حين حدثني الصديق نبيل عبد الفتاح المفكر والكاتب والخبير في الإسلام السياسي عن زيارته لهذا الحدث الثقافي الأجتماعي الأهلي الخاص الذي تنظمة دندرة وحين قرأت ما كتبه الصديق الكاتب أحمد الجمال المتخصص في الصوفية والذي مارس العمل السياسي سنوات طويلة لم يصل خيالي الي ما رأيته من قدرة علي التنظيم والعمل الأهلي والتعاضد الاجتماعي ورعاية الأسرة والاطفال في جو بعيد كلية عن السياسة وغير منغمس كلية في الصوفية ويبتعد قدر الأمكان عن الدروشة ويقترب كثيرا من العلم لم أتردد لحظة في قبول دعوة الأمير هاشم الدندراوي لحضور منتدي دندرة الثقافي الثالث تحت شعار ثقافة الجنوب.. أصالة وإبداع متجدد.. ازداد حماسي حين علمت أن الصحبة في الرحلة سوف تتكون من الأستاذ أحمد الجمال والدكتور عمار علي حسن والدكتور نصر عارف دليلة والأديب ابراهيم عبد المجيد والأديبة منصورة عز الدين والصديق الاستاذ سيد محمود رئيس تحرير القاهرة السابق وكاتبة السيناريو عزة سلطان والدبلوماسي محمد جمال الغيطاني. سافرنا بالطائرة إلي الأقصر حيث انتظرتنا سيارات انطلقت بنا إلي قرية دندرة بمحافظة قنا حيث يقبع أحد أعظم المعابد المصرية القديمة معبد دندرة الذي كانت تعبد فيه الألهة هاتور وتم بناؤه زمن الاسرة السادسة كما تم تطويره في عهد الاغريق والرومان ويوجد بجانبه معبد إيزيس في الركن الغربي. وصلنا إلي قرية دندرة وبالتحديد إلي الجانب الذي يوجد فيه قصر الأسرة الدندراوية.. شاهدت صوان لم أر ما يماثله في المساحة من قبل.. تنظيم دقيق.. هناك من يستقبلك بالورود من الاطفال في مطار الأقصر مرورا بشباب يرتدون البدلات الأنيقة في مدخل الأحتفال في دندرة إلي أن تخترق المقاعد التي تتناثر في الصوان الذي يتواجد فيه10 ألاف من الرجال والشباب في جانب وفي الجانب الآخر فتيات وسيدات.. منصة علي أحدث طراز.. شاشات عملاقة تنقل وقائع المنتدي. جلسنا في الصف الأول لنشهد وقائع الحفل الأفتتاحي ولكي يتمكن من سيشارك منا في الجلسة الافتتاحية أو في الجلسات الحوارية من الصعود الي المنصة سريعا.. جاء الينا الأمير هاشم الدندراوي يحيينا وهو بالمناسبة ابن الأمير الراحل الفضل بن العباس آل الدندراوي أمير قبائل وعائلات والأسرة الدندراوية ورئيس مؤسسة الخدمات البترولية في لبنان كما نشر في نعيه في الأهرام.. الأمير الحالي ذو طلة وحضور يرتدي جلبابا صعيديا ذا لون داكن في حين يرتدي كل أفراد الأسرة الدندراوية الجلباب الأبيض الناصع بعمامة بيضاء وكأن لسان حاله يقول أنا لست بسيدكم.. كلنا سواء بعكس تقاليد ما قبل1952 حين كان كبار ملاك الأراضي الزراعية يحرمون علي الفقراء ارتداء الملابس البياء التي كانت مقصورة علي الأغنياء. رسالة تواضع ومحبه يرسلها الأمير في بساطة وصرامة معا فهو يمنع تقبيل يده ممن يدينون له بالولاء ومن بايعوه.. ويكتفي بالاحضان. جاءوا من62 مركزا للدندراوية في مصر.. تركوا أعمالهم في ليلة الاسراء والمعراج وجاءوا بحتفلون هنا في قنا. يقال أن هناك60 مليون شخص ينتمون إلي الطريقة الصوفية الدندراوية في انجلترا وماليزيا وباكستان وأفغانستان وأن الأسرة يرجع نسبها إلي أحفاد الشريف إدريس مؤسس دولة الأدارسة بالمغرب. قبل أن يبدأ الأحتفال ذهبنا نتفقد الورش المنعقدة للأطفال من كل مكان في مصر.. ورش لتعليم الأطفال الرسم والابداع والحكي والاستمتاع بالعرائس.. ورش لذوي القدرات الخاصة.. متطوعون ومتطوعات علي أعلي مستوي من التعليم.. الامير يتفقد الورش ولا ينفك يلتقط الورق من الارض في تواضع ويضعه في سلة المهملات.. يتحدث كثيرا عن العلم بلا دروشة.. هو خريج الجامعة الأمريكية وعضو في غرفة الارة الامريكية ويدير شبكة شركات منتشرة في أماكن كثيرة.. حين تحدثت عن الثورة الرقمية وتأثيرها علي القراءة مخالفا من سبقوني في الحديث عن أهمية الكتاب المطبوع وأشرت إلي تجربة مدارس مينتسوري في الهند.. طلب الكلمة طالبا أن لا نذهب بعيدا فهنا في قنا تجربة مماثلة مستفيضا في الشرح حول ضرورة مراعاة العوامل المحلية والثقافية والتراث الخاص بنا. تحدث الجميع عن أهمية القراءة في حياتنا واستفاض الادباء والمتخصصون في علم الاجتماع والتربية في الشرح ولذلك حديث أخر محوره: لماذا لا نعظم أمكانياتنا المحلية في دعم التنمية المستديمة.