كشف الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية عن تحرك عربي إسلامي بقيادة المملكة العربية السعودية لدراسة طعن علي التشريع الأمريكي الجديد الذي أقره الكونجرس بغرفتيه النواب والشيوخ والذي يعطي الحق في أهالي ضحايا العمليات الإرهابية من المواطنين الأمريكيين في رفع قضايا للتعويض المالي للدول الراعية للإرهاب أو ما يسمي بتشريع جاستا وأن حكومات تلك الدول بدأت في فتح قنوات للتواصل حول الأمر و تشكيل لجان متخصصة للبحث. وأشار الدكتور سلامة خلال حواره للأهرام المسائي إلي أن التشريع الجديد يعتبر أخطر من أحداث11 سبتمبر لأنه ولأول مرة منذ تأسيسها عام1932 لم تتعرض المملكة العربية السعودية لمثل هذا الحرج علي المستوي المحلي أو الإقليمي أو الدولي. موضحا أن الشواهد الحالية تؤكد قيام الدول العربية والإسلامية بلا استثناء بدراسة قانونية لذلك التشريع والبحث في الأطر والآليات القانونية و التشريعية والدبلوماسية والإعلامية لمجابهة ذلك التشريع الخطير. وإلي نص الحوار.. كيف أتت فكرة التشريع المشئوم والمعروف ب جاستا ؟ ومتي ؟ ولماذا ؟ - بعد أحداث11 سبتمبر عام2001 بالولاياتالمتحدة مباشرة شكلت عائلات ضحايا الحادث تجمعا أو لوبي قويا و تبنت هذا اللوبي جماعات الضغط من رجال أعمال ومنظمات مجتمع مدني وجمعيات أهلية فضلا عن البرلمان وتم استقطاب قادة وزعماء في الكونجرس بغرفتيه النواب والشيوخ وعلي مدار هذه السنوات من2001 وحتي الآن لم يخفت الوجدان ولا العاطفة ولا الحماسة لدي عائلات الضحايا أو حتي الولاياتالمتحدة ذاتها باعتبارها الدولة التي طالها ضررا جسيما ومباشرا من الأحداث الإرهابية التي لم تعهدها منذ استقلالها عام1776 إلي أن تطور الأمر وزاد الزخم في الأعوام الأخيرة حتي تواترت الأنباء منذ العام الماضي في كافة وسائل الإعلام الأمريكية دون استثناء بأن أعضاء معينين بالكونجرس بصدد تقديم مشروع قانون يسمح لعائلات ضحايا العمليات الإرهابية ضد المواطنين الأمريكيين- سواء حدثت تلك العمليات داخل الأراضي الأمريكية أو خارجها بإقامة دعاوي قضائية تعويضية مدنية أمام المحاكم الوطنية الأمريكية في الولاياتالمتحدة ضد أية دولة في العالم يثبت ارتكابها لأعمال إرهابية ضد المواطنين الأمريكيين. وهل هناك أسر أمريكية قامت بمقاضاة دول بعينها أو رفع دعاوي قبل إصدار ذلك التشريع أو بعده ؟ نعم حدث فمنذ أشهر قليلة قامت إحدي العائلات الأمريكية برفع دعوي أمام إحدي المحاكم بالولاياتالمتحدة تطلب فيها هذه العائلة المتضررة من أحداث11 سبتمبر تعويضا من الحكومة السعودية تحديدا بمبالغ مالية كبيرة إثر الحادث بزعم أن المملكة العربية السعودية مرتبطة أو داعمة لما حدث في11 سبتمبر وتلك القضية تم رفعها قبل صدور التشريع الأمريكي جاستا الذي يسمح بمقاضاة دول أجنبية فرفضت الدعوي أمام هذه المحكمة وذلك لعدم وجود تشريع يبيح ذلك. ولماذا أصر الكونجرس علي إقرار القانون رغم الفيتو الرئاسي عليه ؟ - في29 من الشهر الماضي قام الرئيس الأمريكي باراك أوباما بممارسة حقه الدستوري في رفض مشروع القانون الذي صدر عن الكونجرس الأمريكي والذي يرخص للعائلات الأمريكية المتضررة من العمليات الإرهابية بأن تقاضي حكومات الدول المتورطة في هذه العمليات أمام المحاكم الأمريكية إلا أن الكونجرس وبأغلبية كاسحة تخطت الثلثين قام برفض الفيتو الرئاسي لأوباما وهذا إجراء لم يمارسه الكونجرس ولو لمرة واحدة منذ ولاية الرئيس أوباما وكانت الكفة الراجحة لمن هم مع التشريع ضد وجهة نظر الرئيس متأثرين بجماعات الضغط التي سبق ذكرها. وماذا يمثل إقرار ذلك التشريع الآن ؟ - أصبح ولأول مرة تقبل المحاكم الأمريكية بمقتضي هذا التشريع الدعاوي المدنية من المواطنين الأمريكيين ضد الدول الأجنبية ذات السيادة في خرق جسيم لمبادئ وأعراف القانون الدولي الراسخة والتي تقر بالحصانة السيادية للدول من المقاضاة بواسطة المحاكم الداخلية للدول الأجنبية فضلا عن أن ذلك التشريع الجديد هو تشريع مقاضاة الدول الداعمة أو الراعية للإرهاب جاستا ينتهك الدستور الأمريكي ذاته وهو أول دستور في العالم يلزم التشريعات والقوانين الأمريكية بضرورة الاتساق مع قواعد ومبادئ القانون الدولي والتعهدات الدولية للولايات المتحدةالأمريكية. وهل هناك ثغرات في الدستور والقانون الأمريكي يمكن من خلالها تلافي آثار وتبعات التشريع الجديد جاستا ؟ وإن لم يكن.. فما العمل؟ - أتوقع أن تقوم أي من المحاكم الأمريكية بمختلف درجاتها وأنواعها ومن بينها بالطبع المحكمة الفيدرالية العليا في العاصمة الأمريكيةواشنطن بالحكم بعدم دستورية هذا التشريع الكارثة لمخالفته الدستور الأمريكي ولمبادئ القانون الدولي وسبق في حالات أن قضت محكمة الاستئناف الأمريكية أو المحكمة الفيدرالية العليا بعدم دستورية تشريعات أمريكية أو قرارات جمهورية للرئيس الأمريكي لعدم اتساقها مع القانون الدولي أو الدستور الأمريكي. هل تفسر لنا لماذا لم تحرك المملكة العربية السعودية ساكنا بعد إقرار التشريع ورفض فيتو أوباما ؟ - الأمر لا يعني المملكة العربية السعودية من قريب أو بعيد كونها لم يثبت تورطها في شيء رغم أنه أصبح جد خطير بعد أن قامت إحدي أسر ضحايا حادث11 سبتمبر الإرهابي برفع دعوي ضد الحكومة السعودية تطالب بالتعويض ومن ثم أتوقع أن تقوم الإدارة الأمريكية أي السلطة التنفيذية ذاتها لكونها المتضررة الأولي وبشكل كبير و مباشر من ذلك التشريع الخطير والعبثي بالطعن علي ذلك التشريع كما ستقوم بالطبع حكومة المملكة العربية السعودية بطعنها المستقل أمام المحاكم الأمريكية ضد ذلك التشريع ليس لإلحاق ضرر مادي جسيم مباشر عليها بل لأنه ضرر معنوي خطير يتمثل في الإنقاص من هيبتها والنيل من عزتها. وهل هناك خطورة علي مصر وغيرها من الدول العربية والإسلامية من ذلك التشريع.. وما الذي يمنع من مقاضاتها ؟ - تكمن الخطورة في ذلك التشريع في أنه لم يسم دولة واحدة بعينها ولكن إطلاقية الاستهداف تجعل كافة دول العالم ليست في منأي من المقاضاة وهذا يفضي إلي إلحاق أضرار جسيمة بالدول التي رفعت أو ترفع ضدها دعاوي أمام المحاكم الأمريكية بزعم أن هذه الدول دعمت أو رعت أية عمليات إرهابية ضد مواطنين أمريكيين داخل الأراضي الأمريكية أو خارجها وبعبارة أخري فإن ذلك التشريع لا يقصر مقاضاة دول بعينها بزعم ارتكابها لحادث إرهابي واحد أو حادث إرهابي معين ولذلك من المأمول أن تقوم جميع الدول الإسلامية والعربية دون استثناء بدراسة قانونية متأنية لذلك التشريع والبحث في الأطر والآليات القانونية والتشريعية والدبلوماسية والإعلامية لمجابهة ذلك التشريع الخطير الذي يعتبر أخطر من أحداث11 سبتمبر نفسها لأن هذا الأمر لم يعرض المملكة العربية السعودية لحرج مثل الذي تعرضت له علي المستوي الداخلي والإقليمي والدولي منذ تأسيسها.