أسفرت انتخابات الاتحاد الإفريقي لكرة القدم عن فوز أحمد أحمد مرشح مدغشقر وخسارة الرئيس السابق الكاميروني عيسي حياتو, ليسدل الاتحاد الدولي لكرة القدم الستار علي كافة الأفراد الذين شاركوا في إدارة صناعة كرة القدم العالمية في الحقبة الشهيرة بانتشار مظاهر الفساد في تلك الصناعة الكبيرة بصرف النظر عن كل ما أحاط بعملية الانتخابات, والاستعداد لحقبة جديدة يقودها رئيس جديد للاتحاد الدولي وكذلك مجموعة جديدة من رؤساء الاتحادات القارية, حيث بدأ الرئيس الجديد للاتحاد الدولي لكرة القدم في اتخاذ العديد من الإجراءات الإصلاحية لحماية نزاهة تلك الصناعة التي اهتزت صورتها علي يد رئيسها السابق والكثير من معاونيه وانتشرت مظاهر الفساد بها. وبالطبع الإصلاحات سوف تطول منظومة الاتحادات الوطنية وخاصة المؤثرة منها والتي لها تاريخ كبير في تلك الصناعة, وهنا يأتي الاتحاد المصري لكرة القدم وهو الاتحاد الأكبر من حيث التاريخ والمكانة فهو المؤسس للبطولات الرئيسية للاتحاد الإفريقي للمنتخبات الوطنية والأندية الرياضية, حيث نجد أن مصر هي الدولة الأكبر الفائزة بكل تلك البطولات, ومن ثم بات من الضروري أن تأخذ الدولة المصرية بزمام المبادرة وإصلاح تلك الصناعة الكبيرة التي يشبوها الكثير من مظاهر عدم النزاهة وذلك في إطار خطة الدولة القوية والجريئة التي أخذت تضرب بيد من حديد علي كل مظاهر الفساد في الحياة المصرية وبدعم غير محدود من رئيس الجمهورية لكافة الأجهزة الرقابية, ويلاحظ المتابع ذلك الأمر بقوة عبر مطالعة مختلف وسائل الإعلام التي تنشر بشكل شبه يومي أخبار الكشف عن قضايا الفساد التي تحاربها الأجهزة المصرية بكل قوة لتحقيق الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي يتطلع إليه كل أفراد المجتمع المصري. وبالتالي فإن صناعة كرة القدم المصرية بما لها من تأثير اجتماعي واقتصادي أصبحت أحد أهم مكونات النظام الاجتماعي المصري الجديد ويجب أن تمر بإصلاحات جذرية لتبقي مصر رائدة في القارة الإفريقية ومحيطها الإقليمي. لذلك سوف نستعرض في هذا التحقيق مظاهر انتشار الفساد في كرة القدم المصرية وتأثير ذلك علي الأداء الاقتصادي وسبل العلاج من خلال الاستفادة من التجارب الدولية وفقا لأسس علمية و عملية بعيدة عن الدخول في آراء شخصية ضد أي فرد من أفراد منظومة كرة القدم المصرية, التي نكن لها جميعا الاحترام والتقدير. مليون شخص يحاصرهم الفساد تغيرت طبيعة كرة القدم في مصر من رياضة شعبية إلي صناعة كبيرة تزايد تأثيرها الاقتصادي علي النظام الاجتماعي المصري, فهي لا تعمل فقط كمصدر للدخل لما يقدر ب935.067 من الأفراد, ولكن أيضا تعمل كأداة للتنمية الاقتصادية المحلية. وبالتالي استمرار دور كرة القدم كأداة للتنمية الاقتصادية يتوقف بشكل كبير علي قدرتها علي الاستمرار في النمو ومواجهتها لمختلف أشكال الفساد. ففي العقود الثلاثة الأخيرة باتت مظاهر الفساد أكثر شيوعا في كرة القدم, وأصبحت تضم مجموعة من الأفراد الذين يعملون بشكل تعاوني مثل بعض اللاعبين المدربين الحكام كما امتد الأمر ليشمل بعض الوسطاء وكلاء اللاعبين وكالات التسويق الرياضي بالإضافة إلي المسئولين في بعض الأندية. ونحن نستعرض هذه القضية, كان من المهم أن نوضح للقارئ مفهوم الفساد الرياضي فهو شكل من أشكال السلوك من قبل الرياضيين الذين يمتنعون عن تحقيق مستويات الأداء المطلوبة عادة في الرياضة محط الحديث من أجل الفوز بالمنافسة وبدلا من ذلك السماح عمدا للآخرين بالفوز, أو السلوك من قبل المسئولين الرياضيين الذين يؤدون المهام المخصصة لهم بطريقة واعية تتعارض مع الأهداف والقيم الأخلاقية للنادي أو الاتحاد المعني والمجتمع بوجه عام. فضائح بسبب تضارب المصالح المتابع لأحداث كرة القدم يجدها تواجه العديد من الفضائح المرتبطة بعمليات التصويت في الانتخابات, انتقالات اللاعبين, محاباة الأقارب وتذاكر المباريات وكذلك العقود التسويقية وقد وصل الأمر إلي ترتيبات المباريات الودية لبعض الفرق الوطنية, الأمر الذي عرض نزاهة كرة القدم المصرية للخطر وقد يدمر الأداء الاقتصادي لتلك الصناعة الواعدة. ومع فكرة كون كرة القدم المصرية تعاني من نقص شديد في الرقابة التنظيمية والمحاسبية مع تضارب المصالح والتي تقود إلي حالات من الفساد الصريح, كنا حريصين في هذا التحقيق أن نتعرض لمعدل انتشار الفساد في كرة القدم حسب أربعة مجالات رئيسية هي نوعType نشاطActivity قطاعSector مكانPlace, وتأثير ذلك علي مظاهر الأداء الاقتصادي لكرة القدم المصرية. ضعف المواقف الدولية و الأولمبية تراجع قدرة كرة القدم المصرية علي الاحتفاظ بالكفاءات الاقتصادية لشغل المناصب القيادية في كرة القدم, انتشار المحاباة والمحسوبية, تعيين أشخاص غير مؤهلين كأحد مجالات الفساد حسب النوع, قد انعكس علي قدرة كرة القدم علي إنجاز متطلبات التمويل وإدارة العمليات المالية والتجارية وتوفير النقد الأجنبي بشكل يخفف الضغط علي العملة المحلية المصرية والحد من قدرتها علي جلب المساعدات من المنظمات الرياضية الدولية لتطوير البنية التحتية وكذلك تطوير مواهب كرة القدم. ويعد ذلك نتيجة طبيعة لقيام مجالس الإدارات المنتخبة في الاتحاد الوطني والأندية الأعضاء والذين يأتون عن طريق الانتخابات بالمشاركة والانخراط في العمليات اليومية وأعمال اللجان, بالإضافة إلي عدم وجود الوعي المهني بالمبادئ القانونية والتجارية والفنية والتنظيمية التي تمكنهم من الدخول إلي المواقف المعقدة التي تظهر أثناء التعامل مع المؤسسات الدولية مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم واللجنة الأوليمبية الدولية. غياب الكفاءات و الاحترافية جعلها الأكثر جذبا للفساد تشير التقارير العالمية إلي وجود العديد من العوامل التي تجتمع معا لتجعل من قطاع كرة القدم واحدا من أكثر القطاعات جذبا لممارسات الفساد وزيادة قدرته علي اختراق صناعة كرة القدم العالمية والوطنية وهي:1 هيكل كرة القدم..2 تمويل كرة القدم..3 ثقافة كرة القدم. هذه المجالات الثلاثة تنتشر داخل صناعة كرة القدم المصرية في صور متعددة منها: وجود شبكات معقدة من المستفيدين وأصحاب المصلحة. افتقار الإدارة في الكثير من الأحيان إلي الكفاءة والمهنية أو الاحترافية. تنوع الهياكل القانونية لأندية كرة القدم. الإنفاق المالي المبالغ فيه. الضعف الاجتماعي والثقافي لبعض المدربين و اللاعبين. كل ذلك قد أدي إلي ارتكاب البعض لممارسات الفساد الرياضي داخل صناعة كرة القدم. 83.1% من القدرات الاقتصادية للعبة معطلة بسبب الممارسات الملوثة تؤكد نتائج الدراسة التي تم إجراؤها وفق قواعد علمية أن استثمارات وسائل الإعلام في شراء حقوق البث واستثمارات المؤسسات الاقتصادية في الرعاية والإعلان داخل مسابقات كرة القدم بالإضافة إلي زيادة الطلب من الجماهير علي المشاهدة الحية داخل الإستادات أصبحت تمثل المحركات الرئيسية لنمو إيرادات كرة القدم المصرية وبالتالي زيادة مساهمتها في نمو الاقتصاد الوطني, فكانت استثمارات وسائل الإعلام في شراء حقوق البث لمحتوي كرة القدم المصرية في مقدمة تلك المحركات بنسبة55.18%, ثم كانت القدرات الاقتصادية لكل من مجالات الرعاية لمسابقات كرة القدم وارتفاع استثمارات المؤسسات الاقتصادية في الإعلان داخل مسابقات كرة القدم بنسبة%53.51 و%52.46 علي التوالي. كما أن زيادة الطلب من الجماهير علي المشاهدة الحية داخل الاستادات الرياضية ستدعم القدرات الاقتصادية لكرة القدم المصرية في نمو الاقتصاد الوطني بنسبة53.67%. وتشير الدراسة إلي ضعف القدرات الاقتصادية لكرة القدم المصرية علي جلب المساعدات من المنظمات الدولية لتطوير كرة القدم الوطنية, بالإضافة إلي ضعف مساهمة كرة القدم في ارتفاع موارد النقد الأجنبي. الحكام والإعلام الأكثر فسادا في المنظومة تشير الدراسة إلي أن لجنة الحكام والإعلام الرياضي تأتي في صدر مجالات الفساد الرياضي حسب القطاع, وهذا يعكس حقيقة تأثير الحكام علي نتائج المباريات وارتكاب أخطاء لصالح بعض الفرق في بعض الأحيان, نظرا لضعف وعدم انتظام المستحقات المالية للحكام ولجوء البعض منهم للعمل لدي بعض الوكالات المرتبطة بعقود رعاية مع بعض الأندية أو العمل لدي الشركات التي تمتلك أو تدير أندية تشارك في المسابقات الرئيسية لاتحاد كرة القدم المصري, كما أن البعض من أعضاء لجنة الحكام يعمل في تحليل المباريات لدي بعض وسائل الإعلام ويمارس ضغوطا علي حكام المباريات أو يضغط لتعيين حكام بعينهم لصالح بعض الفرق, حيث إن نشر القصص الشائعة حول الحكام المنحازين تتم إعادة تدويرها في جميع أنحاء ثقافة كرة القدم وتكتسب قوة أسطورية بشكل يعزز من الانتشار المنهجي للفساد وتآمر الحكام للتلاعب بنتائج مبايات كرة القدم من أجل الحصول علي مدفوعات غير قانونية هو ما تسبب بغالبية الضرر الذي حدث في نزاهة رياضة كرة القدم. وتظهر الدراسة أن وسائل الإعلام تلعب دورا رئيسيا في انتشار الفساد بكرة القدم المصرية وذلك نتيجة للدور الكبير لوسائل الإعلام في الاحتراف وتتجير الرياضة والعلاقة المعقدة بين صناعة كرة القدم وصناعة الإعلام في إنجاز عمليات التمويل وزيادة الحصة السوقية وبناء قواعد المستهلكين والمشاهدين, وبالتالي تسعي وسائل الإعلام إلي تأمين مدخل لتغطية المباريات مما عزز مظاهر الفساد في ظل تزايد نفوذ وسائل الإعلام مع التطور التكنولوجي واستمرار العولمة وتتجير الرياضة. كما أن سعي وسائل الإعلام إلي نقل المباريات وبث الأحداث دفع بعضها للحصول علي معلومات بطريقة غير مشروعة من أصحاب الحقوق الذي يعمل بعض منهم في الاتحاد والأندية الرياضية وفي نفس الوقت لدي وسائل الإعلام الرياضي مما يؤدي إلي وجود تضارب مصالح في الكثير من الأحيان ويعزز فرص وجود الفساد الرياضي, بالإضافة إلي نشر وسائل الإعلام الكثير من المعلومات غير الصحيحة عن أصحاب الحقوق وإلحاق الضرر بهم لتحقيق بعض المصالح الشخصية, هذا علاوة علي ممارسة بعض أشكال التلاعب في اختيار أفراد بعينهم في الأستديوهات التحليلية والبرامج الرياضية لتحسين صورة بعض اللاعبين حتي يقوموا بعمل مدخلات مع تلك البرامج وتحقيق نسب مشاهدة عالية وتركيز التحليل لصالح أحد الفرق واستضافة المسئولين عن تلك الفرق لتعزيز مكانتهم أو التأثير علي اتجاهات الجمعية العمومية في إقرار الميزانية أو عند الانتخابات. المجلس الأوروبي نموذج للإصلاح والتحدي التقرير الصادر منUEFA تحت عنوان متحدين من أجل نزاهة اللعبة أكد أن الهيئات الرياضية لا تملك الوسائل أو النظم القانونية للتصدي بنفسها لأي مشكلة عادة ما تتضمن منظمات إجرامية. ويجب الاعتراف بالغش الرياضي بوصفه جريمة جنائية محددة في التشريعات الوطنية بجميع أنحاء أوروبا. الأمر الذي دفع بالمجلس الأوروبي إلي إصدار اتفاقية ملزمة للدول الأوروبية الأعضاء تؤكد علي أنه صار من الضروري البحث عن استجابات وردود فعل مشتركة فعالة للتحديات التي تفرضها مشكلة التلاعب بالمسابقات الرياضية في ظل التهديد العالمي لسلامة ونزاهة الرياضة وانخراط الجريمة المنظمة في التلاعب بالمسابقات الرياضية, ويجب الحوار والتعاون بين السلطات العامة الحكومية والمنظمات الرياضية ومنظمي المسابقة ومشغلي الرهانات الرياضية علي الصعيدين الوطني والدولي, وأكدت الاتفاقية أنه يجب علي الاتحادات الوطنية التخلي عن جزء من الاستقلالية لصالح الحكومات الوطنية في هذا الشأن لضمان سلامة ونزاهة الرياضة وعلي رأسها كرة القدم. التجربة الألمانية و الإيطالية طريقنا لمواجهة مافيا الفاسدين المحركات لنمو اقتصاد كرة القدم وزيادة مساهمتها في نمو الاقتصاد الوطني المصري أمامها فرصة كبيرة للنمو في السنوات القادمة, ولكن يتوقف ذلك علي قدرة الاتحاد المصري لكرة القدم والأندية الأعضاء علي هيكلة وصياغة القواعد التي تنظم عملية تتجير حقوق البث والرعاية بالإضافة إلي حل المشكلات التي تواجه حضور الجماهير داخل الاستادات وضبط العلاقات مع الوكالات التسويقية المنتشرة في السوق الرياضية المصرية, لأن العشوائية التي مازالت تدار بها عمليات التتجير للحقوق التجارية وضعف البنية الهيكلية لكرة القدم المصرية تمثل بيئة خصبة لانتشار ممارسات الفساد الرياضي, الأمر الذي يتطلب وضع قوانين تنظم النشاط التجاري في كرة القدم من قبل الحكومة حتي لا تنهار اللعبة وهو ما فعلته كرة القدم الألمانية والإيطالية, حيث قام الاتحاد الألمانيBundesliga والاتحاد الإيطاليFIGC باتخاذ إصلاحات هيكلية لمواجهة الاحتيال والفساد بالإضافة إلي تبني مناهج مختلفة لإدارة الدوريات الخاصة بهم.