سوزى الجنيدى - إقامة دعاوى من متضررين فى العراق ضد أمريكا خطأ فالأفراد لا تقاضى دولا - الكونجرس أصابه العناد لإصدار جاستا بسبب الانتخابات - هذه هى الحالات السابقة لإلغاء تشريعات للكونجرس ويجب إلغاء جاستا من الإدارة المقبلة أكد الدكتور ايمن سلامة استاذ القانون الدولى وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية فى حديثه ل «الأهرام العربى» أن تشريع جاستا خطير ومخالف ومنتهك للقانون الدولى والدستور الأمريكى ذاته، وأنه لا يجب الرد عليه، بإقامة دعاوى للتعويضات من المتضررين من الأفعال الأمريكية فى سورياوالعراق. لأن الأفراد لا تقاضى دولا وإلا سيصبح العالم فوضى، وشرح الحالات التى يمكن فيها أن تقاضى دولة أخرى، معللا إصرار الكونجرس على إصدار التشريع برغم فيتو الرئيس أوباما بالانتخابات الأمريكية، ومحاولة كسب أصوات الناخبين وشارحا كيفية إلغاء هذا التشريع والحالات السابقة التى تم فيها إلغاء تشريع للكونجرس فى الولاياتالمتحدةالأمريكية. هناك مطالب إعلامية بأن يقوم أهالى ضحايا من المتضررين من الأفعال الأمريكية فى مصر والعراقوسوريا برفع قضايا لطلب تعويضات من أمريكا ردا على تشريع جاستا فما مدى قانونية ذلك؟ السرعة مطلوبة، لكن التسرع غير مطلوب والتعجل ليس فى الصالح ويحتاج دراسة قانونية، فمثلا لا يوجد قانون وطنى مصرى لمحاكمة مجرمى الحرب، كما أن تشريع جاستا مخالف ومنتهك للقانون الدولى أساسا، وبالتالى لا يجب الرد على هذه المخالفة بمخالفة أخرى ويصبح العالم فوضى وعبثا، فمجلس الأمن هو الجهة المنوط بها حفظ الأمن والسلم الدوليين، وهى ليست جزاءات عقابية لكنها جزاءات سياسية اقتصادية يتم استصدار قرارات بها من مجلس الأمن، وهى الهيئة التابعة للأمم المتحدة، ومحاكم الدول لا تقاضى الدول إلا فى حالة المنازعات حول المبادلات التجارية أو الاستثمارية أو فى حالة وجود اتفاقية دولية بين الدول تسمح بذلك ورضت الدولتين بهذه الاتفاقية، وبمقاضاة الدولة الأخرى لها، وهذا يخرج عن إطار الحالة الراهنة بصدد قانون جاستا، كما أن الولاياتالمتحدة لا تستطيع مقاضاة السعودية أو أى دولة أخرى أمام محكمة العدل الدولية إلا بموافقة السعودية أو الدولة المعنية على ذلك، وحتى فى هذه الحالة فلا يحق للأفراد بإقامة الدعاوى القضائية بل هى دعاوى تقام بين الدول. كيف ترى تشريع جاستا ومدى اتفاقه مع القانون الدولى؟ إن تشريع العدالة لمقاضاة الدول داعمة الإرهاب أو جاستا، هو تشريع خطير يخرق القانون الدولى والدستور الأمريكى ذاته، وقد جاء بسبب عناد وإصرار من الكونجرس الأمريكى على إصدار مثل هذا التشريع، برغم أن السلطة التنفيذية ممثلة فى رئيسها باراك أوباما قد رفضت مشروع قانون بذلك قبل إصداره كتشريع من الكونجرس، وأكد أوباما فى رفضه الدستورى بمدى خطورة مثل هذا التشريع والذى يمثل خطرا داهما ومباشرا بمصالح الولاياتالمتحدة وعلاقاتها الخارحية مع الدول وبمصالح المواطنين والقوات الأمريكية خارج الولاياتالمتحدة، إلا أن الكونجرس دخل فى مرحلة العناد والإصرار بسبب الانتخابات، فهو يلعب على أصوات المواطنين بغض النظر عن مدى دستورية هذا القانون واتفاقه مع القانون الأمريكى والقانون الدولى، وعلى الرغم من أن السلطة التنفيذية وليس أى سلطة أخرى فى أى دولة ذات سيادة هى التى تكيف وتقدر المصالح العليا للبلاد خصوصا فيما يتعلق بالعلاقات والمصالح الخارحية للدولة مع الدول الأجنبية، وقد حاد ذلك التشريع عن السياسة التشريعية الولاياتالمتحدة وأصبح تشريعا سلطويا تحكميا يخرج عن نظام الدولة القانونية التى لا تعرف تحكما لأى سلطة من سلطات الدولة، أن السلطة التقديرية للمشرع لا تعنى عصيان القوانين التى يسنها المشرع على الرقابة القضائية أو قدرة المشرع على تجاوز أحكام الدستور. وما مدى انتهاك تشريع جاستا للدستور الأمريكى ذاته؟ إن ذلك التشريع بنصوصه الحالية يمثل خرقا جسيما للدستور الأمريكى الذى يلزم جميع التشريعات والقوانين التى تصدر عن الكونجرس أن تتسق مع كل القرارات التنفيذية التى تتخذها السلطة التنفيذية . هل جاستا صدر خصيصا ضد السعودية أم أن دول اخرى مثل مصر يمكن أن تتأثر به؟ تشريع العدالة لمقاضاة الدول الداعمة للإرهاب امام المحاكم الأمريكية لم يحدد أو يذكر دولة بعينها ولم يحصر الاعمال الإرهابية المرتكبة ضد المواطنين الأمريكيين فى احداث 11 سبتمبر عام 2001 وهنا مكمن الخطر، وهو تشريع غير متسق وخارق للقانون الدولى أو الدستور الأمريكى، وقد تم رفع دعاوى فى السابق ضد السعودية امام محاكم أمريكية من اهالى لضحايا سبتمبر ولكن تم رفضها، وسيشجع هذا القانون المزيد من الضحايا لرفع قضايا أخرى وهو ما بدأ بالفعل الاسبوع الماضى.
هل يمكن إلغاء تشريع جوستا؟ ومن المنوط به إلغاء مثل هذا التشريع؟ الدولة الأمريكية سواء كانت الإدارة الأمريكية أم الكونجرس الحالى أو المرتقب تشكيله عقب الانتخابات لهم أن يصدروا تشريعا لإزالة تشريع جوستا الخارق للقانون الدولى والمنتهك للدستور الأمريكى، كما أن المحاكم الأمريكية ومن بينها المحكمة الفيدرالية العليا بواشنطن، عليهم أن يقضوا بعدم الاختصاص فى أى دعوة ضد أى دولة ذات سيادة. لكن هناك إدارة أمريكية جديدة بدءا من فبراير المقبل، فهل علينا الانتظار لنرى ما سيحدث وما مدى خطورة ذلك فى ظل بدأ رفع قضايا للتعويض ضد السعودية من بعض أهالى ضحايا 11 سبتمبر ؟ الإدارة الأمريكية هى السلطة التنفيذية التى يجب أن تتصدى أمام المحاكم الأمريكية لرفض مثل هذه الدعاوى، تأسيسا على أنها هى السلطة الرسمية الوحيدة التى تكيف وتدرك المصالح العليا للولايات المتحدة ومن بينها المصالح الأمنية، كما أن على السعودية عن طريق ممثليها القانونيين التصدى والدفاع عن مصالح السعودية الوطنية أمام هذه المحاكم. لكن نحن نتحدث فى عام انتخابات رئاسية فهل واشنطن ستستطيع اتخاذ مثل هذه الخطوات؟ أنا أستاذ قانون دولى وأتحدث عن القانون ليست لدى صلة بعالم السياسة، ولكى أدلل لك على إمكانية حدوث ذلك فهناك سابقة حدثت لقانونى هزمز -بورتون ووأماو لعام 1996 والذى رفضه كل من الاتحاد الأوروبى والدول اللاتينية والدول المشاركة فى قمة مجموعة السبعة فى نفس العام ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ومنظمة التجارة العالمية، حيث رفض كل هولاء قبول نتائج القانونين، التى تتخطى حدود هذه الدول، وبناء على هذا الرفض العالمى قامت الإدارة الأمريكية بتلطيف موقفها قليلا فى الخطوة الأولى، ثم بعدها تم الاتفاق مع الإدارة الأمريكية على تعليق تطبيق القانونين، برغم تحفظ الكونجرس الأمريكى نفسه على هذا التعليق، حيث تجاهلت الإدارة الأمريكية وقتها رفض الكونجرس واعتبر القانونين حبرا على ورق، ولهذا فأنى أرى أن الكونجرس المقبل والإدارة الأمريكية ملزمان بإلغاء القانون جوستا لأنه يخرق المبادئ الأمريكية التى جعلها الدستور الأمريكى أسمى من كل التشريعات والقوانين الأمريكية، كما أن القانون الدولى واضح جدا فى إرساء قاعدة الحصانات السيادية للدول، كما أن هناك واقعة أخرى حيث قضت محكمة الاستئناف الأمريكية عام 1986 فى حكم قضائى شهير بعدم دستورية تشريع أصدره الكونجرس الأمريكى باعتبار منظمة للتحرير الفلسطينية منظمة، إرهابية مما دفع الرئيس رونالد ريجان لإصدار قرار بغلق مقر المنظمة فى نيويورك، إلا أن محكمة أمريكية رفضت ذلك واعتبرته منافيا لاتفاقية المقر التى أبرمتها الولاياتالمتحدة مع الأممالمتحدة، والكونجرس الأمريكى يعد مرفقا داخليا لا يحق له إصدار قوانين أو تشريعات تطال دولا أخرى خارج حدود الولاياتالمتحدةالأمريكية.