تصلي الأم كل يوم لربها تدعو ساجدة الا يحرمها من أبنائها ويحميهم من كل مكروه ولا تنام الا بعد ان تتحسس حوائط المنزل إلي ان تصل يدها لأجسادهم وبعد ان تغطي الاول والثاني وتصل إلي حسن وهو الأوسط بين أخوته. حتي تزيد من تقبيل رأسه وتحكم الغطاء حول جسده المنهك من أثر مساعدته لأبيه في اعمال النجارة ويتمتم فمها بأيات الحفظ داعية المولي له الحماية من كل مكروه فحسن هو عينها التي تري بها بعد مشيئة القدر ان تكون كفيفة البصر مبصرة القلب كما يحب ان يناديها زوجها هذا هو حال ام حسن يوميا لا تعرف الحياة الا من خلال ابنائها الي ان جاء يوم29 يناير الماضي وانتظرت فيه عودة زوجها وولدها حسب الميعاد المتفق عليه مع الاب ولكن لم يأت احد واحتضنت الام ولديها الباقين بذراعيها تمنعهم النزول او البحث عن أبيهم واخيهم خوفا عليهم وسط ما تسمعه من صوت الطلقات المدوية وصرخات من يعلنون ان هناك بعض الحرائق ولا تستجيب المطافئ للمجيء وظل قلب ام حسن يدق بقوة مع مزيج وصخب الاصوات الهادرة لم يتفاعلون مع ما تبثه الفضائيات عن ان هناك فراغا امنيا وشيئا ما غير مفهوم لا يعلم احد عواقبه. وفجأة سمعوا جميعا صوت الأب خلف باب المنزل يقول بصوت يملؤه الأسي ربنا كبير.. الحمدلله.. الحمدلله ليدخل منهارا صرخت الأم جازعة تستفسر عما حدث سائلة عن حسن ليرد عليها باكيا حسن راح ومش هيرجع تاني وانفجر الرجل في البكاء بينما خرت الام مغشيا عليها كأنها أعجاز نخل خاوية. فاقدة القدرة علي الكلام( الأهرام المسائي) التقت الأسرة الكلومة ومن بين الدموع وبعد محاولات كثيرة لحثه علي الكلام يقول الأب محمد عبدالفتاح حسن أعمل نجارا علي باب الله ويوم29 يناير الماضي يوم الحادث كنا نعمل في مدينة نصر ونحن عائدون للبيت في مدينة6 اكتوبر اجرنا تاكسي من ميدان الجيزة وكنا ثلاثة انا وجلست خلف السائق وبجواري حسن ابني9 سنوات تلميذ بالابتدائي وراكب آخر وعندما اقتربنا من احد الشوارع القريبة تحديدا أمام جهاز مدينة6 اكتوبر من مساكن عثمان محل اقامتنا فوجئنا بكمين ووقوف عديد من السيارات لوجود اطلاق نار شديد وعلمنا ان القوات المسلحة تعترض سيارة شرطة تطلق النيران بشكل عشوائي علي الأهالي والسيارات. ويخفت الرجل صوته وهو يقول وكان امامنا سيارتان ولاحظنا طلقات سيارة الشرطة ظلت مركزة علي السيارات الواقفة فترة من الوقت وفجأة أحسست ان شيئا قذف في شنطة التاكسي فاذا بها طلقة رصاص خرجت من الخلف لتخرج من صدر ابني الي الكرسي الامامي وسط ذهولي الشديد واحساس بالشلل المفاجئ مستشفي مستشفي وكأني احلم غير مصدق ما يحدث وتحرك السائق بشهامة محاولا الوصول وسط الطلقات التي لم تهدأ وصرخات الجميع خشية الاصابة او الموت وظللنا نصف ساعة في محاولات مستميتة الي ان وصلنا لمستشفي خاص كبيرة واستقبلنا بعض الاطباء بملامح مشفقة علي وسط صرخاتي ابني يضيع مني انبي يموت احنا معملناش حاجة انقذوه يا عالم ياهوه. ويبكي والد الشهيد حسن وهو يتذكر بشجن قائلا خرج الاطباء قائلين البقاء لله وتجمع اهل الخير ولفوه في ملاية ثم طلبت منهم تصريح دفن قالوا مفيش حكومة في البلد ثم طلبت جثمانه بالمستشفي لاستصدار تصريح رسمي بالدفن وكان هناك عسكري من القوات المسلحة مناوبا للحراسة بالمستشفي وحملتني قدماي الي المنزل لا اعلم ماذا اقول لأمه الكفيفة التي كان حسن يعتبر ساعدها الايمن والايسر وتعتمد عليه في شيء وصوت دعواتها له اثناء ذهابه للمدرسة كل صباح مع اخوته يتردد في المنزل ويطن بأذني وصوت حسن لا انساه فقد كان به من الشهامة والرجولة ان يساعدني كنجار بسيط ارزقي واسرتنا بسيطة ولا نسأل احدا شيئا الا الله هو الذي يعوضنا. ويستكمل والد الشهيد حسن قائلا اليوم الثاني كشفت علي الجثة د. مني يباركها الله واعطتني الاوراق مثبت فيها الوفاة نتيجة طلق ناري وبعد مدة ارسلت لي نيابة6 اكتوبر قسم ثان للاستعلام عما حدث ورويت لهم كل شئ ورفعت دعواي من خلال محامي الشعب الدكتور عثمان الحفناوي. وسلمت كل الاوراق الي جهة تابعة لوزارة التضامن معاشات الشهداء منذ20 يوما ووعدونا بالاتصال ونحن في إنتظارهم.