لا يخفي علي أحد ولا يمكن أن ننكر أننا في مصر نعيش وضعا مأزوما, ونمر بمرحلة خطرة وصعبة,ووصلت الأحوال الاقتصادية إلي منعطف بالغ السوء والخطورة, ولم يعد الشعب يتحمل تبعات هذا الفشل في السياسة الاقتصادية التي لم تر حلا سوي الاقتراض من الخارج, ومجتمع يقوم علي الديون هو مجتمع مهدد دائما بالسقوط وتضاعف المشاكل..باختصار نحن علي حافة الانهيار. ولا أبالغ إن قلت نحن في شدة تكاد تصل إلي وضع الشدة المستنصرية إن لم تكن لدينا حكومة حازمة حاسمة,تعرف المرض وتشخصه بدقه وتحدد العلاج اللازم حتي ولو كان مرا..الشدة المستنصرية هو مصطلح يطلق علي مجاعة حدثت بمصر نتيجة غياب مياه النيل بمصر لسبع سنين متواصلة عرفت بالعجاف نهاية عصر الخليفة الفاطمي المستنصر بالله(457-464 ه/1065-1071 م). وأيضا ليس بخاف أننا نعيش حالة حرب شرسة ضد الإرهاب وضد التخلف,وهذه الحالة تقتضي وجود حكومة تملك روحا قتالية وتدرك حجم المسئولية الكبري الملقاة علي عاتقها وأنها مطالبة بمسابقة الزمن,عليها أن تبدأ بتصحيح المسار لأساسيات النمو الاقتصادي التي ترتكز إلي سياسات مالية ونقدية مستقرة تحت مظلة مناخ جاذب للاستثمار وليس طاردا له وبالارتكاز إلي بيئة ديمقراطية توفر حكم القانون. حكومة برؤية جديدة تضع في الاعتبار أن التنمية الاقتصادية بلغة الأرقام حول معدلات النمو لا قيمة لها إذا لم يكن لها مردود محسوس في المجتمع..كما أن التنمية البشرية تتطلب توفير أوعية كافية للاستيعاب والتشغيل وبدون ذلك تصبح إهدارا للوقت والمال فالتنمية الاجتماعية لا تتحقق بسياسات المنح والعطايا وإنما بالبرامج الخدمية والمعيشية الكريمة والمستقرة من خلال تنمية الوعي المجتمعي باتجاه الإنتاج الزراعي والصناعي والقدرة علي تسويقه وليس بتنمية سراب الوهم في المكاسب السهلة من مضاربات البورصة وغيرها. نحن في حاجة إلي حكومة حرب تحقق الأمن وتوفر الاستقرار وتشجيع الاستثمار مع تجنب كل ما يهدد النمو الاقتصادي أو يفرغه من مضمونه الاجتماعي سواء بالإفراط في فرض الضرائب أو عدم ترشيد الإنفاق الحكومي لأن هذين العنصرين هما سرطان التنمية في أي مجتمع. الحاجة إلي حكومة حرب تفرضها حالة تزايد حدة الضغوط التي يعانيها المصريون بفعل ارتفاع الأسعار وأيضا الخدمات التي تقدمها الدولة من ماء وكهرباء, فضلا عن ارتفاع أسعار الأدوية ومن ثم ارتفاع أعباء وتكاليف المعيشة. وفي الوقت الذي تتصاعد فيه معدلات الغلاء وارتفاع أعباء الحياة, تواصل الحكومة عملها بطريقة تقليدية وكأن الأوضاع علي ما يرام,وهي ليست كذلك, خاصة أن بلادنا تتعرض لمؤامرات إقليمية ودولية لها امتداداتها الداخلية. أنا أري أن الحكومة الحالية والحكومات السابقة لم تتعامل مع المشكلات والأزمات التي تعصف بنا من خلال رؤية شاملة ولا مكان للتخطيط الاستراتيجي في فكرهم, هي حكومة تأدية واجب لا أكثر, ومن ثم فهي حكومة لا تناسب إطلاقا طبيعة المرحلة التي تمر بها البلاد والتي تشهد مؤامرات وتحالفات ورغبات مشتركة لتركيع مصر وسلبها استقلالية القرار, سواء بفعل الضغوط الدولية من قوي كبري أو ضغوط الحاجة المالية من قوي إقليمية لا تمتلك سوي المال. وبصراحة ووضوح نحن في حاجة إلي حكومة حرب تقاتل إلي جوار الرئيس دفاعا عن مصر والمصريين تواجه المؤامرات التي تحاك للبلاد, تضرب بيد من حديد كل فاسد جشع, تمتلك رؤية اقتصادية بعيدة المدي, حكومة حرب تأخذ علي عاتقها تنفيذ القانون بكل حسم, حكومة جادة تتولي مهمة التصدي للتحديات الخطيرة التي تواجهنا.