الشخص الطبيعي يدرك تماما أن الله جعل التباين أساس الحياة ليحثنا علي التعاون والتكامل وتقبل الآخر. لكن البعض تشعل الغيرة في نفسه نار الحقد والحسد حين يري نجاح الآخرين وتدفعه للتقليد الأعمي ليصبح نسخة مطابقة لمن يقتدي به. أو يغير منه لدرجة الغباء. ولابأس من غيرة تدفعك للمنافسة الشريفة أو التقليد المحدود لشيء أعجبك. فالحياة بنيت علي التقليد والمحاكاة في حدود المشروع والمقبول. لكن أن ينتابك شعور مركب من الخوف والقلق من نجاح الأخرين, ولهيب يحرق كل شيء من حولك بسبب سوء الفهم وغياب الوعي وسطحيتك عند تحليل المواقف,, فأنت خرجت عن نطاق السواء بسبب مشاعر الدونية المتأصلة في نفسك وعدم ثقتك بذاتك وحساسيتك الزائدة والمبالغة في تقدير المشاكل والأحداث وبعدك عن الحقيقة.لتتحول بعدها الغيرة الصحية إلي فعل أناني ومرضي نتيجة اضطرابات مترسخة منذ الطفولة داخلك وقد يكون الحرمان من العطف والتسامح في بداية حياتك زرع لديك شعور بالاضطهاد والإحباط ظل يكبر داخلك حتي انفجر بغباء في التصرف والتدبر.ولذا يري علماء النفس أن الغيرة مرض نفسي مدمر سببه خلل في التربية سواء في البيت أو المدرسة, ولذا من الصعب اعتبار الغيرة عامل محفز للعمل, لأنها في الغالب مصحوبة بالغيظ والمشاعر السلبية والميل للتخريب والتقليد.وينتج التقليد من الغيرة التي تؤثر علي مستويات التفكير الواعي فتشل قدرات الشخص وتهز ثقته بنفسه, فيتأثر بالأخرين في ملبسهم وطريقة كلامهم ونمط حياتهم ليصبح صورة طبق الأصل لشخص ما,, وهنا الخطأ! فالمقلدون تعميهم الغيرة, ولا يستقرون علي رأي واحد, ومتقلبين المزاج والسلوك, يفتقدون الاستقلالية, فهم أجساد تحمل رءوسا فارغة خاوية وغباء مزمن ونرجسية وأنانية مفرطة وميل للعدون والعنف, يسرقون أفكار الغير وينسابونها لأنفسهم. فهم يبحثون عن الاهتمام ولفت الانتباه من خلال لبس شخصية ناجحة. وليس معني ذلك أن كل غيرة مرضية وستنتهي إلي التقليد والتدمير,,كما إنه من الصعب اعتبار الغيرة مظهر من مظاهر الحب, لأن الغيرة تنبع من الشعور باحتقار الذات وفقر قدراتها, فحين أن الحب احترام وتقدير للذات. إذا عزيزي الغيور الذي لغي عقله وجعل الغيرة والتقليد منهج ونمط حياة, لا تقارن نفسك بالآخرين, وأعرف قدراتك واشتغل عليها وتعلم وتدرب أن تقتل الغيرة المرضية داخلك وأن تطفيء نار الحسد التي لغت عقلك وجعلت منك مجرد صورة مستنسخة من الأخر. فصحتك النفسية والعقلية أمانة بين يديك. كلية الآداب جامعة الإسكندرية