تمثل الزيادة الكبيرة لظاهرة الهجرة غير الشرعية ظاهرة ممتدة منذ سنوات وسط عجز مؤسسي عن مواجهة ظاهرة تخجل منها الأمم, ومما يزيد حجم المشكلة عدم وجود تقديرات رسمية عن أعداد المهاجرين, بسبب انها تتم بالتحايل علي القوانين واستخدام مراكب غير شرعية بالإضافة الي عدم تواصل مع الدول المستقبلة للمهاجرين غير الشرعيين حيث يتم القبض عليهم مع غرق الكثير منهم في مراكب الموت وظلت تقارير غير رسمية وتقديرات المصدر الرئيسي لتحديد الحجم والأسباب الكامنة وراء انتشار الظاهرة. أضف إلي ذلك وجود خطة ممنهجة من قبل المؤسسات المعنية محافظين, وزارة تضامن, وزارة هجرة, مع غياب للخارجية والتخطيط. تفاقمت تلك الظاهرة وطفت إلي السطح رغم وجود ارهاصات سابقة تحذر من تواتر الظاهرة. نحن نري الآن علامة جلية علي تدهور المنظومة التعليمية في المنتج الذي طالما هرب من جحيم انحداره إلي الدولة المجاورة التي كانت تستوعب تلك الكوادر التي خلطت بين من أنتصر في معركة الفشل التعليمي بالأعتماد علي نفسه وبين الأخر الكثير الذي استسلم ففضل الهجرة أو العمل بالسخرة في تلك الدول ومع اندلاع الثورات في المنطقة تفاقمت الأزمة مع عودة هؤلاء.إن تعقد الوضع وصعوبة طرح حلول ملائمة لهذه الأزمة بسبب دقة البيانات حول أعداد المصريين العاملين بالخارج, نظرا لسفر أعداد كبيرة منهم في الماضي بشكل غير رسمي, أو التلاعب في المستندات المتعلقة بأغراض السفر ومدته وأنواع العقود المبرمة, وهناك فجوة بين تلك التقديرات والأرقام الرسمية أو شبه الرسمية. كل هذا يصب في المقام الأول في غياب دور المحافظين الذي تراجع دورهم بشكل ملفت للنظر في متابعة تلك القضايا الهامة التي تنذر بمخاطر مستقبلية جسيمة. يضاف الي ذلك العودة الاضطرارية للعاملين المصريين في البلدان العربية في ظل الاضطرابات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تمر بها بلدان المنطقة وتأثر وضع العمالة المصرية بالعلاقات المصرية العربية مع غياب الحصر الدقيق للعمالة المصرية العائدة اضطراريا في الأعوام الأخيرة.غياب فرص العمل البديلة في مصر بعد عودته هؤلاء الفارين من التدهور الاقتصادي الذي لم يتخذ خطي حقيقية لتناول هذا الموضوع الشائك منذ بدايته مع الهجرة الداخلية التي بدت بوادرها مع حقبة السبعينيات والأنقلاب المجتمعي في مستوي المعيشة مع حقبة البترودولار التي سارت موازية مع الأنفتاح الاقتصادي وغض النظر عن تنمية الجنوب. إن الحلول التي تهمل قواعد بيانات حقيقية تؤدي بها إلي فشل العلاج قبل الشروع فيه وعلينا أن نلاحظ الأحصاءات التي تشير أن الفئات العمرية للهجرة غير الشرعية في سن الشباب معظمهم من المتعلمين تعليم متوسط ومؤهلات عليا وبعضهم غير مؤهلين وحرفيين غير مهرة. كما اشارات الأحصائيات المبدئية إلي غير الرسمية أن معظم المهاجرون ينتمون الي أسر متقاربة. إن جدولة أرقام دقيقة عن المهاجرين غير الشرعيين ظل أمرا صعبا, ويتم الأعتماد علي عدد من الذين قبض عليهم كمقياس وذلك لغياب دور المؤسسات المعنية. أشارت الملاحظات إلي أن هناك نسبة كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين المصريين تأتي من المحافظات الأكثر فقرا, وخاصة الفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط, أعلي نسبة منهم حاصلون علي دبلومات تعليم فني ثبت فشله بتخريج فئات غير مؤهلة لسوق العمل, وهذا يؤكد أيضا العلاقة بين زيادة معدلات الفقر والفشل التعليمي وارتفاع معدلات الهجرة غير الشرعية. الجدير بالذكر أن عودة العمالة المصرية من ليبيا مع ضياع تواجد فرص العمل البديلة في مصر قد يكون من الدوافع الأساسية للهجرة غير الشرعية. وللحديث بقية