علمتنا صفحات التاريخ أن الحكومة ليست بمعزل عن الأمة, بل هي حكومة الأمة الواجب عليها أن تقوم علي رعايتها, فهي وكيلة الأمة ترعي مصالحها, ولا يكون ذلك إلا بأن تضيف الأمة إلي تقدمها الاقتصادي والتعليمي تقدما سياسيا مرتكزا علي حسن إدارة المصالح من جانب الحكومة والوقوف علي معايش العباد حتي لا يتفشي سوء الظن بين الأمة والحكومة فتضيع الأجيال وتهون الأوطان, نقول ذلك لأن شرارة ثورات ما سموها( الربيع العربي) اندلعت من أنفس ضاقت بهم الدنيا بما رحبت من شدة العوز وامتهان المواطن واستبداد حطم الحريات واضطهاد زاد الفقير فقرا.!, فالمفترض أن الحكومة أعلم منا بما أصاب المصريين من أوجاع معيشية طاحنة, فلم يعد رب الأسرة قادرا علي مواجهة هجمات الأسعار المحرقة غير المسبوقة في تاريخ( أم الدنيا) الحديث وربما القديم أيضا, ناهيك عن فواتير ضرورات الحياة من كهرباء وماء وغاز, ومع ذلك لاتزال الحكومة تستقطع من مرتبات العاملين كل مايلزمها بزعم خدمات حكومية حسبنا منها الخدمة الصحية أو ما يسمونه( التأمين الصحي), فأمره كله عجيب, وكفي أن كل من يتردد عليه يزداد هما علي همه يعود إلي بيته وقد حاصرته الآهات من كل صنوف التعذيب التأميني الذي دفع أجره مقدما, وكذا يدفع المصريون قهرا مبلغا شهريا بزعم النظافة والشوارع تصدر الأوبئة بعدما كتبت عليها الحكومة( محرم تنظيفها).!!! وإذا تجاسر أحد المصريين وذهب إلي أية مصلحة حكومية لقضاء ضرورة حياتية أوشك أن يندم كونه مصريا, ولم لا؟ وقد أسفرت نتائج مراكز الأبحاث عن بلوغ إدارات الدولة أقصي درجات الفساد تختزلها في العينات التالية: هيئة الاستثمار في المركز الأول في تلقي الرشاوي لكبار الموظفين, وزارة التموين حازت نسبة(20%) من مجموع الفساد, تليها المحليات(11.5%), ثم وزارة الزراعة(8%), ثم التعليم, ثم الصحة, ثم..., ثم...!! وعلي الرغم من بصيص التفاؤل وبيانات الحكومة المتكررة عن ملامح وخطوات الحلول الآنية والتالية, فإن أي متابع لمعايش المصريين ويومياتهم, يدرك جيدا أن ألغام الضنك تحاصرهم وآلام العوز تعتصرهم, بل والمتاعب المتلاحقة أكثر من أن تعد وتحصي, ومع ذلك تطالعنا الأنباء بين الحين والحين عن انحرافات مسئولين نهبوا أموال الغلابة أو سرقوا أقواتهم تحت مسميات أعقد من الألغاز, والأدهي أن المسئول المنحرف لايزال يشغل منصبه أو ينقل لشغل منصب آخر أو يقدم للمحاكمة وما أدراك ما المحاكمات والجلسات و... و... وضاعت حقوق العباد, ثم ناهيك عن فداحة الإنفاق الحكومي وأبهة المناصب ووجاهتها, فهل في حياة الأمم والشعوب مكتوب: لا يتحمل أزمات الأمة سوي العامة؟! وأن الذي يضحي هو الشعب وحده برغم مايعانيه!! إننا لا نملك إلا أن ندعو الله عز وجل أن يفرج كرب المصريين وأن نستبشر متفائلين لعل الفرج يكون قريبا, وبعد: وليعلم كل مسئول في أم الدنيا أن المسئولية لمنفعة الناس لا لمنفعة الحاكم, وأن تكون مهام الوظائف ضريبة يؤديها الأمناء الأكفاء, لا مزية يستأثر بها المقربون من السلطات!! واعلم أن الياء التي تلحق باسم مصر فتكون علما علي أبنائها هي أثقل الحروف وزنا, وأغلاها ثمنا فهي لا تقدر بالأموال, لكن تقدر بالأعمال, فاعمل حتي تكون أهلا لها, وتكون علما عليك.!!