سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سعاد الديب في حوار لا تنقصه الصراحة: حماية المستهلك ديكور تجمل به الحكومة وجهها
الدولة ماضية في سياساتها.. وصوت التجار والمتلاعبين بالأسعار أعلي من صوت المستهلكين والمدافعين عنهم
في حوارها مع الأهرام المسائي أكدت سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعي لحماية المستهلك ونائب رئيس الاتحاد العربي للمستهلك, أن الحكومة لا تراعي البعد الاجتماعي في قراراتها الاقتصادية, كما أنها لا تزال تتعامل مع المجتمع المدني بالعقلية البيروقراطية القديمة وإعتبرت إنشاء جهاز حماية المستهلك كديكور يجمل وجهها وسياساتها ويرضي ضميرها, رغم أنه يمثلها ولا يمثل المستهلكين, مؤكدة ان قانون الجمعيات الأهلية الذي قدمته الحكومة للبرلمان ليس هو القانون الذي شارك المجتمع المدني في إعداده, كما أكدت أن حملات المقاطعة في مصر ليست مجدية وأرجعت ذلك إلي وجود سوق احتكارية كبيرة وحالة من سوء الاستغلال للفرص .. وإلي نص الحوار: في البداية ما دور جمعيات حماية المستهلك في طمأنة المصريين عما يأكلون ويشربون في ظل رفض عدد من الدول للمنتجات الزراعية المصرية؟ - المستهلك يختار إذا كان يأكل أكلا نظيفا أم لا, وعليه أن يتناول المنتجات التي عليها رقابة, ولكن نحن بلا شك لدينا مشكلة وهي أن كثيرا من المنتجات لا توجد عليها رقابة صحية ولا صناعية وهي ما يطلق عليها منتجات بير السلم وبالتالي المعروض في الأسواق خاصة في الأماكن الشعبية والعشوائيات بدون رقابة, وهذا يتطلب إعادة تنظيم أسواقنا والانتقال بهذه الصناعات من العشوائية إلي النظام الرسمي, وهذا لن يتأتي إلا بإرادة من الدولة لأنها من تستطيع فعل ذلك عن طريق بناء جسور ثقة مع هؤلاء الصناع, وهذا مهم جدا سواء لمصلحة المستهلك حيث الرقابة علي هذه المنتجات بجانب كون هذه السلع إضافة للاقتصاد مما ينعكس علي زيادة الموارد بالدولة من الضرائب والرسوم والتأمينات وغير ذلك. هل لديكم إحصائية بحجم الاقتصاد غير الرسمي في مصر ؟ - لا توجد إحصائية رسمية محددة, ولكن هناك من يقدره بأكثر من60% من حجم الاقتصاد المصري وهناك من يؤكد أنه أكثر من ذلك وهذه نسبة مرتفعة, والخوف من جانبهم للانضمام للاقتصاد الرسمي نظرا لتحمل تكاليف مالية سواء تأمينات أو فرض ضرائب, لأنهم يتكلفون القليل ويبيعون منتجاتهم بسعر رخيص وبالتالي يجدون الإقبال من الكثيرين خاصة من الطبقات الفقيرة وهذه مسألة اقتصادية صعبة. منذ الإعلان عن ضريبة القيمة المضافة ارتفعت أسعار جميع السلع بشكل كبير فما دور جمعيات حماية المستهلك المصري؟ - رغم أن المسئولين أعلنوا أنه توجد قائمة بالسلع المعفاة من ضريبة القيمة المضافة إلا أننا طالبنا بالإعلان عنها بشكل كبير في وسائل الإعلام, وتأكيد وضعها في مكان واضح في أماكن البيع, وأنا شخصيا كنت ضد فرض هذه الضريبة لتوقعنا بأنها ستزيد الأسعار بشكل كبير, فضلا عن الزيادة السابقة بسبب ارتفاع سعر الدولار ونحن في مصر لسنا بلدا منتجا لكل احتياجاتنا ونعتمد علي الاستيراد بشكل كبير ونعاني من قلة الدخول, فوفق تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لدينا27.8% تحت خط الفقر, ويوجد13.5% بطالة ويوجد حوالي خمسة ملايين شخص ممن يعملون في قطاع السياحة المتوقف منذ سنوات و9 ملايين من أصحاب المعاشات, وكل هؤلاء يمثلون أكثر من75% من المجتمع المصري الذين زاد العبء عليهم بارتفاع الأسعار وفرض المزيد من الضرائب مما يعني أن الطبقة الوسطي تتلاشي وتتحول إلي فقيرة. هل لكم دور في الرقابة علي الأسواق؟ - نحن كجمعيات حماية المستهلك ليس لنا وفقا للقانون ما يمكننا من الرقابة علي الأسعار والأسواق, وعندما أردنا وضع السعر العادل في القانون المعدل تم رفضه تحت دعوي أننا في الاقتصاد الحر القائم علي العرض والطلب, وعندما أردنا عمل تسعيرة ودية أو استرشادية قامت الدنيا ولم تقعد, وللأسف صوت التجار والمتلاعبين بقوت الناس أعلي من صوت المستهلكين والمدافعين عنهم, فالجشع وكسب المال أكثر إغراء من الدفاع عن الغلابة. ولكن حتي في الدول التي تأخذ بالسوق الحرة توجد رقابة وقوانين ضابطة للأمور فهل هي غير موجودة في مصر؟ - بالفعل.. حتي عندما ترتفع الأسعار لابد من تقديم الأسباب المقنعة لذلك, فالأخلاقيات غير موجودة عندنا وتم استبدالها بالاستغلال وانتهاز الفرص, وبعد أن كان الزبون علي حق أصبح التجار والمتلاعبون هم أصحاب كل الحقوق. برأيك ماهي الإجراءات والقرارات التي من الممكن أن توقف قطار ارتفاع الأسعار؟ - ارتفاع الأسعار ليس فقط بسبب قلة المعروض وإنما بسبب الممارسات علي الأرض, فمثلا زيوت الطعام نستورد منها95% فلابد من إستراتيجية لزراعة المحاصيل الزيتية لعمل إحلال في السوق المحلية, وفيما يتعلق بارتفاع سعر اللحوم فيجب تشجيع صغار المزارعين لعمل مزارع صغيرة وحل مشكلة ارتفاع سعر العلف لسد الفجوة في تربية الثروة الحيوانية, إذا لابد من إستراتيجية متكاملة لسد الفجوة الغذائية خاصة مع الزيادة السكانية السنوية, فالمسألة ليست سد فجوات منفصلة أو إطفاء حرائق قائمة وإنما لابد من سياسة واضحة لإحداث استقرار السوق. وما دوركم كجمعيات حماية مستهلك في هذا الأمر؟ - أولا نحن كمجتمع مدني ليس لنا حق الضبطية القضائية ولا يوجد لدينا موارد ولا صوتنا عال لتسمعنا الحكومة, فالحكومة منذ إنشاء جهاز حماية المستهلك وكأنها أرضت ضميرها, وأصبحنا كجمعيات وجهاز حماية المستهلك, مجرد ديكور وشكل تجميلي لا أكثر ولا أقل تجمل به الحكومة, وجهها وهي تمضي في سياستها, فكيف يستطيع جهاز حماية المستهلك وهو جهاز حكومي يتم تعيين رئيسه وتنفق عليه الحكومة أن يعترض علي سياستها حتي لو كانت ضد المستهلك. ولكنكم كجمعيات تطالبون بتمويل من الحكومة؟ - نعم... نطالب بدعم ولكن أعيننا لن تكون مكسورة, فعندما نطلب التمويل فهذا حق للمجتمع المدني الذي يمارس دوره كشريك أساسي في المجتمع ففي جميع دول العالم التي حققت تنمية يتم دعم منظمات المجتمع المدني ولا يوجد جهاز حكومي مثلما يوجد عندنا, لكن للأسف المسئولون يريدون السيطرة علي كل شيء سواء الأجهزة الرقابية المتعددة التي يعمل كل منها في جزر منعزلة, أو جمعيات المجتمع المدني. وما تأثير هذا العمل الرقابي في تلك الجزر المنعزلة ؟ - أنه لا تقوم كل جهة بمسئولياتها المنوط بها, فأين دور وزارة الصحة فيما يتعلق بالرقابة علي الغذاء والدواء والإعلانات المضللة في مجالات الأجهزة الطبية والأدوية ؟, وأين وزارة الإسكان التي اقتصر دورها علي إنشاء الوحدات السكنية وبيعها رغم أنها المسؤلة عن مراجعة كل ما يتعلق بالإسكان, وحدود دورنا كجمعيات حماية المستهلك وفق قانون67 لسنة2006 الذي يحدد الأدوار في القيام بالتوعية ونشر ثقافة حماية المستهلك وعمل المبادرات والدراسات ورفع قضايا للمستهلك في حالة الضرر وتقديم مقترحات وفيما عدا ذلك لا يوجد لدينا آلية لفرض شيء أو اتخاذ قرارات لصالح المستهلك. وما هي أكثر الشكاوي التي تأتي إليكم من المستهلكين؟ - الشكوي الرئيسية حاليا من ارتفاع الأسعار في كل مجال, فكل السلع زادت أسعارها بشكل كبير وكأننا أصبحنا كل واحد يضع يده في جيب الثاني والجميع يتكلم بمبرر أن السلع جميعها زادت فحتي بائعة الخضراوات تقول أصل الدولار زاد فهل نحن كمستهلكين نتقاضي مرتباتنا بالدولار حتي نحاسب علي ارتفاع سعر الدولار؟ هل هناك استجابة من المواطنين لكم أو لمبادراتكم؟ - بالتأكيد اختلف الوضع كثيرا بعد25 يناير2011, حيث زاد الوعي وزادت قدرة الناس علي المطالبة بحقهم لكن الإشكالية في الاستجابة لهذه المطالب والغالب علي الشكاوي ما يتعلق بوجود مشكلة في السلعة أو ارتفاع سعرها خاصة الأجهزة الكهربائية والسيارات, وليس ما يتعلق بالطعام أو الشراب لوجود إشكالية في كثرة إجراءات إثبات وجود عيب أو مشكلة في السلعة, ورغم أن من حق المستهلك الحصول علي فاتورة ضريبية عند الشراء إلا أن هذا الأمر اختياري وليس إجباريا كما أن الكثير من الأماكن ليس لها بطاقة ضريبية فكأن وزارة المالية تناقض نفسها في هذا الأمر. وماذا عن الحملات الشعبية فيما يتعلق بالأسعار سواء بالمقاطعة أو غيره؟ - حملات المقاطعة في أي دولة تكون مجدية خاصة في السلع القابلة للتلف, لكن في مصر ليست مجدية بالدرجة الكافية لوجود سوق احتكارية واستغلال للفرص, والمقاطعة تنجح بوجود منافسة لكن في مصر مقاطعة اللحوم مثلا يكون البديل لها الدواجن أو الأسماك, لكن مع اقبال الناس علي شرائها ترتفع أسعارها هي الأخري مما يعني أن المقاطعة غير مجدية لارتفاع سعر البديل, ولكن هناك تجارب كثيرة يمكن القيام بها لتقليل الأسعار مثل التعاونيات المنتشرة في محافظات مصر, فلماذا لا يتم التعاون بينها وبين جمعيات حماية المستهلك للمساعدة في نشر فكرها لإحداث توازن في الأسعار للخروج من الوضع الحالي. ما الذي تحتاجه جمعيات حماية المستهلك لتفعيل دورها؟ - طالبنا بانشاء صندوق لدعم جهود حماية المستهلك مثلما الحال في ماليزيا, وقد عرضنا الفكرة علي أكثر من وزير وكان آخرهم الدكتور خالد حنفي وزير التموين السابق بأن يكون تمويل هذا الصندوق بأخذ25 قرشا عن كل بطاقة تموينية, وهذا لصالح المستهلك نفسه لكي نستطيع عمل برامج ودعم جمعيات حماية المستهلك من حيث التدريب. وماذا كان الرد؟ - الوزير قال مش انتوا بتوع الغلابة عاوزين تاخدوا منهم فلوس ؟, ورغم أن وزيرة التضامن الاجتماعي تردد في كل مناسبة أنها تدعم جمعيات حماية المستهلك لكن هذا غير صحيح, وعلي الحكومة أن تراعي البعد الاجتماعي في كل القرارات التي تصدرها وأن تبحث عن مصادر أخري لزيادة الدخل بعيدا عن جيوب الغلابة, لأن الضغط زاد عليهم بشكل كبير. ماذا عن قانون إنشاء الجمعيات الأهلية؟ - تم الانتهاء منه وسوف يعرض علي البرلمان خلال الدورة الحالية, وكنا نشارك في إعداده لكن فوجئنا بأن الحكومة قدمت مشروع قانون غير الذي شاركنا به, حيث لم يتضمن بعض المواد المهمة التي كنا نطالب, بها وهنا أؤكد أنه مازال الفكر الحكومي في التعامل مع الجمعيات الأهلية هو نفسه الفكر البيروقراطي القديم, وبالرغم من أن لدينا أكثر من48 ألف جمعية أهلية تعمل في كل أنحاء مصر غير أنهم لم يتركوا لنا مما طالبنا به سوي أن الاشهار بالإخطار.