يبدو أن حرية الفضاء الافتراضي التي أوجدها التواصل الاجتماعي, منحت البعض القدرة علي التجرؤ علي كل شئ, يتساوي في ذلك ان كان يفهم فيه او لايفهم, فهو يملك القدرة علي ان يهرف بما لايعرف, ويضع نفسه في صدارة مشهد المنظرين باعتباره السبيل لجني ثمار الشهرة وفرض النفس علي المشهد العام, لكل هذا لم اندهش وانا اتابع تلك الحملة الضارية التي يشنها متربصون تجرأوا علي ثوابت الدين وجاهروا بالعداء للازهر الشريف الذي هو معقل الوسطية والداعي للحوار بين الاديان والحض علي السلام لكل البشر. ومن عجب ان التهجم والتطاول علي الازهر جامعا وجامعة وشيخا, بات وكأنه واجب وطني, فالبعض يتخذ من هجومه فرصة للتقرب الي الدولة معتقدا ان الرئيس السيسي حينما خاطب الامام الاكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الازهر في حفل عام بمقولة اتعبتني يافضيلة الامام, كان يعطي الضوء الاخضر لبدء حملة الهجوم علي الامام الاكبر, وحال فهمهم القاصر لاسلوب إدارة الدول ان ماقيل في الحفل انما يعكس الحوارات الدائمة بين مؤسسة الرئاسة ومؤسسة الازهر وليس بالضرورة ان تتطابق الرؤي بينهما في امور الدين التي هي منوطة بالازهر كما حدد الدستور, والدليل علي ذلك رفض الازهر اعتبار الطلاق الشفهي كأن لم يكن. واعتقد هؤلاء ان الازهر يعارض فكرا طرحه الرئيس, لكنهم فات عليهم ان الرئيس حينما يتوقف امام ظاهرة اجتماعية تهدد السلم الاسري فهو يطرح الامر برمته علي المؤسسة صاحبة الشأن, ولايضيره أو يحزنه إن جاء رأيها مخالفا لرايه, لكن الامر في النهاية تمثل في طرح مشكلة اجتماعية تحولت الي ظاهرة سلبية, بات لزاما علي الجميع وفي المقدمة منهم علماء الازهر القيام بدور التوعية المطلوب للبسطاء من المواطنين ليتوقفوا علي الحلف بيمين الطلاق ولايقحموا بيوتهم واستقرار عائلاتهم في تعاملاتهم الحياتية. ورغم ان الرئيس التقي بعد هذه القصة كثيرا مع الامام الاكبر, فإن أعداء الازهر والشيخ استمروا في حملتهم, متخذين من عبارة تجديد الخطاب الديني معول الهدم لمؤسسة الازهر التي حملوها مسؤلية كل الازمات التي تتعرض لها البلاد وفي المقدمة منها العمليات الارهابية الخسيسية التي شهدتها مصر الاسبوع الماضي وراح ضحيتها عدد من المصريين في طنطا والاسكندرية غالبيتهم من المسيحيين وعدد ليس بقليل من المسلمين. وبدلا من التكاتف مع الجيش والشرطة في التصدي للارهاب, اذا بالمتربصين يعاودون فتح نيرانهم تجاه الازهر وشيخه, وزاد البعض منهم بان اعتبر سبب الارهاب ان الازهر لم يكفر الدواعش, رغم ان رد الازهر علي هذه النقطة كان حاسما, بأنه لا احد يملك الجرأة علي تكفير من يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله, وندد الازهر بكل اعمال داعش ودعا لمجابهتها, وهو مايحدث في سيناء وفي كل مكان يتواجد فيه التنظيم الارهابي الذي يسئ الي دين التسامح والاخاء وهو منه براء. ان دخول المتربصين بالازهر وشيخه علي خط الازمة يعمقها ولايحلها, فمع تعالي اصواتهم, ظهر فريق آخر يطالب بحماية الازهر منهم والحفاظ علي استقلاليته بعيدا عن السياسة ومكائدها, ليبقي منارة للاسلام الوسطي, فكفوا ايديكم عنه ايها المتربصون, وعلي وسائل الاعلام التي تفتح الباب علي مصراعيه للترويج لأراء هؤلاء, ان تراعي الله في مصر والازهر الذي تجاوز عمره الالف عام ولايزال شامخا يصدع بالحق الذي شرفه الله بحمل رايته الي قيام الساعة.