النخبة في لغتنا العربية تدل علي الاصطفاء والمختار من كل شيء, ونخبة القوم صفوتهم وخيارهم ومنتقاهم, وقد جاء في القاموس المحيط:نخب ينخب نخبا: أخذ نخبة الشيء, أي:المختار منه, ويقال:جاء في نخبة أصحابه:أي في خيارهم. وجاء ايضا:انتخب الشيء:اختاره,.. قال الأصمعي:يقال هم نخبة القوم, بضم النون وفتح الخاء. وجاء في لسان العرب لابن منظور, أن كلمة نخبة مصدرها الفعل انتخب, وانتخب الشيء, أي اختاره, وأشار معجم المصطلحات السياسية والدولية, إلي أن(Elite) يقابلها بالعربية الصفوة, أي: علية القوم, وهم أقلية ذات نفوذ تحكم الأغلبية, وتلعب هذه الصفوة دورا قياديا, وسياسيا لإدارة جماعاتهم من خلال الاعتراف التلقائي بهم بصفتهم أصحاب المعرفة والحظوة والسطوة والحل والعقد, وعلينا أن ندرك تماما أن القوة هي المؤشر الذي يحدد إذا ما كان الإنسان من النخبة أو من عامة الناس, ومن المفترض أن تتوافر القوة لدي الإنسان بتوافر العلم الذي يوفر لحامله الثروة التي تصنع له المكانة وبالتالي تجعله من النخبة. لقد عرف العرب منذ قديم الزمن مفهوم النخبة وبرز ذلك جليا في قصائدهم ونثرهموسامرهم, ونظرة سريعة علي مجتمع القبيلة العربية في الجاهلية وفي الإسلام تدرك أن كلمات كعلية القوم وسادتهم وشيوخ القبيلة والأعيان التصقت بفئات كان بمقدورها إدارة دفة الحياة الاجتماعية في القبيلة أو المدينة أو الدولة, وغالبا ما أطلقت مثل هذه الكلمات النخبوية علي أشخاص يمتلكونالقدرة علي التأثير الفكري والاجتماعي والسياسي في المجتمعات العربية القديمة, وغالبا ما كان هؤلاء الأشخاص يتصفون بالثراء والمعرفة والقوة والشجاعة والبيان الشعري, حيث كان الشعراء والفرسان والحكماء يحتلون المكانة العالية في مجتمع القبيلة العربية. كانت النخبة المصرية تقود الشعب وتوجهه في مراحل مهمة من عمر الوطن, وبذلت في مواجهة الطغاة والاحتلال كل غال, وجادت بكل نفيس, وتجرعت صنوف التنكيل والنفي, وفي صمودهم المشرف صمد الوطن, وسجل لهم دورهم في تحرير الأمة ونهضتها, حتي رغم الاختلاف حول النخب منذ ثورة1919 وما قبل ثورة يوليو1952 غير أن دورها ونضالها كان نورا أضاء للشعب طريقه, ورفع معه رايات الحرية. تباينت مواقف النخب منذ1952 وحتي عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك,كل نخبة تجيء تحيل التراب علي سابقتها,وتتسيد الموقف معتبرة أنها المنقذ والمخلص للشعب,في حين أن الكثير كان لا يعرف سوي مصلحته وتحقيق أكبر المكاسب سواء بالسير في ركب السلطة,أو المهادنة معها,والقليل هو الذي كان يسجل مواقف مشرفة يدفع ثمنها من حريته وصحته. ومنذ25 يناير2011 رأينا بأعيننا العجب من الفئات النخبوية التي ظهرت علي السطح فجأة وتجمعت في غفلة من الزمن علي كل صنف ولون بلا إنذار أو تمهيد أو حمرة خجل,تظل تلعب دورها حتي ينكشف أمرها فئة وراء فئة,وبين كل فئة وفئة..فئة حتي تحرق نفسها بنفسها,لتبقي الفئة النخبوية الحالية من مدمني التصريحاتالهلامية العنترية والتحليلات العشوائية غير المنطقية عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل التي لا تخدم المجتمع بل تفقده الصواب والمصداقية في الآخرين بما يدقون به الأدمغة عيانا بيانا ومع سبق الإصرار والترصد كل يوم وليلة,تطيش كلماتهم غير المسئولة من أفواههم كالقنابل تصيب وتدمر وتهيج المتابعين عبر الشاشات,يثرثرون ولا يعرفون ما يقولون,ولا يدرون عواقب ما يبثون من شائعات وسموم,والوطن لا يحتمل ما ينفثون. إن أمثال هؤلاء يجب ألا يكون لهم مكان ليس علي الفضائيات ومواقع التواصل فحسب ولكن وجه الأرض حتي ينعم من علي الأرض. كبد الحقيقة أكون قد أصبتها أن قلت نكبتنا في نخبتنا!.