لكل شيء أصل, وفن التمثيل في مصر أصله جورج أبيض. في5 مايو1880, ولد ببيروت جورج أبيض, وقبل بداية القرن العشرين بعامين كان أول تمثيل شبه احترافي في بلاد العرب. علي ظهر السفينة التي أقلت الفتي جورج من الشام إلي مصر, فبدلا من أن يسدد الراكب ثمن التذكرة كان يقوم يوميا بتقديم عروضه للجمهور. ولأن هناك بشرا حدد لهم الله وظائف معينة لا يستطيعون أداء غيرها, فإن جورج أبيض لم يتأقلم مع عمل بعيدا عن التمثيل, وهكذا فإن وظيفته في السكك الحديدية كانت مجرد مبرر درامي في حياته ليراه الخديوي عام1904 في الإسكندرية, فيرسله إلي باريس ليلتحق بالكونسرفتوار لتعلم الفنون( تمثيل وإخراج وموسيقي) ليعود إلي مصر1910 حاملا لها العلم والفن الحديث والاحتراف وفرقة مسرحية أسسها هناك, وجاءت لأداء فنونها في الشرق.. في مصر. وهكذا كان جورج صاحب أول مسرح محترف, كما قدر له بعدها أن يكون الأول في كل شيء بعدها. وكان لجورج أبيض فضل قيام عشر جمعيات مسرحية بعد ظهوره في مصر إذ لم يكن لسابقيه تأثير جوهري علي تقدم الحركة المسرحية فلم يصمد ويستمر أحد سواه حتي أسس في النهاية مسرحا راسخا. وقدم جورج أبيض أكثر من130 مسرحية مترجمة ومؤلفة طوال20 عاما. والطريف أنه أسس أول فرقة قومية للتمثيل في مصر وفي تونس, والأطرف أنه بدأ بتونس, وفي عام1921 دعته حكومة تونس ليشرف علي تأسيس فرقتها القومية كما استعانت به مصر في عام1935 في إنشاء الفرقة القومية المصرية التي أصبح من أبرز نجومها حيث قام ببطولة العديد من عروضها بمصاحبة زوجته دولت حبيب بنت أسيوط روسية الأم, والتي أصبح اسمها دولت أبيض عندما تزوجت جورج عام1924. وفي عام1942 م أحالوه إلي التقاعد. وكان جورج أبيض من رواد التمثيل السينمائي أيضا, ففي عام1932 م قام ببطولة أول فيلم عربي غنائي ناطق إسمه( أنشودة الفؤاد). ونحن بالطبع لا نعرف كيف غني جورج بالفيلم الذي كان من أوائل الأفلام المصرية الناطقة عموما بصرف النظر عن أنه أول فيلم غنائي, ويصنفه البعض علي أنه أول فيلم ناطق قبل أولاد الذوات. وهو من إخراج ماريو فولبي وشاركته البطولة المطربة المصرية السورية نادرة ومرسي عبد اللطيف( لم نستطع أن نعرف من هو مرسي عبداللطيف). وفي عام1943 انتخب جورج أبيض أول نقيب للممثلين. وعندما افتتح المعهد العالي لفن التمثيل عام1944 عين جورج أبيض أستاذا للتمثيل والإخراج. وفي عام1952 عين مديرا للفرقة المصرية للتمثيل والموسيقي ولكنه استقال في يوليو عام1953 لظروف صحية. وظل جورج أبيض يعمل بالتدريس في معهد الفنون المسرحية إلي أن توفي في25 مايو عام1959.