هي ليست دعوة للتشاؤم بل هي مصارحة لزرع الأمل بالنقر بهوادة علي فكر وسياسة وزارة التربية والتعليم المنوطة بإعداد اجيال ستحمل أمانة مصر في المستقبل القريب لمواجهة تحديات خطيرة. عندما تجد تلك المؤسسة وقياداتها حائرة أمام الرأي العام وأمام انفسهم محاولة منها حفظ ماء الوجه والحرص علي مقاعدهم بالخروج علينا بالجديد فيهتز الجبل ويتمخض عن فأر كنا نظنه أسدا, عندما يتنظر منهم الرأي العام وضحاياهم من أولياء الأمور والأبناء الجديد نجدهم يطلون علينا بنفس القديم مغلف بسيلوفانة اعلامية مشوهة محاولين اقناع انفسهم انهم اتوا بالجديد. المترقب والقارئ والمحلل الجيد لقرارتهم العنترية والمفوهة سيجد أن السادة صناع القرارات الحماسية في ابراج عاجية غلفت باغلفة تمنع عنهم سماع اصوات المستغيثين من هول ما وجدوه من التعليم, ولي الأمر المنهك وابنه الرابض مترقب للجديد فلا يجد سوي شعارات. منتظرا بداية الدراسة ليدور في ساقية الدروس الخصوصية أو المجموعات المدرسية التي تعتبر اعترافا ضمنيا بفشل ادارة العملية التعليمية. دعونا نتحدث بصراحة في قراءة للقرارات الجديدة التي اهتز بها ذلك الصرح الشامخ جبل التعليم المصري المملوء بالشروخ. خرج علينا السادة بقرار الغاء امتحان منتصف الترم والاعتماد علي امتحانات شهرية ليضع التلميذ وولي أمره فريسة سائغة لذلك المعلم الذي يتناول مناهج مترهلة ويعاني ضعف موارده فيضغط علي الزبون دون هوادة أو رحمة مع الأخذ في الاعتبار العنف المدرسي بين المعلم والتلميذ من جانب وولي الأمر والمعلم من جانب آخر ومنظومة الشلة بين القيادة المدرسية وبعض المستملين اليهم في مناخ مشحون لايحفز علي الإنتاح وهذا المعلم هو ذات نفسه ولي أمر لطالب يقع فريسة لمعلم آخر في مدرسة أخري وهكذا يدور الفلك وتنتهي المرحلة التعليمية ليحصل التلميذ علي شهادة النجاح دون أن يعرف لماذا ذهب الي المدرسة وماذا سيفعل بعد أن نجح ناهيك عن التحدث عما يدور داخل المدارس والكنترولات من خفايا يعلمها القاصي والداني ممن يعملون في أروقة التعليم, وتخرج علينا البرامج الإعلامية الموجهة بالسؤال عن الجديد في التعليم فتخرج قيادات تعليمية مسئولة لتحدثنا وتتملقنا عن الأمل المعقود للتطوير ومنظومة التدريب والأيهام بتطوير المناهج الدراسية أو استيراد مناهج سنغافورية أو يابانية أو فنلدنية كأنهم تائهون يبحثون عن سبيل. هل الحل يا سادة في إلغاء امتحانات نصفية وجعلها شهرية؟ هل الحل في امتحانات قدرات من أجل التغلب علي فضيحة تسريب الامتحانات؟ هل الحل في بناء مدارس جديدة نحتاج فيها مليارات كما يزعمون؟ هل الحل في التوسع في مدارس المتفوقين التي تستوعب الفئة القليلة وتكلف ميزانية الدولة100 مليون جنيه لكل مدرسة باعتراف وزير التعليم دون ان يضع في الحسبان أن وقت الأزمات تدار المسائل بفقه ادارة الأزمات وليس بالتقليد الصامت المغمض العينين وليرجع سيادته ومستشاريه للتاريخ ليري كيف نهضت الأمم بأفكار غير تقليدية. هل الحل في اغلاق مراكز الدروس الخصوصية بقررات عنترية تلفزيونية مكشوفة دون ان يعلموا انها تحولت إلي منظومات يعيش علي ريعها معلمون وغير معلمين لم تستوعبهم المدارس لعدم توافر فرص لتعيينهم في المدارس أو غيرها من المؤسسات؟ وبعد ان يغلق المركز ويشمع بالشمع الأحمر يتم كسر الشمع ودفع الغرامة الزهيدة ذات المائة جنيه وكأنك يا ابو زيد ماغزيت ان كل مايحدث في منظومة التعليم ومن يقوم علي ادارتها لم يتعدي سوي هروب من الواقع بالمكياج والمكياج لن يفيد. السادة المحترمون اصحاب الرؤي الحائرة اصلاح التعليم ليس بالأمر العسير كما تزعمون وتوحون لصانع القرار. إن الطبيب غير الفاهم للمريض سوف يقضي عليه, إصلاح التعليم ينبغي أن يكون بعيدا عن التقليد والنقل والقص واللصق والحيرة بين غلق الشباك أم فتحه والملصقات المحفوظة التي طالما تكررت عام بعد عام. انتم بعيدون كل البعد عن الواقع وهذا ما وجدته بالفعل في حواراتي المعلنة مع هؤلاء القائمين علي التطوير والحديث لم يخفي علي أحد. كلمة شافية وعافية لمصر المريضة إن لم تكونوا قادرين علي رؤية الواقع وتحليله ووضع منظومة للحالة الراهنة فلترحلوا من أجل مصر. مصر محتاجة رجال دولة وليس موظفين مصر محتاجة رجال تعلم معني فقه الأزمات. مصر تناديكم كفوا ايديكم عنها.