لم يكن هناك حديث سوي عن الاعتداءات الجماهيرية سواء التي اشتبكت فيها جماهير المصري مع ضيوفها الأهلي صباح يوم لقاء الفريقين قبل أيام في إطار الجولة الثامنة عشرة من الدوري الممتاز أو الاعتداءات المباشرة من جانب جماهير بورسعيد علي أتوبيس فريق الأهلي عند حضوره للمحافظة لأداء اللقاء, ثم اعتداء آخر علي الاتوبيس من جماهير الاسماعيلية خلال مروره من المحافظة أثناء رحلة العودة إلي القاهرة. أحداث مشينة أقل ما يمكن وصفها به هو انها بلطجة تهدد الأرواح لكنها تعبر عن حقائق لابد من وضعها في الاعتبار وتتمثل في حجم حالة عدم الحب التي تتعامل بها جماهير المحافظتين مع الأهلي والتي تعود لسنوات ماضية شهدت العديد من الأحداث لعبت دورا كبيرا في تلك الحالة. لم يأت حالة عدم الحب الكامنة في قلوب جماهير الإسماعيلية وتتوارثها الأجيال من فراغ بل لها أسباب منطقية بالرغم من إنها تتناسب في نفس الوقت مع تطبيق عصر الاحتراف وهي التي يطلق عليها السطو الأحمر علي نجوم الإسماعيلية وهي ظاهرة لعبت دور البطولة في كتابة حالة عدم الحب بين جماهير الإسماعيلي والنادي الأهلي ولم تفلح كل محاولات السلام بما فيها زيارة حسن حمدي الشهيرة الي الإسماعيلية قبل أعوام في وأد الفتنة. فالإسماعيلية عانت طوال5 عقود من محاولات الأهلي خطف كبار النجوم لديها ومنها من نجح ومنها من تعثر لكنه في نفس الوقت كتب حالة عدم الحب ويتصدر المشهد ما حدث في مطلع الستينيات أول شرارة في صدور أهل الإسماعيلية.. ففي تلك الحقبة أرتكب مسئولو النادي الأهلي خطأ قائلا عندما قاموا باستغلال خلاف مالي جمع بين رضا أفضل لاعبي الإسماعيلية عبر تاريخها ورمزها الأول وإدارة النادي وقاموا بإغراء الساحر كما كان يطلق عليه بالتوقيع لمصلحة الأهلي وأعلنوا نبأ التعاقد مع رمز الإسماعيلي الأول. ولم تتقبل جماهير المحافظة هذا الأمر وأحتشدوا في اعتصام مفتوح أمام مقر المحافظة وكذلك مقر ستاد الإسماعيلية مرددين هتافات مناهضة للأهلي واتهامه له بسرقة رضا ومنهم من قام بتوجيه إنذار الي إدارة النادي القاهري مضمونه خطف صالح سليم مايسترو الأهلي وقتها في حال عدم إعادة رضا مرة أخري. وحدث عصيان مدني في نفس الوقت بفرع قناة السويس في الإسماعيلية.. وتدخل المشير عبدالحكيم عامر نائب رئيس الجمهورية لانهاء الأزمة.. وبالفعل جري إجبار الأهلي علي عدم تفعيل توقيع رضا الذي جمعته جلسات صلح مع مسئولي ناديه وحل الأزمة المالية ليعود مجددا الي صفوف الدراويش ولكن بعد نزع فتيل الشرارة الأولي بين شعب المدينة الهادئة والأهلي وكبتها محاولات السطو الأحمر علي خدمات رضا ساحر الدراويش. وتتوالي الأعوام ليدخل الصدام حيزا جديدا أكثر اشتعالا بدأ بعد التهجير لمدن القناة في أعقاب نكسة يونيو1967 وكتبت حقبة السبعينيات واقعة أخري لمست المشاعر أكثر من إحداث خسارة فنية لفريق الكرة الإسمعيلاوية تمثلت في محاولات الأهلي كسر حساسية استقطاب لاعبين من النادي الساحلي ورغبته في إبرام صفقة مثيرة تفتح أمامه الأبواب لأعداد أكبر في المستقبل وهي السياسة التي كان يسير عليها الفريق عبدالمحسن مرتجي رئيس الأهلي وتمثلت في ضم عادل أبوجريشة مهاجم الإسماعيلي وابن عم علي أبوجريشه أحد أهم أساطير الكرة هناك ورغم عدم نجاح تجربة عادل أبوجريشة في الأهلي ولكنها شكلت حساسية في صدور جماهير الإسماعيلية وأدت الي اهتزاز علاقتها بآل أبوجريشة أهم العائلات الكروية في تاريخ ناديهم. في المقابل كانت محاولات السطو الأحمر في عقدي الثمانينيات والتسعينيات غير موفقة من جانب الأهلي وساهمت بسبب أحداثها في زيادة التوتر.. حيث فشلت محاولات ضم أحمد العجوز وفكري الصغير وفوزي جمال بالرغم من توفير عقود خليجية لاستقطابهم في أواخر الثمانينيات بسبب رفض العثمانيين ومن بعدهم مجلس رأفت عبدالعظيم في مطلع التسعينيات السماح لهم بالرحيل للخليج حيث كان المحلل لانتقالهم الي الأهلي جاهزا.. وكاد الأمر يتم في حالة أخري بطلها حمزة الجمل عام1993 عندما سافر للعب في دوري الشركات بالامارات بعد إيقافه لمدة عام. ووقتها حصل عدلي القيعي علي توقيعه للعب لمصلحة الأهلي مستفيدا من عدم قيد الإسماعيلي له بسبب إيقافه المحلي لكن اتحاد الكرة أكد أحقية الإسماعيلي في لاعبه لتفشل الصفقة.. وأجهض إسماعيل عثمان بعد توليه رئاسة الإسماعيلي عام1997 بالتعيين صفقة أخري بطلها أحمد حسن لاعب وسط الأهلي حاليا ونجم الإسماعيلي بين عامي1998,1997.. ووقتها وقع أحمد حسن لمصلحة الأهلي قبل نهاية عقده بعام.. ثم نجح إسماعيل عثمان في كشف تفاصيل الاتفاق وأجهض الصفقة بإبرام عقد جديد لأحمد حسن حال دون انتقاله الي الأهلي في تلك الحقبة.. والمثيران أحمد حسن احترف10 أعوام في أوروبا بعد رحيله عن الإسماعيلي.. وأختار اللعب للأهلي بعد نهاية رحلته وكتبت الالفية الثالثة بداية حقبة جديدة ولكنها أكبر وأخطر في معدلات العداء من جانب الإسماعيلية الي الأهلاوية. وكانت البداية في صيف عام2004 عندما تعاقد الأهلي مع3 نجوم سابقين بالإسماعيلي كانوا يلعبون في الخليج وهم عماد النحاس الوافد من النصر السعودي الذي لعب له ل3 أشهر فقط بعد رحيله من الإسماعيلي ثم محمد بركات المحترف في العربي القطري بعد ان رفض اللاعب العودة إلي الإسماعيلي وأخيرا إسلام الشاطر ظهير أيمن اتحاد جدة السعودي والذي كان الإسماعيلي باعه للزمالك في مطلع عام2004 للحيلولة دون انتقاله الي الأهلي لكن اللاعب نجح في خداع الزمالك بالشرط الجزائي. وبعد النجاح السريع للثلاثي مع الأهلي وفوز الأخير بلقب بطل الدوري الممتاز عام2005/2004 بعد غياب دام5 أعوام أصبحت المهمة الأولي لعدلي القيعي مهندس صفقات الأهلي هي استقطاب أبرز نجوم الدراويش. وشهد صيف العام التالي2005 أول واقعة في عالم الصفقات تمثلت في شراء الأهلي لاعبا من الإسماعيلي بصورة مباشرة في عهد مجلس المعين ترأسه الراحل صلاح عبد الغني, وكان محمد عبد الله لاعب الوسط المهاجم مقابل مليون جنيه.. وأدت الصفقة إلي اجبار المجلس المعين من قبل جماهير الإسماعيلية التي عارضت الأمر لتقديم استقالات جماعية وتعيين مجلس أخر بدلا منه. وكان الأهلي ينتظر اي لاعب يخرج للاحتراف من الإسماعيلي ليسارع بالتعاقد معه بسعر التكلفة.. وهي واقعة حدثت لأول مرة في سبتمبر عام2007 عندما أشتري الأهلي أحمد فتحي أحد نجوم الإسماعيلي بين عامي2006,2001 بعد رحيله للاحتراف في شيفيلد يونايتد الإنجليزي وتمت الصفقة مقابل765 ألف جنيه استرليني وهو نفس مارضه النادي الإنجليزي علي الإسماعيلي.. ثم تكرر الأمر في صفقة أخري كان بطلها سيد معوض الظهير الأيسر الدولي الذي فشل الأهلي في شرائه بالرغم من حصوله علي موافقة يحيي الحكومي رئيس النادي الأسبق مقابل مليون دولار في يناير عام2008 ليتم تأجيل السيناريو ل5 أشهر يحترف فيها سيد معوض في طرابزون سبورت التركي كمحلل مقابل مليون دولار وأيضا يعود بعدها إلي الأهلي. ولاتنسي جماهير الإسماعيلية ماحدث من استفزاز لها عندما سعي عدلي القيعي لافساد صفقة انتقال مدافعها شريف عبد الفضيل الي الزمالك مقابل7 ملايين جنيه في صيف عام2009 ونجح في اقناع اللاعب اختيار الأهلي ليضطر المجلس الإسمعيلاوي مجبرا علي بيعه للأهلي مقابل نفس الرقم في ظل رفض اللاعب تجديد تعاقده, وشهدت نفس الفترة قيام محمد فضل ابن الأهلي الذي لمع في صفوف الإسماعيلي وبات هدافا مرموقا في الفترة بين عامي2006, و2009 رفض تجديد عقده مع ناديه وعودته للعب في الأهلي بصفقة انتقال حر. مابين يونيو2007, وأغسطس2008 كانت الفتنة علي أشدها في ظل أقدام محمود الخطيب نائب رئيس الأهلي الحصول علي توقيع حسني عبد ربه ولعقد انتقال للأهلي مقابل800 ألف يورو يحصل عليها ستراسبورج الفرنسي المالك الرسمي للبطاقة الدولية للاعب الذي جرت إعارته إلي الإسماعيلي لمدة موسم2007/2006, ونظرا لإنتماء عبد ربه إلي مدينة الإسماعيلية وكونه احد أبرز لاعبي النادي في العشرين عاما الماضية رفضت الجماهير الصفقة وقامت بالاعتداء علي منزل أسرته وكذلك حملت نعشا تتصدره صورة عبدربه وطافت به المحافظة ليقرر اللاعب التراجع عن توقيعه ويطلب البقاء في الإسماعيلي لكن الأهلي رفض التخلي عن الصفقة وتحالف مع ستراسبورج الفرنسي في اللجوء الي المحكمة الرياضية الدولية لقطع الطريق أمام الدراويش نحو الاحتفاظ بخدمات اللاعب.. وهو ما كان له الدور الأبرز في افساد العلاقة بين جماهير الناديين تحديدا خاصة الإسماعيلية التي لم تنسي كيف حاول الأهلي استغلال الأزمة المالية الطاحنة التي يمر بها النادي لاستقطاب عبد ربه.. والمثير ان استمرار عبد ربه مع الدراويش جاء عبر اتفاقات ودية بعيدا عن المحكمة الرياضية الدولية.