معتادو ضرب الأسافين, وهواة الصيد في الماء العكر قالوا ليلة الاحتفال بعيد الشرطة إن الإمام الطيب شيخ الأزهر وقع في مأزق بعد دعوة الرئيس السيسي إلي إعادة النظر في قضية الطلاق الشفهي, وأنه وهيئة كبار العلماء ليس أمامهما إلا الانصياع لتحقيق ما ينادي به الرئيس, وليس أمام الشيخ وهيئته غير إثبات التبعية للسلطة!. وشطحت الأفكار ببعض أصحاب العقول البلهاء, والقلوب السوداء, ومن يعملون دوما علي لي عنق الحقيقة, ومن يتوهمون أن مثل هذه الأمور يجري تسييسها, وكانت صدمتهم صدمة ما بعدها صدمة, بعدما وضح للجميع أنما أطلقه السيسي لم يكن فرمانا بل دعوةلإصدار قانون ينظم حالات الطلاق الشفهي بعد الارتفاع المتصاعد في معدلات الانفصال في الآونة الأخيرة.. وكونالرئيس مسئولا عن هذا الشعبوجه ببحث الأمر كظاهرة اجتماعية تستحق الدراسة, ولأن الحل لن يكون إلا بتدخل الأزهر كعنصر فاعل في العلاجلإيقاف نزيف ايمانات الطلاق التي تطلق ليل نهار, فتهدم الاسر, وتخرب البيوت, جاءت دعوته الواضحة للجميع البعيدة عن كل لبس. وفي توقيت دقيق ومهم للغاية قالت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف كلمتها فأخرست الألسنة, وقطعت الشك باليقين إذ أقرت وقوع الطلاق الشفهي المستوفي شروطه وأركانه, وهو ما استقر عليه المسلمون منذ عهد النبي محمد صلوات ربي وتسليماته عليه, وقالت أنه من حق ولي الأمر شرعا أن يتخذ ما يلزم من إجراءات لسن تشريع يكفل توقيع عقوبة تعزيرية رادعة علي من امتنع عن التوثيق أو ماطل فيه. وكانت هيئة كبار العلماء قد عقدت عدة اجتماعات خلال الشهور الماضية لبحث عدد من القضايا الاجتماعية المعاصرة, ومنها حكم الطلاق الشفهي, وأثره الشرعي, وقد أعدت اللجان المختصة تقاريرها العلمية المختلفة, وقدمتها إلي مجلس هيئة كبار العلماء, وانتهي الرأي في هذا المجلس بإجماع العلماء علي اختلاف مذاهبهم وتخصصاتهم إلي القرار الشرعي بوقوع الطلاق الشفهي, ولم يفت العلماء التأكيد علي أن ظاهرة شيوع الطلاق لا يقضي عليها اشتراط الإشهاد أو التوثيق, لأن الزوج المستخف بأمر الطلاق لا يعبأ بالذهاب إلي المأذون أو القاضي لتوثيق طلاقه. أما أهم ما طرحه علماؤنا وفقهاؤنا هو المناشدة التي تصل إلي حد مطالبة جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الحذر من الفتاوي الشاذة التي ينادي بها البعض من شيوخ الفضائيات, حتي لو كان بعضهم من المنتسبين للأزهر, لأن الأخذ بها وخاصة في مسائل الطلاق بالشهود يوقع المسلمين في الحرمة. ما أرتاح إليه للأخذ بالطلاق القولي أو الشفهي فإنما يرجع لأن المولي تبارك وتعالي أخذ علي الزوجين أغلظ المواثيق فقال في محكم آياته وأخذنامنكم ميثاقا غليظا,وأن الله شرع الطلاق في حالة استحالة العشرة بين الزوجين وقبل الفرقة قد أمرنا الله بإرسال حكم من أهل الزوج وحكم من أهل الزوجة فإذا وجد النشوز من الزوج فعليه أن يعطي الزوجة كامل مستحقاتها, وأما إن كان النشوز من ناحية الزوجة فأباح لها الإسلام أن تفدي نفسها بالخلع, كما أن الرجل إذا قال لزوجته أنت طالق فهي طلقة تحتسب والدليل من السنة الحديث الشريف عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة. أما ما ارتاح له قلبي أن الأزهر شيخا وهيئة كبار علماء أخذ بالرأي الشرعي, وتقبله المجتمع من الرئيس وحتي أخر مواطن شغلته القضية بصدر رحب, وفاتت الفرصة علي مروجي الأباطيل, وعشاق دق الأسافين, وراحوا يندبون حظهم ويقولون لا تنازل الأزهر عن دوره, ولا غضبت مؤسسة الرئاسة.