ربما كان من المناسب في يوم15 مايو أن نحتفل بميلاد المخرجة إنعام محمد علي صاحبة فيلمي حكايات الغريب:1992 والطريق إلي إيلات:1995. وهما من علامات السينما الوطنية التي اعتادت عبر تاريخها الاستسهال والدعائية. حتي إن محمود ياسين دخل حرب أكتوبر وعاد وشعره مكوي لم يمسسه سوء. صعيدية منياوية ولدت إنعام محمد علي, عرفت اليتم مبكرا, إذ فقدت أباها العمدة وهي صغيرة, غير أن الأم أصرت علي استكمال تعليم البنتين, وهو ما لم يكن مألوفا بالصعيد في ذلك الوقت المبكر, بل حتي بعد ذلك الوقت بعشرين عاما. وكانت إنعام مضطرة لدخول إضراب مفتوح عن الطعام حتي تتجاوز مرحلة الثانوية العامة, وتلتحق بكلية الآداب جامعة عين شمس, وكانت نتيجة المفاوضات مع العائلة هي قبول الأمر, بشرط عدم المبيت خارج البيت, يعني السفر لمدة سبع ساعات يوميا ذهابا وإيابا. مع بدايات تأسيس التليفزيون أعلن عن مسابقة لمساعدي الإخراج, تقدمت لها إنعام وفازت, وبعد مسيرة من التدريب داخل مصر وخارجها أصبحت إنعام مخرجة يعتمد عليها, وهو ما أهلها لتكون أول مخرجة دراما تليفزيونية في العالم العربي من خلال مسلسل نفوس حائرة. وتقول إنعام إنها تأثرت بمخرجين, الأول طبيعي, وهو الراحل نور الدمرداش, أما الثاني فهو محمود مرسي الذي تراه إنعام مخرجا قبل أن يكون ممثلا. كان هذا المناخ الذي عملت فيه إنعام جعل منها مخرجة تتميز أول ما تتميز بالجدية, وهو ما انعكس علي الموضوعات التي قدمتها, وحتي عندما قدمت مسلسلا عاطفيا كان الحب وأشياء أخري الذي قدم طعما آخر للرومانسية. ويبقي الفيلمان السينمائيان اللذان قدمتهما إنعام من انتاج التليفزيون من أهم أفلام المعارك, فكان حكايات الغريب هو الفيلم الوحيد الذي تم انتاجه عن حرب أكتوبر وينتمي إلي فن السينما, بعيدا عن بدور وأخواتها. كان عرضه الأول في السادس من أكتوبر1992, وكان للسيناريو الذي كتبه محمد حلمي هلال بنعومة شديدة دور في نجاح الفيلم, حتي إن التليفزيون قرر إعادته مرة أخري في الرابع والعشرين من الشهر نفسه, وكانت سابقة في التليفزيون المصري, أن يذيع فيلما جديدا مرتين في شهر واحد, ولولا أن هذا الشهر شهد زلزال أكتوبر المروع لزاد عدد مرات العرض. أما الطريق إلي إيلات فلم يكن له الصدي نفسه فنيا, لكن كان له دور مهم في خدمة المعركة التي خاضها جنودنا وظلت مجهولة لعقود. وإذا كان هذان العملان تاجا علي رأس إنعام محمد علي, فإن درة التاج هي مسلسل أم كلثوم, ومرة أخري يمكننا التفاوض بشأن المستوي الفني للعمل, لكن لا يمكن إنكار انه العمل الذي فتح الطريق لعشرات الأعمال التي تناولت سير الفنانين والمشاهير, ولا يعود ذلك لشيء إلا لدقة وجدية المخرجة في العمل.. أستاذة إنعام.. كل سنة وانت طيبة.