شهدت البورصة المصرية خلال الشهرين الماضيين موجة جديدة من الاكتتابات النقدية حيث وصل عدد الشركات التي أعلنت عن زيادة رأسمالها عن طريق طرح أسهم جديدة إلي أكثر من14 شركة منذ بداية شهر يناير حتي الآن. لكن رغم أهمية اكتتابات وثقل حجم الشركات التي اعلنت عن طرح اسهمها الا انها لم تحقق الأهداف المرجوة منها وخالفت جميع التوقعات في قدراتها علي دفع عجلة البورصة للأمام والخروج من حالة الركود وجذب مزيد من السيولة في السوق. فقد أكد الخبراء أن اتجاه الشركات لزيادة رأسمالها هو اجراء ايجابي للغاية لكنه جاء في توقيت غير مناسب خاصة في ظل تخوف عدد كبير من المستثمرين من الدخول إلي السوق في الوضع الراهن بسبب الأزمة المالية العالمية وتخوف عدد كبير من قرارات ايقاف وشطب الشركات التي طبقتها ادارة البورصة خلال الفترة الماضية. فما هي أسباب زيادة رأسمال الشركات المقيدة في البورصة؟ وأين تذهب تلك الأموال الجديدة وماهي الجهة المسئولة عن مراقبة استغلالها بشكل سليم لصالح المساهمين؟ وماهي تداعيات طرح اكتتابات زيادة رؤوس الاموال علي البورصة؟ ولماذا لم تجذب سيولة جديدة إلي السوق مثلما حدث في اكتتابات شركات الاتصالات التي جذبت اكثر من16 مليار جنيه إلي السوق؟ في البداية يقول عيسي فتحي نائب رئيس شعبة شركات تداول الأوراق المالية باتحاد الغرف التجارية إن عددا كبيرا من الاكتتابات التي حدثت في الشهرين الماضيين كانت من أجل توفيق اوضاع الشركات مع قواعد القيد الجديدة التي وضعتها البورصة المصرية والتي تنص علي ألا يقل رأسمال الشركة المقيدة عن20 مليون جنيه وألا تقل نسبة الأسهم المطروحة للتداول الحر عن10% من اجمالي عدد اسهم الشركة, مشيرا إلي أنه تم تأجيل تطبيق قواعد القيد الجديدة أكثر من مرة وكان لابد من تطبيقها في الوقت الحالي وذلك لما لها من أهمية وآثار ايجابية علي تنظيم السوق وشطب كل الشركات الضعيفة وهذا يقع بالضرورة لصالح المستثمر. واكد عيسي أن زيادات رأس المال عن طريق الاكتتابات التي حدثت في السوق أثرت سلبا علي السيولة الموجودة في السوق لأنها لم تنجح في ضخ سيولة جديدة إلي السوق واعتمدت علي السيولة المتاحة فقط لكنها من المؤكد انها ستسهم بشكل كبير في توسع الشركات المقيدة في استثماراتها بالتالي ستزداد قوة الشركة وقوة أسهمها. ويوضح أن من أهم اسباب امتناع العملاء الجدد عن الدخول إلي السوق والاكتتاب في تلك الشركات هو ما شهدته البورصة المصرية من قرارات ايقاف وشطب الشركات خلال الفترة الماضية بالاضافة إلي ايقاف التعاملات علي أسهم بعينها دون الاعلان عن مدة وقفها, هذا إلي جانب هبوط البورصة المصرية وانخفاض أسعار الاسهم عن قيمتها الحقيقية, الامر الذي أدي إلي فقدان الثقة في السوق وعدم وضوح اتجاهات السوق خلال الفترة المقبلة. ويضيف أن اكبر زيادة رأسمال شهدتها البورصة كانت طرح أسهم زيادة رأسمال شركة اوراسكوم تيلكوم وذلك باصدار4,2 مليار سهم بقيمة جنيه واحد لكل سهم وهو ما تسبب في سحب سيولة كبيرة من الاسهم الأخري الموجودة في السوق ويليه شركة أجواء التي تخطط لزيادة رأسمالها من200 مليون جنيه إلي مليار و200 مليون جنيه. ويؤكد محمد سيف مدير إحدي شركات تداول الاوراق المالية أن توقيت اختيار طرح زيادات رأس المال سيئ للغاية لأنه لم ينجح في جذب سيولة جديدة إلي السوق ويرجع ذلك بالاساس إلي تخوف دخول المستثمرين إلي السوق بسبب قرارات ادارة البورصة بشطب عدد كبير من الشركات ووقف التعاملات علي الأسهم بدون مبررات قوية. اما محمود عنتر خبير استثمارات مالية ومحلل مالي فيقول ان عدد الشركات التي أعلنت عن زيادة رأسمالها خلال الشهرين الماضيين وصل إلي14 شركة كان أبرزها أوراسكوم تيلكوم وبالم هيلز وسوديك والجيزة العامة للمقاولات والمصرية لخدمات النقل والوطنية لمنتجات الذرة وشركة التعمير السياحي والشركة الوطنية للامن الغذائي. ويوضع أن هناك عددا من الاسباب وراء زيادة رأسمال الشركات عن طريق طرح اسهم جديدة وهي اما استهداف الشركة للتوسع في استثمارات جديدة أو اعادة هيكلة الشركة أو سداد ديون بنكية أو تحويل احتياطات نقدية لرأسمال أو توفيق أوضاعها مع قواعد القيد الجديدة وهو إجراء ايجابي من شأنه رفع قوة الشركة ووضعها المالي. ويؤكد أن الاكتتابات التي كانت تعلن عنها الشركات في البورصة كانت تقوم بدور مهم جدا في جذب سيولة جديدة وضخمة الي السوق ولكن الأزمة التي تشهدها السوق خلال الفترة الماضية حالت دون ذلك بل كان لها تأثير سلبي علي السيولة المتاحة لباقي الأسهم السوق. وعن ضمان الاستغلال الامثل لزيادات رءوس الأموال يؤكد محمود عنتر أن الشركة التي تريد زيادة رأسمالها عن طريق طرح اكتتابات جديدة لابد ان تقدم ضمانات كافية لهيئة الاستثمار وضمانات بنكية تضمن سداد الشركة لنسبة تتراوح ما بين40 و100% من قيمة الزيادة المستهدفة زيادة رأس المال, هذا بالاضافة الي دراسات جدوي للاهداف المرجوة من الزيادة المطروحة حتي تحصل علي موافقة الهيئة العامة للرقابة المالية علي طرح الاكتتاب في البورصة. ويضيف أنه بعد موافقة هيئة الرقابة المالية علي زيادة رأس المال تنتقل مهمة مراقبة الشركة في تنفيذ أهداف الزيادة الي الجمعية العمومية للشركة مؤكدا أنها أقوي جهة للمراقبة لان المساهمين وحملة الاسهم هم أصحاب المصلحة الأولي في تقوية المركز المالي للشركة وزيادة حجمها في السوق. وانه قد تحدث احيانا بعد زيادة رأسمال الشركة أحداث جوهرية تمنع الشركة من تنفيذ الاهداف المحددة من الزيادة مثلما حدث في احدي الشركات التي قامت بطرح اسهم زيادة رأس مال في اكتتاب نقدي كبير للاستحواذ علي حصص من أسهم بعض البنوك إلا أنه اثناء التنفيذ جاءت رياح الازمة المالية العالمية والتي حالت دون تنفيذ تلك الصفقات حتي لا تحمل الشركة اعباء اضافية فتراجعت عن تحقيقق أهدافها حفاظا علي مصلحة المساهمين. أما الدكتورة جيهان جمال رئيسة مركز ايواد للدراسات الاقتصادية وخبيرة الاستثمارات المالية فتوضح أن عملية زيادة رأس المال في الشركات هي احدي الطرق التمويلية التي تسعي من خلالها الشركة لسد احتياجاتها من السيولة ولتقوية مركزها المالي في السوق وتكون إما عن طريق اصدار أسهم جديدة, أو عن طريق دمج الاحتياطي في رأس المال( عملية نقل للاحتياطات) أو عن طريق تحويل السندات الي اسهم وتلجأ بعض الشركات والمؤسسات المالية أحيانا الي تعديل رأس مالها إما بزيادته أو بتخفيضه, وهذا التعديل يتم من خلال الجمعية العمومية حسب نظام الشركات المعمول به وقد تلجأ الشركات الي زيادة رأس مالها نتيجة للخسائر وقد تهدف لتسديد ما عليها من ديون أو للتوسع في مشروعات جديدة, مشيرة الي ان عملية زيادة رأس المال تتم باصدار أسهم بالقيمة الاسمية للسهم ويتم تحويل قيمة هذه الأسهم المصدرة من الاحتياطي واضافتها الي رأس المال. وتؤكد أن عملية زيادة رأس المال تعتبر حقا طبيعيا ومكفولا بسلطة القانون لجميع الشركات المدرجة في البورصة لانها تعد أحد المصادر الاساسية لتعظيم مصادر عوائدها كما يحدث في جميع أسواق المال.. ولكن نجد في السوق المصرية ان هناك العديد من الشركات قامت بزيادة رءوس أموالها مع اختلاف اغراض الزيادة إلا أنها لم تستخدم هذه الزيادات التي أقرتها جمعياتها العمومية ووافقت عليها الهيئة العامة لسوق المال وأصبحت قضية زيادات رءوس الأموال غير المستغلة ظاهرة خلال الفترة الماضية, حيث تعددت حالات الزيادة في رءوس الأموال لبعض الشركات التي لم يتم استغلالها كما هو موضح بجمعياتها العمومية دون أي مراجعة من جانب الهيئة العامة لسوق المال أو من جمعيات الشركات.