مع القادمين من الشام جاءت ماري سليم حبيب نصر الله, لتلحق بمقعد في صفوف صانعي النهضة الفنية الحديثة في مصر. 106 أعوام تمر اليوم علي ميلادها في بر الشام, قيل سورية, وقيل لبنانية. لكن السينما تقول إنها مصرية أصلي, تربت في حي شبرا وهي طفلة, وعرفت اليتم المبكر. وخرجت للعمل قبل أن تخرج من البيضة كما يقول أولاد البلد. ويندهش الإنسان كيف يمكن لقوام ماري منيب أن يسمح لها ببدء حياتها الفنية كراقصة, لكن هذا ما حدث, وبالطبع فإن الأمر لم يستمر كثيرا, وبدأت موهبة ماري تتحدث عن نفسها, مما أهلها للتنقل بين فرق الصف الأول وقتها, علي الكسار, أمين صدقي, رمسيس, حتي استقر بها الحال في فرقة الريحاني. من خلال فرقة الريحاني عاشت ماري سليم أزهي عصورها, وأصبح اسمها ماري منيب نسبة إلي فوزي منيب زوجها الأول, وربما الوحيد, إذ إن زيجتها الثانية غير مؤكدة. وخلال هذه الفترة دخلت السينما بأول أفلامها1934( ابن الشعب, إخراج أبتيكمان), ثم توالت أدوارها, التي كان آخرها لصوص ولكن ظرفاء(1969, إخراج: ابراهيم لطفي). وتعد أشهر عبارة عرف بها الجمهور ماري منيب, هي عبارة: مدوباهم اتنين, وبالفعل, فإن ماري منيب مدوبة فنين, المسرح أبو الفنون جميعها, والسينما الفن السابع وآخر العنقود, ومن حسن حظنا فإننا شاهدنا منيب في العديد من الأدوار علي المسرح, فقد تحملت مسئولية فرقة الريحاني بعد رحيله عام1949, بالتعاون مع عادل خيري نجل البديع بديع خيري, ولعلنا جميعا نذكر المشهد الخالد: إنتي جاية تشتغلي إيه, في مسرحية إلا خمسة, أما السينما فقد اخترعت ماري منيب دورا, هو الحماة طيبة النية سيئة السلوك, التي تهدم بيت ابنتها أو ابنها, من حيث تظن أنها تعمره, ومن ينسي مشهدها وهي تشد شعر لبني عبد العزيز في فيلم هذا هو الحب( صلاح أبو سيف1958) لتختبر إن كان شعرا حقيقيا أم باروكة. ورغم أن ماري صالت وجالت في دور الحماة عبر عقود إلا أن أهم أدوارها فيه كان من خلال فيلم حماتي ملاك(1959, عيسي كرامة) فمن خلال الفيلم قدمت ماري كل إمكاناتها في رسم الشخصية المتسلطة رغم انفها, فهي في واقع الأمر مسكينة, وكان المشهد الذي يتخفي فيه زوج ابنتها في شكل شبح, بمثابة مفتاح لهذه الشخصية الخوافة للغاية, ورغم ذلك فإنها تعود بمجرد انصراف الشبح إلي جبروتها. إنها الشخصية المصرية في بساطتها, فهي تظن أن لديها خبرة بكل شيء, وأن لها نظريات صالحة للتطبيق, ومضمونة النتائج, مع تأكيد هذه الحقائق طيلة الوقت, بأنه أساليني أنا.. مدوباهم اتنين في حين أنها بحاجة للنصيحة والتعلم. الطريف أن من شاركها بطولة الفيلم كان إسماعيل ياسين الذي تخصص في غناء مونولوجات عن الحماة ونقدها, وربنا يرجم الجميع.