مما لا شك فيه أن النصر العظيم الذي حققه طارق في معركة( شداونة) قد تم به فتح أبواب الأندلس أمام المسلم, فاتجه طارق بالجيش الرئيسي شمالا نحو العاصمة( طليطلة), وفي طريقه استولي علي قلعة( استجه), في الوقت الذي أرسل أقساما من جيشه إلي المناطق الجانبية فاتجه قسم منها إلي قرطبة بقيادة مولي عبد الملك بن مروان( مغيث الرومي) فاستولي عليها, واتجه قسم آخر إلي البيرة واستولي عليها. وقد قام يهود إسبانيا بدور كبير في معاونة المسلمين في فتح إسبانيا بسبب اضطهاد القوط لهم, لذلك اعتمد طارق عليهم في حفظ البلاد المفتوحة في الوقت الذي كان الجيش الإسلامي متفرغا لعملية الغزو. استمر طارق في زحفه نحو الشمال حتي بلغ العاصمة( طليطلة) فدخلها دون مقاومة تذكر, وذلك لأن أهلها وحكامها فروا منها فكانت المدينة شبه خالية تقريبا فاستولي علي كنوزها وذخائرها. إلا أن طارق خشي من أن يقطع عليه العدو الطريق في هذه الوعرة, خاصة أن فصل الشتاء كان قد اقترب, كما أن المسلمين أنهكهم التعب وأثقلتهم الغنائم التي جمعوها, لذا استنجد طارق بموسي بن نصير. وفي شهر رمضان93 ه/ يونيو712 م, عبر موسي المضيق بجيش كبير من ثمانية عشر ألف مقاتل, معظمهم من العرب بعصيانهم القيسية, واليمنية وبينهم عدد من التابعين, وقد عرفت هذه الجماعة العربية الأولي بطالعة موسي. وقد كانت حركة الكماشة التي انتهجها موسي مع طارق هي الهدف لكل منهما مع قواته, فقد سار موسي في طريق غربي غير الطريق الذي سلكه طارق, واستولي علي مدن أخري لم يستول عليها طارق, مثل قرمونة, وأشبيليه, وماردة ثم التقي بطارق عند التاجو بالقرب من العاصمة طليطلة. ثم استمر القائدان في سيرهما نحو جبال ألبرت في أقصي الشمال, ثم تساقطت المدن تباعا في أيديهما مثل سرقسطة, ووشقة, ولاردة حتي بلغا شاطيء البحر الشمالي عند حدود فرنسا الجنوبية. وبذلك انتهي كل من موسي بن نصير, وطارق بن زياد من فتوحاتهما. ثم أمر الخليفة الوليد بن عبد الملك بأن يعودا إلي دمشق, فعادا, وتولي عبد العزيز بن موسي بن نصير ولاية الأندلس أواخر عام95 ه/714 م. وهكذا استطاع المسلمون أن يفتحوا معظم شبه الجزيرة الأيبيرية, ولم يبق منها إلا بعض الأطراف الشرقية والشمالية الغربية. أما شرق الأندلس فقد تم فتحه علي يد الأمير عبد العزيز بن موسي بن نصير الذي خلف علي ولاية الأندلس. أستاذ التاريخ الإسلامي