منذ فبراير عام2009 ظهر زر أعجبني أوLike باعتباره وسيلة التعبير عن الإعجاب بأمر ما في جمهورية الفيسبوك وتم تعديله لشكله الحالي في فبراير الماضي. وخلال السنوات الماضية تابعت بشكل دائم من يعبرون عن موقفهم بالإعجاب من بوستات لأصدقائهم علي الفيسبوك, ودائما ما يدهشني أن أجد لايك لصديق يتحدث في بوست عن موقف مؤلم أو محزن كحادثة مثلا أدت لإصابته وتكسير سيارته أو نعي لصديق أو قريب توفي. ويكون السؤال هل الإعجاب الذي أبداه الأصدقاء تعبير عن إعجابهم بما حدث لصديقهم؟ والإجابة المنطقية طبعا لا يمكن أن يكون ذلك صحيحا, إذن لماذا التعبير بالإعجاب علي مثل تلك البوستات. حاولت أن أبحث عن معني الضغط علي زرlike في الفيسبوك فوجدت آراء مختلفة منها من يري أن الإعجاب قد يكون تعبيرا عن الاهتمام بما كتب الشخص بصرف النظر عما كتب, ومنها إعلام صاحب البوست بأن الرسالة وصلت, ومنها أنه قد يكون تعبيرا عن لفت انتباه صاحب البوست وفي الغالب يكون من شباب لفتيات أو العكس, كما يكون اللايك إبلاغ صاحب البوست رسالة عتاب علي أنه لا يتواصل مع أصدقائه بينما يكتب بوستات, وقد يكون اللايك محاولة لتملق صاحب البوست ومن ثم تجد ذلك الشخص يعجب بكل ما يكتبه صاحب البوست بصرف النظر أيضا عن طبيعة ما يكتب. السؤال الآن هل يفهم صاحب البوست الغرض الأساسي لمن يقوم بضغط زر الإعجاب حتي يتم الغرض من إبداء الإعجاب؟ الغريب أنه رغم كثرة المعاني والأهداف التي يعبر عنها زر الإعجاب فإن الطرف الآخر في الغالب يفهم المقصود. بما يعني أننا إزاء لغة جديدة تتشكل بالفعل تخص مجتمعات معينة وأجيالا مختلفة. فليس ضروريا أن تكون المعاني السابق الإشارة إليها صحيحة أو مفهومة لكل مستخدمي الفيسبوك في العالم أو لدي الأجيال والطبقات المختلفة في المجتمع الواحد. هذه اللغة التي تتشكل تخلق ثقافة جديدة تماما تميز جمهورية الفيسبوك. فليس مهما أن تقرأ بوست أو مقال الصديق أو المقال أو الخبر الذي شيره لكتاب ومواقع أخري, المهم أن تثبت اهتمامك بصديقك وأن تبدو شخصا مثاليا مجاملا. وكثيرا ما نشرت أو شيرت مقالات وأخبارا وفور تشييرها أتلقي العديد من اللايكات وأحيانا التعليقات التي لا ترتبط بالموضوع بقدر ما تعلق علي فكرة النشر من أساسها. ومن تلك التعليقات مثلا أن يقول لك صديق نورت الفيس, أو أين أنت منذ فترة, أو لماذا شيرت ذلك الخبر من ذلك الموقع أو لذلك الشخص.. إلخ. طبعا في ظل تلك الحالة لابد أن تتأكد فورا أن ذلك الصديق لم يقرأ الموضوع وعلي الأرجح لن يقرأه فآخر ما يمكن أن تنتظر منه هو أن يبدي الإعجاب بما فعلت. وهنا لابد أن تدرك وتتأكد من أن اللايكات تلك ليست إلا إعجابا بك وليس بما كتبت, أو علي أقل تقدير فهي محاولة لرفع روحك المعنوية. ففي جمهورية الفيسبوك معيار النجاح هو عدد اللايكات التي يحوزها منشورك بصرف النظر عن طبيعته. يضاف لذلك أن هناك قطاعا كبيرا من مستخدمي الفيسبوك يعتمدون علي اللايك والشير للتواجد في تلك الجمهورية. يستخدمونها باعتبارها شهادة البقاء في جمهورية الفيسبوك. أما الأمر المدهش والمحزن في آن واحد فهو أن أصحاب البوستات المتأكدين من أن بوستاتهم لم تقرأ وأن الإعجاب هو لشخصهم من أصدقائهم فإنهم يفاخرون بعدد اللايكات التي حصلت عليه تلك البوستات. والأنكي من ذلك أنني صرت مجبرا أنا الآخر علي أن أبدي إعجابا بأشياء لم أقرأها فقط لأنها لأصدقاء دائما ما يبدون إعجابهم بما أنشر وإلا عاتبني بعضهم معتبرا أنني مهمل له. وقد لخص أحد أصدقائي علي الفيسبوك تلك الحالة بقول حكيم للغاية, إذ قال إنه في زمن الفيسبوك الصديق الحقيقي هو الذي يضع لك لايكاتlikes علي كل بوست لك.