في مؤتمره الصحفي المشترك مع الرئيس عبد الفتاح السيسي دعا الرئيس اللبناني ميشال عون مصر الي التقدم بمبادرة عربية لمحاربة الارهاب وانقاذ سوريا. يستوقف النظر أن عون أطلق دعوته من القاهرة وهي ثاني عاصمة عربية يزورها بعد توليه منصبه والتي سبقتها زيارته للرياض. وأنه دعا الي مبادرة عربية تقوم بها مصر وليس الي مبادرة مصرية وللأمرين دلالة. أما الدلالة فهي أن الرئيس اللبناني كرجل دولة مدرك لما يحيط بالمنطقة,و يعي ضرورة عودة الأمور الي نصابها وهي عودة تتطلب قيام مصر بدورها المحوري الذي تعودت عليه, وتعودت عليه المنطقة, وهو أن تبادر هي وليس غيرها الي العمل علي درء المخاطر التي تواجه المنطقة. ترافقت دعوة عون مع تطورات توحي بتنامي إدراك علي المستويين المصري والعربي بالحاجة الملحة للدور المصري الذي غاب وغيب للحد من التشرذم الذي وصل إلي حد التشظي عربيا ونجم عنه استبعاد أي وجود عربي فاعل من جهود دولية واقليمية تسعي لحل مشاكل عربية. فالي جانب زيارة عون كانت القاهرة علي مدي الأسبوعين الماضيين مسرحا لمحاولات رأب صدع وتنقية أجواء بدأت بزيارة وفد من حركة حماس في غزة لإصلاح ذات البين بين مصر والحركة. وإن صح ما وصفت به نتائجها بالايجابية فإن من شأنها أن تحد من مخاطر تسلل عناصر ارهابية الي سيناء وأن تخفف من جانب آخر من المعاناة التي يعيشها القطاع بسبب الحصار الاسرائيلي. تحدثت الأنباء أيضا عن اعتزام القيادي الفلسطيني محمد دحلان اطلاق ما أطلق عليه اسم تيار فتح الاصلاحي من مصر. قد يري البعض تناقضا في المصالحة بين مصر وحماس وبين ما يعتزمه دحلان وهو خصم سياسي لحماس في غزة وخصم أيضا للرئيس الفلسطيني محمود عباس. وليس في الأمر تناقض إذا كان لمصر أن تقوم بدورها الطبيعي كحاضنة لكل القوي والتوجهات عدا الارهابية والعميلة في الساحة العربية وأن يكون معيار الحكم لديها هو مدي توافق هذه القوي والتوجهات مع المصلحة العربية العليا. في هذا الاطار تواصلت المساعي المصرية لايجاد نقطة التقاء بين الفرقاء الليبيين قد تكون بداية لم شمل في مواجهة مخططات شيطانية لتحويل ليبيا الي مقر داعش الجديد بعد طرده الوشيك من كل من العراقوسوريا. بيان للجنة الشئون العربية بمجلس النواب جاء ليصب في هذا المسار حين أكد أن وضع مصر العربي الريادي يفرض عليها ضرورة التدخل بإيجابية وفاعلية في الملف السوري وأن الغياب الكامل لدور جامعة الدور العربية والدور العربي عموما في الأزمة لم يعد أمرا مقبولا. الغياب الذي مارسته مصر سنين طويلة في ظل حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك والتغييب الذي فرض عليها منذ ثورة يناير2011 جعل الساحة العربية كلها مستباحة من قبل قوي دولية تسعي لاعادة رسم خريطة المنطقة من جديد وشجع قوي اقليمية علي معاودة لعب أدوار كانت قد توقفت عنها عندما كانت مصر تقوم بدورها إضافة الي سعي بعض دول عربية تتصور لنفسها أدوارا أكبر من حجمها وقدراتها لصب الزيت علي النار كلما وجدت الي ذلك سبيلا. اللجنة استنكرت تغييب الدور العربي والمصري مذكرة أن سوريا هي بوابة مصر الشمالية ومنفذ تأثيرها في الإقليم العربي الشرقي ولأن بيانها كان عن سوريا فقط فإن نفس الأمر ينطبق علي ليبيا ويمثل انهيارهما أو تفككهما إلي دويلات خطرا علي المنطقة ككل وعلي مصر وأمنها القومي. دور مصر يناديها يا مصر قومي وشدي الحيل.