طالما تناول الكثيرون مشكلة المرور في مصر وغالبا ما ينتهي ذلك التناول بمطالبة المسئولين( أي الحكومة) باتخاذ اجراءات معينة لكن ثورة25 يناير قد فعلت دور الشعب. وأعتقد إن هذا لا يعني فقط أن يكون للشعب رأي فيصل في الشأن السياسي وقدرة علي محاسبة المسئولين وامكانية لاسترداد أي حق مسلوب, بل يعني أيضا وعلي الأخص أن يكون لأفراد هذا الشعب مسئولية بمعني ألا يتوقف تناول أي قضية بما فيها قضية المرور علي مطالبة المسئولين بفعل هذا الأمر أو ذاك بل الاجتهاد قدر المستطاع في التفكير خارج الصندوق( أي بطريقة ابتكارية) لايجاد حلول غير تقليدية للمشكلات المختلفة ولقد قام أفراد الشعب بشئ من ذلك بالفعل أيام الثورة عندما نظم اللجان الشعبية أو عندما نزل الشباب إلي الشوارع لتنظيفها فهل نستطيع فعل شيء من ذلك فيما يخص المرور؟ فعلي سبيل المثال, هل يجوز أن نعيد انتاج فكرة الوقفة المرورية بالمجهودات الذاتية؟ أما الوقفة المرورية التي أقصدها فهي إشارة تتكون من للوحة معدنية مكتوب عليها قف, وتثبت هذه الاشارة علي رأس الشوارع المتقاطعة خاصة الشوارع الجانبية التي ليس بها اشارات مرور كهربائية وتنص قاعدة هذه اللوحة المعدنية علي الآتي فرضا بأن هناك مفترق طرق وبكل طريق سيارة فإن أول من يصل إلي مفترق الطريق هو ايضا الأحق في عبور المفترق( وفقا للاتجاه المحدد لسير العربات بهذا الطريق) وهذه الوقفة لا تستغرق أكثر من ثوان إلا انها تتيح سيولة ويسر في عبور السيارات وتقلل من التكدس والحوادث وهي قاعدة معمول بها في الولاياتالمتحدة وتدخل ضمن بنود امتحان القيادة الذي تمنح علي اساسه الرخص وبالطبع تطبيق هذه الفكرة في مصر في الوقت الحالي سيتطلب ميزانية لتوفير لوحات معدنية لمعظم المدن وسيتطلب تحديد أي الشوارع سوف تثبت عليها تلك اللوحات إلخ فالسؤال إذن هو مدي امكانية اعادة انتاج وتطبيق تلك الفكرة في مصر في أقرب وقت وبأقل تكلفة إذا استلهمنا فكرة اللجان الشعبية وقيام الشباب بدهان الأرصفة لتبين لنا ان الفكرة قد تكون ممكنة التنفيذ فمثلا يقوم الشباب المقيمون بكل شارع بتصنيع لوحة قف من الكرتون وتثبيتها علي رأس الشارع علي عامود خشبي أو علي عامود الكهرباء( إن لم يشكل هذا خطرا ما) ثم يكون اصحاب السيارات القاطنون بهذا الشارع أول المطبقين لقاعدة احترام إشارة قف وقد يكون لهذا التطبيق مزايا منها مثلا تغيير السلوك المروري عندنا كشعب من القاع( أي علي مستوي الفرد) بدلا من القمة( أي بدلا من مستوي الحكومة) فكما سلك افراد الشعب سلوكا ملتزما أيام الثورة يستطيعون الان أن يدربوا انفسهم تدريجيا علي الالتزام بقواعد مرورية بسيطة, وهذا الالتزام له قيمة كبري أبعد من مجرد تنظيم العملية المرورية فهو من شأنه ترسيخ فكرة الشعب كمصدر للسلطة فمن غير المعقول أن نظل ندعو بالحرية والديمقراطية وكل فرد منا يحتاج ل رقيب سلطوي يجبره علي الالتزام بأبسط القواعد السلوكية( أو المرورية) الضرورية للتعايش داخل المجتمع فإن طبقت تجربة لوحة قف علي المستوي الشعبي ونجحت قد يفرض ذلك الأمر نفسه علي المسئولين لاحقا فيقومون بتشريعه وإدخاله ضمن القواعد المرورية القانونية التي تستوجب مخالفتها دفع غرامات مالية.