لقد كان بين الجاهليين روابط تحترم وصلات تقدس, وكان بينهم صلة للأرحام تصل إلي حد التعصب الأعمي فقد كان يعتز بعضهم ببعض ويؤازر بعضهم بعضا في الحق أو الباطل في الشر أو الخير ولذلك دهش الصحابة عندما سمعوا النبي صلي الله عليه وسلم يقول: أعن أخاك ظالما أو مظلوما فسألوه عرفنا كيف نعينه مظلوما فكيف نعينه ظالما فوضح لهم الرسول المقصود بأن تجعله يكف عن الظلم أي تعينه علي نفسه الأمارة بالسوء. والإسلام حين أمر بصلة الرحم أمر بها ليكون كل ذي رحم عونا لرحمه في الشدائد مقرضا له إذا احتاج ولذلك جعل للأقارب حقا ماليا فوق حق المسلم العادي كما قال تعالي وأولو الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب الله وقد جعل للأقارب حقا ماديا متمثلا في المواريث أو الصدقات فقد قال رسول الله: الصدقة علي المسكين صدقة وعلي ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة. ولقد أكد الإسلام أشد التأكيد علي صلة الرحم في مواطن كثيرة منها أن جعلها ركنا من أركان الإيمان كما في حديث الرسول صلي الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه وقد جعل صلة الرحم سببا في دخول الجنة كما أن قطيعة الأرحام تحرم الإنسان من ريحها كما في حديث النبي صلي الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع وقد فسرها بعض المفسرين بقاطع الرحم وفسرها آخرون بقاطع الطريق, كأنهم يساوون قاطع الرحم بقاطع الطريق المفسد في الأرض, وكما قال تعالي فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فقد لهن الله قاطع الرحم, وكذلك يروي عن النبي أنه قال إن الرحم معلقة بساق العرش تقول: اللهم صل من وصلني وأقطع من قطعني. ولكن مع هذا التقدم الذي تتباهي به البشرية حدث خلل روحي وديني وغلبت المادة علي حياتنا وأصبح الأطفال ينشأون علي الأنانية والأثرة ومن يتناول مناهج التربية الدينية يجد أنه مع تخفيف المناهج همشت مثل هذه الروح من الكتب, وقلما نجد هذا الاهتمام في مناهجنا الدراسية. ومن هنا نطلق( أجراس إنذار) موجهة للمجتمع كله ابتداء من الأسرة التي تزرع البغضاء والتشاحن من أجل دنيا زائلة وأقول لهم إن هذا التباغض ستجنون ثماره وبالا في الدنيا والآخرة فمن زرع في أبنائه كراهية الأقارب لابد أن تطوله هذه الكراهية في المستقبل, ولا مبرر للقطيعة بأنهم أي الأقارب قد بدأوا بالمقاطعة فالرسول يقول ليس الواصل الذي إذا قطع رحمه وصلها. ونطلق( أجراس الخطر) لوزارة التربية والتعليم التي علي عاتقها تقع مسئولية التربية قبل التعليم ونسألها أين الدور التربوي لمدارسنا؟, فعليها أن تنبه العاملين بها إلي حقيقة دورهم ألا وهو إرشاد تلاميذهم إلي حسن التعامل فيما بينهما وفيما بين أسرهم وأقاربهم, كما يجب علي الوزارة أن تعيد النظر في المناهج لتلح علي هذه الظاهرة فتهتم بالجانب الأخلاقي والروحي خاصة لمن كان في سن المراهقة أو علي أبوابها.