اكد خبراء الاقتصاد انه مازالت هناك العديد من المعوقات بعضها سياسي والآخر اقتصادي تحول دون تحقق حلم إقامة السوق العربية المشتركة الذي يحلم به الجميع منذ نحو ثلاثين عاما , وأكدوا ضرورة استقرار الأوضاع السياسية في المقام الأول بالعديد من الدول العربية, فضلا عن حل الخلافات القائمة بين بعض الدول, ليمثل ذلك نقطة انطلاق نحو تحقيق هذا الحلم. أكد الدكتور عبد المطلب عبد الحميد, عميد مركز البحوث الاقتصادية ورئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية, أنه بالرغم من أن السوق العربية المشتركة هو حلم يراود كل العرب لتحقيق التكامل الإقتصادي واستفادة كل دولة من المزايا النسبية للأخري إلا أن معوقات كثيرة جدا تحول دون تنفيذه. وأوضح أنه وإن كان يمكن خلال السنوات الماضية تقارب الرؤي وحل الخلافات البسيطة بين الدول العربية إلا فأن المعوقات تعددت بصورة كبيرة لتحول دون إقامتها. وأشار الي أن غياب الإرادة السياسية يمثل العامل الأول الذي يمنع إقامة السوق العربية المشتركة وذلك في ظل التوجهات المختلفة لكل من الدول العربية والخلافات الكبيرة والتي تصل إلي الإتهامات المتبادلة. وأكد أن إقامة السوق يتطلب الفصل بين سياسات كل دولة وبين العمل الإقتصادي المشترك وبصفة خاصة خلال الفترة الحالية مع انخفاض أسعار النفط والاوضاع الاقتصادية غير المواتية للعديد من الدول. وأوضح أن التشريعات بكل دولة تعوق دون تنفيذ هذا الحلم نظرا لاختلاف كل منها وعدم التنسيق بينها في العديد من القضايا ومنها الإنتقال الحر للعمالة أو الأفراد أو الإستثمارات, مشيرا الي أن عددا من الدول توافق لمواطني بعض الدول بينما لا تسمح بها لدول أخري في ظل عدد من التخوفات ومنها دخول عناصر الإرهاب لها فضلا عن منافسة الأفراد الوافدين لمواطني الدولة في الوظائف وهو ما يعترض توجه بعض الدول لتوظيف مواطنيها ومنها السعودية. أضاف أن تخوف المستثمرين من القوانين الحاكمة في بعض الدول والتغيرات المستمرة يمثل عائقا مهما لعدم انطلاق الإستثمارات بها ومنها مصر مشيرا الي أن بعد شراء عدد من المشروعات الحكومية أقام البعض دعاوي قضائية وتم الحكم بإعادتها للدولة مرة أخري ومنها عمر أفندي وطنطا للكتان وهو عامل طارد لأي استثمار في مشروعات للدولة. وقال إنه حتي الآن لم يتم إقامة إتحاد جمركي بين الدول العربية وتقديم إعفاءات بين الدول بالرغم من منح بعض الدول إعفاءات لدول محددة سواء عربية أو خليجية أو أجنبية, مشيرا الي أن بعض الدول تري أن الإعفاء المقدم سوف يؤدي الي تقلص الإيرادات في ظل عدم توفر آليات محددة لتعويض الإيراد. أضاف أن تشابه وتماثل الصناعات في الدول العربية ومنها الحديد والاسمنت والصناعات التحويلية يمثل أحد المعوقات للإستثمار لعدم وجود ميزة نسبية تنافسية بين الدول تدفعها للإستفادة من عدم توفرها في دولة أخري. وأكد أن الدول العربية تعاني من العمل علي المصلحة الفردية وهو الغالب بينما التوجه للمصلحة العامة غائب وهو ما يؤدي الي توسع الفجوة بين الدول. وأشار الي أن كل مقومات إقامة السوق العربية المشتركة متوفرة من الناحية الإقتصادية وهو ما يفرض علي القيادات السياسية للدول تجنيب كل الخلافات والتوحد علي هذا المشروع العربي الضخم الذي قد يمثل البداية الحقيقية للدول العربية للتكامل. من جانبه, قال الدكتور فرج عبد الفتاح, استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة, ان الآمال كانت معقودة علي إقامة السوق العربية المشتركة منذ سنوات طويلة, ولكن للأسف الشديد مازال الوصول الي الأهداف المرجوة يتطلب وقتا طويلا. وأضاف ان معوقات إقامة السوق العربية المشتركة ليست معوقات سياسية او اقتصادية, ولكنها معوقات ترتبط بمصالح شخصية من رجال الاعمال في البلدان العربية, موضحا ان تضارب مصالح رجال الاعمال الذين يبحثون في الاساس عن تحقيق الأرباح. وأشار الي انه في ظل الظروف الحالية فهناك صعوبة من تحول فكرة السوق العربية المشتركة الي واقع فعلي, متمنيا ان يراعي الحكام العرب مصالح شعوبهم من خلال خروج هذه السوق إلي النور. وفي السياق ذاته, قال المهندس فؤاد ثابت, رئيس اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية, ان الظروف السياسية الحالية التي تمر بها معظم الدول العربية حالت دون تحقيق حلم اقامة السوق العربية المشتركة, موضحا ان الحروب الموجودة في سوريا والعراق واليمن أثرت سلبا علي معظم مصادر التجارة من هذه الدول. وأشار الي انه بجانب المعوقات السياسية توجد ايضا معوقات لوجيستية تتمثل في الشحن والنقل, وهي التي تعد امورا صعبة في ظل الظروف الحالية. واوضح ان تهيئة المناخ المناسب يعد ضرورة في المقام الاول ليكون نقطة انطلاق قوية نحو إقامة السوق المشتركة, وهذا يتطلب وجود استقرار سياسي وإنهاء اية خلافات بين الدول بعضها البعض. وأضاف انه مع استقرار الأمور وتحسن الأوضاع السياسية في هذه البلدان, فلابد من إعادة إحياء هذه الفكرة مرة اخري, والتي يحلم بها الجميع منذ ما يقرب من ثلاثين عاما.