علي عكس كل التوقعات واستطلاعات الرأي. فاز ترامب برئاسة الولاياتالمتحدة, وأصبح الرئيس رقم45 لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة, وخسرت السياسية المخضرمة هيلاري كلينتون والتي كان من المتوقع أن تكون أول امرأة تجلس علي كرسي الرئاسة في البيت الأبيض. وخيبت نتيجة الانتخابات التي جرت في التاسع من نوفمبر الجاري آمال النخبة السياسية والعسكرية والثقافية في أمريكا, بل وفي أرجاء العالم كله الذي كان متأكدا من وصول كلينتون إلي سدة الحكم. وكانت الآراء مختلفة ومتضاربة حول من الأصلح لقيادة الولاياتالمتحدة في هذه الظروف العالمية الصعبة, فالاقتتال قائم بين الشعوب العربية في سوريا والعراق وليبيا واليمن, والإرهاب يضرب بقوة في كل دول العالم ويرهق قوات الأمن خاصة في بلدان أوروبا حيث لا يمكن تطبيق قوانين وإجراءات استثنائية, وقد فاز ترامب بأغلبية مريحة وفارق كبير عن منافسته الديمقراطية, كما حصل حزبه الجمهوري علي الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ, وترامب هو ملياردير أمريكي. ليس له سابق خبرة سياسية, كما أنه لم يتقلد طوال حياته مركزا سياسيا مرموقا, بل قضي حياته يدير أعماله الخاصة, من شركات وفنادق ومصانع تنتشر في ولايات أمريكا. ورغم ما يمكن اعتباره صدمة عالمية فإن دولا وقوي دولية سعيدة بفوز ترامب, وكانت تتمناه, بل ويقال إن دولا تدخلت لتحسم النتيجة لصالحه بما سربته من مخالفات منافسته, وأولي هذه الدول هي روسيا, حيث سارع بوتين بتهنئته بالفوز, وكان ترامب قد أبدي إعجابه بشخصية الرئيس بوتين وبحزمه وقدرته علي إدارة الملفات السياسية والعسكرية كما في سوريا, وكان هناك ارتياح كبير من دولة إسرائيل لانتخاب ترامب, وصرح وزير خارجيتها بأن فكرة الدولة الفلسطينية قد انتهت, أما الصدمة فتتركز في دول أوروبا ألمانيا وفرنسا, حيث أثارت تصريحات سابقة لترامب القلق لدي القادة الأوروبيين. وقد قدم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي التهنئة لترامب فور إعلان فوزه, وتمني له أن يقود بلاده إلي السلام الذي ينتظره العالم من الولاياتالمتحدة كدولة ديمقراطية عظمي. ومع أن فوز ترامب بالرئاسة ليس هو الخيار الأفضل للشرق الأوسط, بل كان الأفضل للمنطقة أن تصبح كلينتون سيدة البيت الأبيض, فهي سياسية مخضرمة, كما أنها عملت وزيرة للخارجية في إدارة أوباما, وتعرف منطقة الشرق الأوسط وتعقيداتها وأسهمت في رسم سياسة الولاياتالمتحدة تجاه المنطقة. وقد أحدث ترشح ترامب للرئاسة الأميركية شرخا في الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه, وحدثت خلافات بين قادته, حتي إن كثيرا منهم لم يصوت له في هذه الانتخابات, وعلي رأسهم عائلة بوش الجمهورية, فقد أعلن جورج دبليو بوش الابن وزوجته لورا أنهما لم يصوتا لترامب ولا لهيلاري. كما أن بوش الأب لم يعلن تأييده لترامب في خطوة غير مسبوقة بالنسبة للرؤساء السابقين المنتمين إلي نفس الحزب, وقبل الانتخابات صرح ترامب أن هناك تجاوزات وفسادا في بعض الولاياتالأمريكية لصالح منافسته الديمقراطية, ملوحا بأنه لن يقبل الخسارة في حالة وقوعها, والآن ماذا يقول بعد أن نجح باكتساح وسارعت كلينتون بتهنئته والاعتراف بهزيمتها أمامه. لقد أصبح ترامب رئيسا للولايات المتحدة, وهذا أمر واقع, ومن المهم أن يتنبه للدور المحوري الذي تلعبه مصر في قضايا الشرق الأوسط, بما لها من مكانة بين الدول العربية, لذا يتحتم عليه, وعلي الولاياتالمتحدة رعاية لمصالحها, أن تقف بجانب مصر في حربها ضد الإرهاب, وأن تدعمها سياسيا واقتصاديا ومعنويا لمواجهة الجماعات الإرهابية والمتطرفة, لتتفرغ القيادة المصرية للمشاكل الاقتصادية وبناء مصر الحديثة, وتحيا مصر.