هذه هي النفس البشرية.. الروح المعصومة.. نفخة الله في آدم أبو البشر.. لا يزهقها أحد إلا بحقها, بقصاص, أو جريمة حدها القتل, أو اعتداء في حرب أو غيرها, نفوس معصومة من الاعتداء أو التنكيل أو الترويع أو التخويف, بل إن هذا الحق في الأمن والأمان والاطمئنان حق للحيوان والطائر, رأي رسول الله صلي الله عليه وسلم طائرا يحوم حول مكان, فعلم أنه يبحث عن أفراخه( أولاده), فقال من فجع هذه في أفراخها؟ فأعاد أحد الصحابة إليها أولادها, ونهي عن تحميل الحيوان ما لا يطيق من العمل كالجمال والحمير, وأمر بالرحمة والرأفة والشفقة عليها فقال:في كل كبد رطبة أجر, وفي حديث مرفوع: إن الله غفر لامرأة بغي لأنها رحمت كلبا كان يلهث من العطش فسقته بخفها أي بحذائها!, وقال:عذبت امرأة في هرة, سجنتها حتي ماتت, فدخلت فيها النار, لا هي أطعمتها, ولا سقتها إذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض, كلب يدخل امرأة الجنة لرحمتها له, وقطة تدخل امرأة النار لقسوتها عليها!, ووجد رجلا يبحث عن حذائه بعد أن أخفاه أحد أصدقائه فنهاه عن ذلك حتي لا يروعه!, ونهي أن يشير الإنسان إلي أخيه بحديدة لتخويفه أو ترويعه, بل أمر بالرحمة بالنبات فنهي عن قلع وحرق الأشجار والنخيل في الحروب, بل أمر بالتعمير والبناء حتي ولو علم الإنسان أن القيامة قائمة, فأمره بزرع الفسيلة, ونهي الاعتداء علي أصحاب الديانات والملل الأخري مادام لم يعتدوا ولم يكيدوا للمسلمين, بل وحفظ القرآن لهم نفوسهم, وحمي أماكن عبادتهم( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا), والصوامع أماكن عبادة الرهبان, والبيع للمسيحيين, والصلوات أماكن عبادة اليهود, والمساجد للمسلمين, والكل يذكر فيها اسم الله علي اختلاف التصورات, ونهي الرسول صلي الله عليه وسلم عن الاعتداء علي الكنائس والمعابد والرهبان والأحبار المعتكفين للعبادة حتي في وقت الحرب, وأمر بحمايتهم وعدم التعرض لهم, فكيف بمن ينسفون الكنائس ويقتلون من فيها في وقت السلم ولأبناء الوطن الواحد, الذين ساوي الرسول بينهم وبين المسلمين في الحقوق والواجبات في وثيقة المدينة الشهيرة, وقال:من أذي ذميا فأنا خصمه, وقال الله تعالي ناهيا عن الاعتداء علي غير المسلمين( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين), فكيف بمن يستحلون القتل والنسف والتفجير لأماكن العبادة وقتل النفس المعصومة التي حرم الله إلا بالحق( أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا), يا الله, من قتل نفسا ظلما وعدوانا يتحمل وزر من قتل الناس جميعا, فأي وزر هذا؟!, وأي جريمة هذه؟!, ومن يستطيع تحمل هذا العبء؟ إلا من كان جاهلا أو مجنونا أو مفتونا أو مغررا به أو زائغ القلب أو فاقدا للبصر والبصيرة, من يسمح لنفسه أن يكون كلبا من كلاب النار, يكتوي فيها بالعذاب من أجل فهم خاطئ وسلوك مشين, يدمر به نفسه ويؤذي به غيره, ويخسر به دينه ودنياه!