضاع الخطاب الحداثي المنحرف لقراءة نقدية عميقة تنتشل جموح العقل الفردي المستبد وهيمنته علي حياة الأفراد. وأنقل عن بابا الفاتيكان هذا المعني في كلمته السلمية الرائعة بقوله: لا يمكن بناء حوار علي الغموض وعدم الصراحة, وانه لابد من إقرار مبدأ الشجاعة علي الاختلاف, لأن الاختلاف الديني والثقافي لا يعني وجود العداوة الدينية بين الأطراف, ونحن مقتنعون أن خير الجميع هو أيضا خير لجميع الأفراد. 4- غلق الأبواب أمام الأفكار الهادمة والمبددة لعظمة الحضارات والأديان, التي تعمل علي وسم الديانات المختلفة بالعنف والإرهاب, ونشر سياسات الهيمنة, ونظريات صراع الحضارات, ودعوات الإلحاد, 5- تأكيد أهمية وجود استراتيجية لتحويل تنافسية الأفراد بين الأديان إلي تعاون, وانهلا سلام بدون تعليم الشباب احترام الآخر والانفتاح علي الحوار البناء. 6- الدعوة إلي العدول عن لوم الأديان, وتجريمها لأخطاء معتنقيها, وارتكبابهم العنف باسم الدين, وعلي دعاة السلام تحقيق دور الأديان في نشر المحبة. 7- تأكيد دور العقلاء والمفكرين في إعادة الوعي برسالات السماء, وأهمية إخضاع الخطاب المنحرف إلي قراءة نقدية تنتشل العقل من غياهب الفكر المتطرف,و إبراز قيم السلام و العدل والمساواة واحترام الإنسان أيا كان دينه ولونه وعرقه ولغته. 8- ضرورة التوحد تحت مظلة الأزهر والفاتيكان, في مجال الدعوة إلي ترسيخ فلسفة العيش المشترك واحياء منهج الحوار واحترام عقائد الآخرين. 9- محاربة تجارة السلاح وتسويقه لوقف مصانع الموت التي كانت وما زالت السبب الأساسي في غياب السلام العالمي. 10- الرد القوي والعنيف من الأزهر الشريف علي الهجمات الشرسة والممنهجة للنيل من مكانته وزعامته الدولية كمرجعية أولي للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها, وتوجيهه لطمة قوية للمغرضين الذين حاولوا تشويهه وتحميله مسؤولية نشر التطرف في البلاد, ومطالبتهم المشكوك في نواياهها بتغيير المناهج التي تدرس داخله,وغلق بعض المعاهد والكليات التابعة له, مع تقليص أعداد الدارسين في مختلف المراحل التعليمية!!