الإعلان عن استعمال الجيش السوري لأسلحة كيماوية في خان شيخون ضد المدنيين بسوريا, كان مقدمة لضربة أمريكية, مثلما كان الإعلان عن الأسلحة الكيماوية في الغوطة قبل4 سنوات, مقدمة لحملة أمريكية توقفت في لحظاتها الأخيرة, ففي أغسطس2013 أعلنت إدارة أوباما أنها بصدد توجيه ضربات محدودة لمعاقبة النظام السوري لاستعمال غاز السارين ضد المعارضة,وفي سبتمبر من نفس العام توصلت روسيا وأمريكا لاتفاق بنزع الأسلحة الكيماوية السورية,ويلاحظ أن أزمة كيماوي الغوطة وقتئذ قد تزامنت مع اتجاه لتقارب في وجهات النظر للحل السياسي بسوريا بعد مؤتمر جنيف. اليوم يبدو الأسد في موقف أفضل مما كان عليه قبل أربع سنوات, فقد بدا الحل السياسي أقرب من أي وقت مضي, خاصة مع تصريحات الإدارة الأمريكية بأن رحيله لم يعد من أولويات الحل في سوريا, إلا ان الإعلان عن قصف بالسلاح الكيماوي في خان شيخون بإدلب قد أدي لتحولات سريعة في الصورة, فقد صرح الرئيس ترامب بأن وجهة نظره تغيرت تجاه الأسد, ثم أعطي أمرا بتوجيه صواريخ إلي محطة عسكرية جوية. أعلنت موسكو أن الجيش السوري قصف مناطق كانت المعارضة المسلحة تخزن فيه أسلحة كيماوية, لكن ترامب وجدها فرصة لإظهار اختلافه مع روسيا في ملف سوريا, كرسالة للناخب الأمريكي بالداخل بأن لا اتفاق مسبق مع موسكو من قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية, الاتحاد الأوروبي والممثل ل28 دولة اوروبية أعلن أن الضربات الصاروخية الأمريكية علي قاعدة الشعيرات الجوية وراءها نية مفهومة, وأن التوصل لحل عن طريق التفاوض هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة السورية. أعلنت روسيا بوضوح رفضها الضربات الأمريكية ودعت إلي لجنة تحقيق دولية لتقصي حقيقة استعمال غاز السارين,الخلافات واضحة من البداية بين الإدارة الأمريكية وحلفائها, وبين إدارة بوتين وحلفائه,ضمن لعبة دولية لها انعكاساتها الإقليمية,لكن ربما كان الجديد هو منح طوق نجاة لتنظيمات مثل داعش والنصرة, التي قاربت علي إعلان هزيمتها أمام الجيش السوري. كلما تقدمت الحكومة السورية عسكريا علي الارض وسياسيا في جنيف نجد ان الارهابيين وبايعاز ممن أوجدهم يستخدمون هذا السلاح ضد السوريين ويتهمون الحكومة السورية بذلك,ولنتذكر أن ارهابيي النصرة وشقيقاتها قد استخدموا الكيماوي في خان العسل في ريف حلب عندما كانت تحت سيطرة الجيش السوري, وخطفوا200 طفل من ريف اللاذقية واخذوهم الي الغوطة الشرقية بدمشق وتم قتلهم بالكيماوي وتباكي الإعلام العميل والإسرائيلي عليهم واتهام الحكومة السورية بهذه الجريمة لتجريدها من سلاحها الكيماوي الذي كان يرعب اسرائيل,وقد نجحوا في ذلك. ساحة الشرق الأوسط لم تتغير أوضاعه عما كانت من قبل, حروب بالوكالة,ودول إقليمية مولت وسلحت المقاتلين الأجانب والتنظيمات الإرهابية, بزعم مساندة الشعب السوري المطالب بحريته, ثم عادت لتشارك في تحالف لمحاربة داعش, والضربة الصاروخية الأمريكية ضد سوريا نوعا من إعادة ترتيب مواقف وأوراق بينها وبين روسيا,والأمم المتحدة لا تزال تلعب دورها التقليدي في الإعراب عن القلق, فهل يدرك العرب ان ذلك القصف هو إحدي حلقات تنفيذ المخطط الذي بدأ ايام اوباما وهو انهاء ما كان يسمي بدولة سوريا وتقسيمها الي خمسة اجزاء او دويلات صغيرة..احدها في الشمال تابعة لتركيا ويعيش فيها ما يسمي التركمان..ثم دويلة صغيرة جارة لها يعيش فيها الاكراد تحت حماية امريكية...ثم دويلة في الشرق يسيطر عليها الوهابيون المتطرفون ويطلقون عليها دويلة العرب السنة..وفي الغرب دويلة صغيرة للعلويين..ثم في الجنوب حصة إسرائيل التي ستتوسع ولن تكتفي بالجولان,كل هذه وارد تفصيلا في مشروع الشرق الاوسط الجديد والمقدم من كونداليزا رايس للكونجرس الأمريكي..هل يعلم العرب ذلك؟ وهل يجيء قريبا اليوم الذي يملكون فيه زمام امورهم ومستقبل أوطانهم؟..لعل وعسي.