مجرد صرخة أطلقها أبناء الصعيد عبر هاشتاج افتحوا سينمات الصعيد, إلا أن الأمر في هذه المرة تخطي نطاق شاشة الكمبيوتر ليتحول في وقت قصير إلي قضية لجيل كامل محروم من شاشة عرض يشاهد من خلالها الأفلام السينمائية مثله في ذلك مثل أبناء العاصمة والإسكندرية. وجاءت هذه الصرخة في ظل عزوف موزعي السينما والمنتجين من افتتاح دور عرض هناك نتيجة تعرضهم لخسائر فادحة تمنعهم من الاستمرار, ليبقي الحل الآخر في يد الدولة حسبما أكد عدد من النقاد وصناع السينما الذين رأوا أهمية الاستعانة بقصور الثقافة ووضع شاشات عرض بها كبديل لدور العرض الذي يفتقدها أبناء المحافظات...الأهرام المسائي تناولت القضية مع عدد من السينمائيين والنقاد والذين عبروا عن آرائهم في السطور الآتية: في البداية يقول الناقد أحمد حسونة: إن دور الدولة مهم في تجديد دور العرض القديمة الموجودة بالقري أو المساعدة علي افتتاح دور عرض جديدة, خاصة أن عدم الاهتمام بهذا الأمر يؤثر بالسلب علي صناعة السينما لأن دور العرض تزيد من عدد محبي السينما, مما يسهم في زيادة الدخل القومي. بينما قال سيد فتحي مدير غرفة صناعة السينما إن الأمر يعتمد في الأساس علي الثقافة الجماهيرية من خلال استغلال قصور الثقافة في كل محافظة لاستخدامها كدار عرض, وبسعر مناسب وبسيط خاصة أن الكثافة السكانية في المحافظات قليلة ولا تقارن بالقاهرة أو الإسكندرية وبالتالي من الصعب أن يقوم البعض بافتتاح دور عرض هناك, ولعل أكبر دليل علي ذلك هو وجود4 دور عرض في محافظة أسيوط قررت المنتجة إسعاد يونس الاستغناء عنها نظرا لأن إيجاراتها مرتفعة, بينما لا يوجد إقبال كبير تجاه الأفلام المعروضة. وأوضح أن طبيعة جمهور الصعيد أو الأرياف قد لا تقبل بما هو طبيعي في المدينة مثل أن تخرج الفتاة مع صديقاتها وتدخل حفلة9 مساء, وبالتالي علينا أن نعلم أن أي مستثمر سيكون محكوما بالعادات والتقاليد, وبالتالي فإن الحل الأمثل هو قصور الثقافة التي لابد أن يكون بها شاشة عرض سينمائية. وقالت الناقدة ماجدة موريس إن الدولة مقصرة في الاهتمام بدور العرض السينمائية التي لابد من وجودها في محافظات مصر المختلفة فمثلا في مهرجان الأقصر للسينما العربية والأوروبية لم نجد مكانا لعرض الأفلام, ولم يتح لنا سوي قصر السينما وقاعة المؤتمرات فقط, وبعد إنشاء قصور الثقافة ونوادي السينما تعرض فيهما الأفلام ولم تجد شركة نهضة مصر عندما أرادت فتح دور عرض في المحافظات التي لا تتوافر فيها السينمات ودخل معها أكثر من شريك وهنا بدأ إنشاء دور عرض في السويس وبعض المحافظات وعندما انسحبت الشركة توقف إنشاء هذه الدور. وأشارت إلي أن الدولة بعد إلغائها مؤسسة السينما في أوائل السبعينيات بسبب الخصخصة لم تفكر في تعويض ذلك فالثقافة تحتاج إلي جهد كبير من الدولة ولا يجوز تركها للقطاع الخاص, كما أن قصور الثقافة التي يتم الاعتماد عليها في القري أغلبها توقف وبحاجة للصيانة ولعدم وجود ميزانية لها, لم يهتم بها أحد. وأضافت أن حريق مسرح بني سويف الذي يعد كارثة تسبب في غلق العديد من قصور الثقافة لأن الدفاع المدني كان يطالبهم بإجراء صيانة, وأن تكون ضد الحريق, وكذلك أيضا قصر السينما في جاردن سيتي فكان مطلوب توقفه لعدم التزامه بقوانين الدفاع المدني وبالتالي فنري هنا أن الدولة لا تنقذ قصور الثقافة, ولا ترعي مسألة الاستثمار في دور العرض السينمائي وبالتالي من حق أهالي الصعيد أن يشكوا لرغبتهم في الاطلاع علي ما يحدث حولهم في السينما. وأشارت إلي أن الميزانية التي قامت بتخصيصها الدولة للفن قليلة للغاية ولولا خالد يوسف الذي تعاون مع بعض النواب بعمل دراسة في أزمة السينما وقدموها لرئيس الوزراء وكانوا يملكون قوة للإجابة علي كل الأسئلة ولولا ذلك ما كان يمكن رفع الدعم من20 مليون جنيه إلي50 مليون جنيه ووافق علي مسألة تدعيم الدولة الأفلام السينمائية من خلال بنك الاستثمار القومي ومازالت اللائحة لم تصدر كما أن هناك العديد من دور العرض مغلقة في الأقاليم ولم ينظر إليها أحد. وقال المخرج محمد فاضل إن عدم وجود دور عرض في عدد كبير من المحافظات, يؤثر علي صناعة السينما ولابد من إعادتها وأن يتم ذلك في إطار إستراتيجية للثقافة ونحن لا نملك إستراتيجية للثقافة أو للإعلام وفتح دور عرض جديدة يعتبر مجرد أحلام. وأضاف أن الوزراء الذين يقيمون مؤتمرات في الصعيد لا يفكرون في إنشاء دور عرض أو مسارح هناك, فقديما كان يوجد في طنطا شبه دار أوبرا وسينما وبالمنصورة ودمنهور أيضا ويجب أن تتواجد في أسيوط والمنيا والأقصر وأسوان وهذا الدور كانت تقوم به الثقافة الجماهيرية مؤكدا أن بعض قصور الثقافة تم تحويلها إلي قاعات أفراح وهذه كارثة كبيرة. وأشار إلي أن هناك العديد من المحافظات لا يوجد بها أي دور عرض فكيف لا تحرج الدولة التي رشحت السفيرة مشيرة خطاب لمنصب مدير اليونسكو من ذلك, كيف لا تحرج والثقافة متواجدة في القاهرة وأحيانا في الإسكندرية بجانب المهرجانات الخادعة وهي محدودة وقاصرة علي الأشخاص الذين يريدون الاستمتاع ولكنها لم تصل للجماهير. وقال المخرج روماني سعد إن عدم وجود دور عرض في محافظات الصعيد كارثة كبيرة ونقطة سوداء في تاريخ صناعة السينما وهذا يعود للدولة التي تقصر في ذلك فإذا لم تستثمر الدولة ثقافتها, في أماكن الصعيد فمن سوف يستطيع ذلك ففي النهاية لم ننشئ لهم سينما التي تعتبر نافدة وكل هذا يتسبب في خلق جيل متطرف بعيد عن الثقافات المختلفة. وأضاف أن الدولة لابد أن تساعد المستثمرين في إنشاء دور عرض هناك وتسهيل الخطوات المطلوبة ومن الصعب أن تحل قصور الثقافة محل دور العرض حيث لها دور آخر فهي تساعد الجمهور علي ممارسة الثقافة بشكل معين ولكن دور العرض خاصة بالسينما ويجب عدم إغلاقها وعدم هدمها مثل أسيوط وسوهاج والمنيا فالسينما مهمة كثيرا ولابد أن ينظر المسئولون في ذلك وعلاج هذه الأزمة.