أكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية أن ظاهرة الطلاق انتشرت الآن, وأضحت تهدد الأسرة والمجتمع, ولابد من بذل مزيد من الجهود من المؤسسات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني لوضع حد لها. وأضاف: كلمة الطلاق أصبحت تتردد كثيرا علي الألسنة.. و الطلاق الشفوي يقع إذا كان الزوج يقصد وينوي الطلاق, وننصح الزوج بتوثيق هذا الطلاق عند المأذون, كما أن قانون الخلع الصادر عام2002 يعد أحد أسباب انتشار الطلاق في مصر. وكشف فضيلة المفتي في حواره مع الأهرام المسائي ما قدمته دار الإفتاء من حلول لمعالجة أسباب هذه الظاهرة ورأيه في قضايا مصافحة النساء, والزكاة وغيرها من الأمور الدينية والحياتية. في البداية ما رأي فضيلتكم في انتشار ظاهرة الطلاق الشفوي؟ مشكلة كبيرة وتحتاج إلي عناية خاصة من كل الجهات والمؤسسات الدينية ومراكز الأبحاث الاجتماعية وعلماء الاجتماع والنفس وكل الجهات المعنية للبحث عن أسباب الطلاق, ووضع كل السبل والطرق لعلاج هذه الظاهرة.. مع العلم أن الخلافات الزوجية ينبغي أن تعالج داخل المنزل وفي الغرف المغلقة, وهناك فن لإدارة هذه الخلافات, وفي حالة عدم الوصول إلي حلول يجب أن نلجأ إلي أشخاص لديهم الخبرة والصلاحية لحل هذه المشكلات.. وهناك أسباب كثيرة لظاهرة الطلاق منها ما هو اجتماعي وما هو اقتصادي بجانب جهل الزوجين بحقوق وواجبات كل طرف, وبدراسة كل هذه الأسباب والسعي لوضع حلول لها نصل إلي حل لهذه الظاهرة. هل قانون الخلع أحد أسباب انتشار هذه الظاهرة ؟ ظاهرة الطلاق انتشرت في السنوات الأخيرة بشكل كبير لدرجة أنه يصل لنا ما يزيد علي3200 حالة طلاق شهريا, وقانون الخلع هو أحد أسباب هذة الظاهرة, والمنظومة القانونية يجب أن يصاحبها حسن التربية وتثقيف الناس بسلبيات وإيجابيات هذا القانون وتبصيرهم بأمور دينهم, مع العلم أن ظاهرة الطلاق انتشرت في الخمسين سنة الماضية بوجه عام, وأن هذا العدد الذي يصل إلي دار الإفتاء المصرية شهريا لا يكون منه طلاق حقيقي إلا القليل, لأنه بدراسة هذه الحالات نجد أنه لا يقع منها إلا طلاق واحد أو اثنان فقطكل شهر; لأن الزوج قد لا ينوي الطلاق ولكن يقصد التهديد وقد لا يكون اللفظ معبرا عن حقيقة الطلاق حتي وإن كان رسميا, وهذا يحتاج إلي تحقيق من المفتي وقد لا يستطيع الزوج أو الزوجة توصيف الحالة للمأذون أو للمفتي الذي يحكم بينهما علي حقيقتها, فيجعل المأذون أو المفتي الذي يحكم بالطلاق أو عدمه لا يقف علي أسباب الطلاق الحقيقية ويكون الطلاق في هذه الحالة غير حقيقي, ومن ثم فنحن ننصح المأذونين والعلماء وهم علي دراية كبيرة بالعلوم الشرعية أن يبصروا الناس ويحذروهم من الوقوع في أمور الطلاق وعدم تكرار هذه الكلمة.. وعلينا أن نعرف أن نسب الطلاق قد ارتفعت في السنوات الأخيرة من6% إلي40% حسب الإحصاءات الرسمية لدار الإفتاء, وهذه النسبة داخل فيها أحكام القضاء ومسائل الطلاق وغيرها; وهي نسبة خطيرة ومزعجة تحتم علينا وضع حلول لهذه الظاهرة والبحث في أسباب وقوعها ووضع الحلول المناسبة لها; مع العلم أن قانون الخلع الصادر في عام2002 كان ضمن أسباب زيادة نسب الطلاق في مصر.. ونناشد المأذونين والعلماء وغيرهم أنه إذا وجد شكا في حالة من حالات الطلاق عليه أن يحيل السائل إلي دار الإفتاء المصرية لحل هذه المشكلات وهذه الأمور; ونحن من جانبنا إذا ظهر لنا بعد البحث الدقيق وقوع وصحة الطلاق نقول للزوج لابد من الذهاب إلي المأذون وتوثيق هذا الطلاق لمعرفة ما إذا كان الطلاق الأول أو الثاني أوغيرهما. الطلاق الشفوي يقع أم لا ؟ يقع الطلاق الشفوي إذا كان الزوج يقصد الطلاق وهذا وفق ما نص عليه الشرع الحكيم ونص عليه القانون المصري, والقانون ينص أيضا أن من يقع الطلاق منه الطلاق عليه أن يوثقه عند المأذون, والسائل عندما يأتي لدار الإفتاء ونري أن الطلاق قد وقع منه ننصحه بالذهاب للمأذون وتوثيق هذا الطلاق خلال30 يوما.. وعلينا قبل أن نبحث عن حكم الطلاق الشفهي يقع أم لا؟ يجب أن نعالج أنفسنا أولا, وأن كلمة الطلاق أصبحت كلمة سهلة في المجتمع ومنتشرة; حتي إن غالبية قضايا الطلاق التي تأتي إلي دار الإفتاء لا علاقة له بالعلاقة الزوجية لأن بعض الأزواج يقحمون كلمة الطلاق في أمور كثيرة كالتجارة والبيع والشراء وغيرها, فتجد أن الزوج إذا أراد أن يبيع شيئا قال علي الطلاق لن أبيعه إلا بكذا وكذا, ويفعل الشيء نفسه إذا أراد أن يشتري, وهكذا أصبحت كلمة الطلاق سهلة بين الكثير من الناس.. مع العلم أن الطلاق شرع ليكون علاجا للحياة الزوجية إذا فشلت سبل العلاج, ويجب أن نمتنع تماما عن تكرار كلمة الطلاق علي الألسنة.. ونعلم أن كل النصوص الشرعية تتجه إلي أن الطلاق هو آخر طرق العلاج, وبالتالي ينبغي أن ننظر إلي الطلاق علي أنه علاج لحالة مرضية, وفي حال ما إذا استعصي حل المشكلات الزوجية بكل الطرق. وهل وضعت دار الإفتاء بعض الحلول للمساهمة في حل مشكلة الطلاق ؟ نعم وضعت دار الإفتاء الكثير من الحلول والسبل لعلاج هذه الظاهرة كما أن هناك دورا مهما لكثير من المؤسسات الدينية غير دار الإفتاء كالمساجد والأوقاف وعلماء الأزهر وغيرهم في المساهمة في وضع حلول لأسباب هذه الظاهرة أيضا, مع العلم أن دار الإفتاء أنشأت إدارة خاصة لتأهيل المقبلين علي الزواج, وخاصة أننا لاحظنا كثرة الطلاق خلال السنوات الأولي من الزواج, بسبب الكثير من المشكلات, ومنها كما قلنا الفقر والجهل وعدم التوعية وغيرها, وحرصا من دار الإفتاء علي وجود مجتمع أسري مترابطومتكامل ومتماسك أطلقت الدار مؤخرا ما يسمي بالبرنامج التدريبي لإعداد وتأهيل المقبلين علي الزواج ويهدف هذا البرنامج في تدعيم وتزويد الشباب بالمعارف والمهارات والخبرات اللازمة, لتكوين حياة زوجية وأسرية ناجحة من خلال عقد الدورات والندوات التثقيفية, وإلقاء المحاضرات العلمية التي يلقيها بعض أساتذة الجامعات بالأزهر الشريف والأوقاف ودار الأفتاء, الي جانب بعض الإصدارت في الثقافة الزوجية والأسرية وغيرها, حيث يتم توضيح الكثير من الأمور المتعلقة ببناء الأسرة لبعض الشباب, وهناك ثلاث دورات سابقة أثبتت نجاحها, وتوجد الآن الدورة الرابعة لتأهيل المقبلين علي الزواج التي تنظمها دار الإفتاء; وكما قلنا تهدف هذه الدورات التي تقدمها الدار إلي بناء أسرة قادرة علي مواجهة وحل المشكلات الزوجية داخل المنزل, لأن بناء الإنسان مهم جدا فقد حرص الدين الإسلامي علي بناء الإنسان أولا, وحرص الرسول صلي الله عليه وسلم علي بناء الإنسان أيضا, وهذه الثقافة ورثناها عن رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم, فالرسول الكريم مكث ثلاث عشرة سنة في مكةالمكرمة لبناء منظومة القيم في الإنسان أولا, وذلك قبل أن ينزل قانون الوحي, وبعد أن قام بإعداد الإنسان الجيد أصبح هذا الإنسان قادرا ومؤهلا لتنفيذ القانون وتنفيذ التعاليم; لأن المنظومة القانونية يجب أن يصاحبها حسن التربية أولا ثم وجود ثقافة لبناء قيم هذا الإنسان.. مع العلم أن هناك أسبابا كثيرة لظاهرة الطلاق منها ما هو اجتماعي وما هو اقتصادي وما هو ثقافي, والاجتماعي مثل المشكلات التي تنشأ من جانب أهل الزوج والزوجة والمعارف والجيران وغيرها, والاقتصادي أن ترغب الزوجة مثلافي متطلبات واحتياجات تفوق دخل الزوج بكثير فتنشأ المشكلات التي تؤدي في النهاية إلي الطلاق, والثقافي مثل أن يجهل أحد الزوجين بحقوق وواجبات الآخر, وتجب دراسة كل هذه الأسباب وغيرها والسعي لوضع كل الحلول المناسبة لها لكي نصل في النهاية إلي حل لهذه الظاهرة, ونطالب الدعاة والشيوخ وخطباء المساجد وأمناء الفتوي والمثقفين وغيرهم والذي يقع علي عاتقهم مسئولية تبصير الناس وتثقيفهم بكل الأمور الشرعية وخاصة في مسائل الطلاق لكي نخف من حدة هذه الظاهرة.. ونؤكد أن كل النصوص الشرعية التي وردت في الكتاب والسنة. * إذا طلق الرجل زوجته وقابلها في الطريق فهل يجوز مصافحتها؟ أصبحت أجنبية عنه, وقد ورد بعض الأحاديث في النهي عن( مصافحة النساء) وورد فعل رسول الله صلي الله عليه وسلم أيضا من أنه أخذ بيد جارية وسار معها إلي السوق, وبالموازنة بين الأمرين نقول إذا حركت المصافحة ما هو كامن في النفوس فيبتعد الإنسان عنها, وإذا لم تؤد إلي شيء من ذلك لا يجب أن يحرج الإنسان من أمامه في هذا الموقف.. بمعني أن المصافحة بين الجنسين إذا صاحبتها شهوة واستمتاع, أو خيف أن يحدث منها ذلك فلا يجوز المصافحة.. وأما إذا خلت المصافحة من كل معاني الشهوة والاستمتاع فقد اختلف فيها العلماء ما بين محرم ومجيز, وهناك من العلماء من قال بالتحريم دون تفرقة بين إحراج, أو غيرها.. وهناك البعض الآخر من العلماء الذين قالوا بجواز المصافحة عند الاضطرار وأمن الفتنة, كما إذا بدأ الرجل فمد يده, لكن ليس للمرأة أن تبدأ بذلك.. والأفضل للمسلم والمسلمة أن يمتنعا عن المصافحة إذا كان لا يوجد ما يدعو لها, ويمكن عند الضرورة أن نأخذ برأي من قال بالجواز في أضيق الحدود.. ومن العلماء من يقول أيضا إن مصافحة المرأة للرجال محل خلاف في الفقه الإسلامي, فيري جواز ذلك واستدلوا بأن عمر رضي الله عنه قد صافح النساء عندما امتنع رسول الله صلي الله عليه وسلم عن مصافحتهن, وأن أبا بكر الصديق قد صافح عجوزا في خلافته, واستدلوا بأحاديث أخري, ومنها أن أبا موسي الأشعري رضي الله عنه جعل امرأة من الأشعريين تفلي رأسه وهو محرم في الحج أخرجه البخاري, وأن النبي صلي الله عليه وسلم كان يجعل أم حرام تفلي رأسه, ولم تكن محرمة عليه صلي الله عليه وسلم, فيمكن لمن اضطر بشيء من هذا أن يأخذ برأي من أجاز من العلماء للمصافحة.. ومما يؤكد هذا ما ذكره بعض العلماء أن لمس الرجل لإحدي محارمه, أو خلوته بها وهي من قسم المباح تنتقل إلي دائرة الحرمة إذا تحركت الشهوة, أو خيفت الفتنةوخاصة إذا كانت صغيرة مثل بنت الزوجة أو الحماة أو امرأة الأب, أو أخت الرضاع, اللائي ليس لهن في النفوس ما للأم أو البنت أو الأخت أو العمة أو الخالة من الخجل أو الحياء أو نحوها..كما أن هناك أيضا الترخيص في مصافحة المرأة العجوز التي لا تشتهي, ومثلها البنت الصغيرة التي لا تشتهي; وذلك لأنه لا توجد أسباب للشهوة أو للفتنة, وكذلك إذا كان المصافح شيخا كبيرا لا يشتهي.. * هل هناك زكاة في أموال الأيتام إذا كانوا أغنياء.. ومن يخرجها إذا كانوا صغارا؟ نعم يجب فيها الزكاة, حيث تجب الزكاة في أموال اليتامي والقصر عند جمهور الفقهاء لأن الزكاة ركن مالي تجب في جميع الأموال استدلال بقول الله سبحانه وتعالي( والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) وقد ورد في حديث ثابت أن رسول الله( صلي الله عليه وسلم) قال( تاجروا في أموال اليتامي كي لا تأكلها الصدقة) وقال بعض العلماء عن هذا الحديث إنه حديث حسن إضافة إلي النصوص الشرعية التي دلت علي وجوب الزكاة في الأموال إذا بلغت النصاب وتوافرت الشروط, وذهب بعض الفقهاء منهم الحنفية إلي أنه لا تجب الزكاة في أموال اليتامي والراجح هو رأي الجمهور.. ولذلك حرص الدين الإسلامي والرسول صلي الله عليه وسلم والقانون أيضا علي الحث علي تنمية أموال القصر حتي لا تأكلها الزكاة, وهذه مسئولية الوصي أو الولي في تنمية هذه الأموال.. فالواجب علي كل من كان عنده مال زكوي بلغ نصابا, والنصاب هو ما يساوي(85 جراما من الذهب الخالص أو595 جراما من الفضة الخالصة تقريبا) وحال عليها الحول الهجري( وهي السنة الهجرية) أن يؤدي زكاته, وسواء حصل هذا المال من كسبه وعمله أو كان إرثا أو هبة أو صدقة, طالما توفرت في هذا المال الشروط وهو بلوغ النصاب وحولان الحول فالزكاة فيه واجبة اتفاقا, وإذا كان هذا المال مملوكا للأيتام وهناك وصي عليهم فإن علي الوصي إخراج حصة كل واحد من هؤلاء الأيتام من المال الذي بلغ النصاب, وهناك آخر من العلماء اختلفوا في وجوب إخراج الزكاة عن هذا المال, وقلنا إن مذهب الجمهور خلافا لأبي حنيفة رحمه الله هو وجوب إخراجها لعموم قوله تعالي( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم) ولأمر النبي صلي الله عليه وسلم بالاتجار في مال اليتيم, وألا يترك حتي تأكله الصدقة, يدل هذا الحديث علي أن هناك صدقة في مال اليتامي. * وما حكم رسم الوحات الفنية في الشريعة الإسلامية ؟ إنه لا حرج في الرسم من الناحية الشرعية لأنه تعبير عن شيء موجود في الطبيعة.. وبهذا يظهر أن الرسم هو عمل الصورة بيد الإنسان الذي يعرف بالرسام فهو تصوير يدوي إذا كانت صورة مسطحة معمولة باليد, سواء كانت علي ورق أو قماش, أو جدار, ونحو ذلك, ولا تسمي الصورة الفوتوغرافية رسما; لأنها معمولة من خلال الآلة التصوير, والمرسوم هو ما عمل باليد.. وبهذا يظهر أن الرسم نوع من التصوير يكون معمولا باليد فهو تصوير يدوي وهذا أحد نوعي التصوير من حيث الوسيلة المستخدمة.. وهذه الرسومات إما أن تكون رسومات لغير ذوات الأرواح, أو رسومات لذوات الأرواح, والحكم فيهما مختلف وبيانه مختلف فيه بين العلماء, وهناك من قال إذا كانت هذه الرسومات لغير ذوات الأرواح كرسم السيارات أو المباني أو الجبال والأشجار وغيرها, فهذا جائز لا بأس فيه, ويدل علي ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما حينما قال لمن سأله عن التصوير ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر وكل شيء ليس فيه روح وفي رواية أخري أنه قال له إن كنت لا بد فاعلا, فاصنع الشجر وما لا نفس له وأن حكمه الجواز, سواء كان تصويرا آليا أو يدويا أو لغير ذوات الأرواح فهو جائز لا حرج فيه.