بعد أن كان من المقرر أن يتم توقيع عقد المكاتب الاستشارية المكلفة بدراسات سد النهضة في5 و6 سبتمبر الحالي في العاصمة السودانية الخرطوم, كما أعلنت الخارجية المصرية في وقت سابق.. وبعد ان تهيأ الوفد المصري والمرافقون من اعلاميين وصحفيين للسفر, فوجئ الجميع بارجاء التوقيع( لأجل غير مسمي). كان السبب الذي أعلنته الخرطوم ان هناك خلافات بين المكتب القانوني البريطاني كوربت المكلف بمراجعة العقود مع المكتبين الاستشاريين الفرنسيين. بينما أعلنت وزارة الري المصرية في بيان لها أن سبب التأجيل هو عدم حصول خبراء المكتب الاستشاري علي تاشيرات دخول الي الخرطوم..!!! الطريف في الأمر أن تأجيل التوقيع علي هذه العقود كان معروفا قبلها بأسبوع, حيث صرح مصدر إثيوبي بأنه لم يتم حتي الآن تحديد موعد, مشيرا إلي أن المشاورات مازالت قائمة, وان إثيوبيا والسودان انتهتا من مراجعة بنود العقد المقترح في حين أن مصر لم ترسل ملاحظاتها. وفي السياق ذاته رفض معتز موسي وزير المياه والكهرباء السوداني التأكيد علي موعد انعقاد الاجتماعات قائلا: مش الخارجية المصرية أعلنت هي أعلم بذلك.. ولا تخفي دلالة هذه التصريحات وما تستبطنه. واقعة تأجيل توقيع العقود بهذه الملابسات تعكس في الحقيقة ضعف أداء الجهات المصرية المكلفة بإدارة الملف وهي هنا بشكل رئيسي وزارتا الري والخارجية فضلا عن غياب أو سوء التنسيق بينها, حيث تكرر من قبل إطلاق التصريحات حول قرب التوقيع علي العقود الاستشارية أكثر من مرة دون أن يحدث ذلك, وفي الحالة التي نحن بصددها الآن أدي الارتباك وسوء التقدير إلي موقف محرج لمصر بلا سبب محدد, سوي الرغبة والتلهف علي نشر أي خبر يوحي للرأي العام المصري بأن هناك تقدما ما.. وكانت النتيجة هي العكس تماما. إن هذا التأجيل المتكرر لتوقيع عقود المكاتب الاستشارية, ومرور أكثر من عامين في اجتماعات ماراثونية, يعكس في الواقع عدة أمور أهمها المراوغة الإثيوبية المتعمدة, والنابعة من استراتيجية واضحة تهدف إلي كسب الوقت وإلهاء مصر وإغراقها في خلافات وتفاصيل إجرائية لا نهائية, في الوقت الذي تستمر فيه في العمل ليل نهار, والهدف النهائي طبعا هو فرض أمر واقع جديد دون أن يكون هناك أي التزام علي إثيوبيا يقيد قدرتها علي التصرف المطلق في التحكم في تدفقات المياه وسياسات التشغيل وكيفية التصرف في المياه المحتجزة خلف السد دون ان تعبأ بأي ضرر يلحق مصر, ضاربة بذلك عرض الحائط بأي قواعد قانونية أو أعراف دولية في هذا الخصوص. الأمر الثاني الذي أشرنا إليه مرارا منذ عامين وحتي الآن, أن استراتيجية التفاوض المصرية غير واضحة وتقوم علي الإحساس بالضعف والعجز, وترضخ دائما لقبول الأمر الواقع. وتتحدث طوال الوقت عن التعاون( من طرف واحد) استنادا إلي مقولة أن مصر بهذه المفاوضات, أفضل حالا مما لو كانت بدونها.. وهذا كما هو واضح, ليس سوي سراب بقيعة. في المقابل هناك تصريحات ؤثيوبية رسمية متكررة فحواها أننا سنبني السد واذا تضرر أحد فهذا ليس شأننا, وان الدراسات الاستشارية غير ملزمة, وأنها حين تنجز.. لا يعني ذلك دخولها إلي حيز التطبيق, بل ستحتاج إلي مفاوضات لوصول الأطراف إلي توافق.. وتستمر لعبة الثعلب فات فات.. وفي ديله سبع لفات