عاجل.. البترول تنفي وجود تسريب للغاز بمدخل مدينة السادس من أكتوبر    رئيس مياه الشرب والصرف الصحي سوهاج يستقبل مسئولى الجهاز التنظيمي وحماية المستهلك بسوهاج    عاجل- صفقة ألكسندر تكتمل: إطلاق سراحه غدًا وويتكوف يتوجه لإسرائيل    سيد ياسين يكشف كواليس رحيله عن إنبي    تفاصيل الساعات الأخيرة في مفاوضات الأهلي مع مدرب أودينيزي    جدول امتحانات الصف السادس الابتدائي الترم الثاني 2025 بالمنيا    بخصوص قانون الإيجار القديم.. الحكومة تؤكد: نقف على مسافة واحدة من الجميع    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. نسف فندق فى نيوجيرسى الأمريكية بانفجار متحكم به مذهل.. بكين وواشنطن تتفقان على إنشاء آلية للتشاور الاقتصادى والتجارى.. 3 موانئ يمنية تحت قصف الاحتلال    وزيرا خارجية الأردن والإمارات يؤكدان استمرار التشاور إزاء تطورات الأوضاع    زيلينسكي: مستعد لإجراء مفاوضات مع بوتين في تركيا    انتهاء التصويت في انتخابات ألبانيا بعد حملة تمحورت حول مساعي الانضمام للاتحاد الأوروبي    النائب عصام خليل: أتوقع حدوث نزاعات قضائية حال عدم تعديل مشروع قانون الإيجار    مواعيد عمل البنك الأهلى المصرى اليوم الاثنين 12 مايو 2025    نابولي يتعادل مع جنوى ويشعل صدارة الدوري الإيطالي    خبر في الجول - جاهزية محمد صبحي لمواجهة بيراميدز    إنبى: الزمالك لم يخاطبنا لشراء محمد حمدى.. ووسطاء عرضوا علينا انضمامه للأهلى    عضو سابق باتحاد الكرة: اللائحة تنصف الأهلي في أزمة القمة، وهذا القرار المنتظر للجنة التظلمات    حسام المندوه: لبيب بحاجة للراحة بنصيحة الأطباء.. والضغط النفسي كبير على المجلس    الحكومة تكشف موعد الانتهاء من تعديلات قانون الإيجار القديم    أخبار × 24 ساعة..حقيقة إلغاء الصف السادس الابتدائى من المرحلة الابتدائية    شباب من "أبو عطوة" بالإسماعيلية يطلقون مبادرة شعبية لمواجهة خطر المخدرات    تقى حسام: محظوظة بإنى اشتغلت مع تامر محسن وأول دور عملته ما قلتش ولا كلمة    نيللى كريم تشعل أجواء حفل ختام أسبوع القفطان بصحبة حاتم عمور.. فيديو    خبير لإكسترا نيوز: اتصالات مستمرة بين مصر والهند وباكستان لوقف إطلاق النار    ضبط 3 أشخاص تعدوا على طالب بسلاح أبيض فى الجيزة    وفاة سيدة في عملية ولادة قيصرية بعيادة خاصة والنيابة تنتدب الطب الشرعي بسوهاج    تنطلق 22 مايو.. جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي الترم الثاني 2025 محافظة أسيوط    وفاة المخرج عادل القشيري    مركز السينما العربية يمنح جائزة الإنجاز النقدي للناقد العراقي عرفان رشيد والقبرصي نينوس ميكيليدس    أمينة الفتوى: لا حرج في استخدام «الكُحل والشامبو الخالي من العطر» في الحج.. والحناء مكروهة لكن غير محرّمة    الاعتماد والرقابة الصحية: القيادة السياسية تضع تطوير القطاع الصحي بسيناء ضمن أولوياتها    إصابة طالبة سقطت من الطابق الثالث داخل مدرسة فى بشتيل بالجيزة    البترول تنفي وجود تسريب غاز بطريق الواحات.. لا خطر في موقع الحادث السابق    آدم البنّا يطرح أغنية "هنعمل إيه" مع مدين وتامر حسين- فيديو    جامعة بنها تطلق أول مهرجان لتحالف جامعات القاهرة الكبرى للفنون الشعبية (صور)    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    عالم أزهري يكشف سبب السيطرة على التركة من الأخ الأكبر وحرمان الإخوة من الميراث    وزير الخارجية والهجرة يلتقي قيادات وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي    محافظ شمال سيناء يستقبل رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    محافظ الغربية: إطلاق أكبر قافلة طبية علاجية بمركز قطور    حملات مكثفة لإزالة الإشغالات والتعديات بمدينة العاشر من رمضان    فرص مفاجئة.. اعرف حظ برج الجوزاء في النصف الثاني من مايو 2025    وزير الخارجية الفرنسي: العلاقات مع الجزائر «مجمدة تمامًا»    أسئلة تبحث عن إجابات حقيقية    سقوط مسجل شقى خطر بحوزته 25 كيس أستروكس معدة لتوزيعها بالفيوم    غدا.. رئيس الوزراء اليوناني يلتقي نظيرته الإيطالية في روما    طرح 3 شواطئ بالإسكندرية للإيجار في مزاد علني| التفاصيل والمواعيد    خلف الزناتي: تنظيم دورات تدريبية للمعلمين العرب في مصر    انطلاق قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر الشريف والأوقاف    المستشار محمود فوزي يرفض مقترحات بحظر النشر في ملف الإيجارات القديمة    فتح باب التسجيل للتدريبات الصيفية بمكاتب المحاماة الدولية والبنوك لطلبة جامعة حلوان    رد حاسم للاتحاد التونسي: هل طلب الأهلي استثناء بن رمضان من معسكر المنتخب؟    محافظ الشرقية يشهد حفل قسم لأعضاء جدد بنقابة الأطباء بالزقازيق    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    صحة غزة: 2720 شهيدا و7513 مصابا منذ استئناف الاحتلال الحرب فى 18 مارس    محافظ الدقهلية يحيل مدير مستشفى التأمين الصحي بجديلة ونائبه للتحقيق    ماذا يحدث للشرايين والقلب في ارتفاع الحرارة وطرق الوقاية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايتى
العمر الضائع

ربما كنت شابا في مقتبل العمر ولكنني أعيش بقلب رجل عجوز أكل منه الدهر وشرب فقد شاءت الأقدار لي حياة قاسية إلي حد العذاب أتجرع مرارتها من أقرب الناس لي والدي الذي لم أستشعر منه حنان الأب يوما, فكرت كثيرا في أنه يكرهني ويري أني شؤم عليه فمقدمي إلي الدنيا كان علي حساب أمي التي دفعت فاتورة وجودي في هذه الدنيا حياتها, ماتت أمي وهي تلدني فحملني والدي وزر موتها فما رأيت منه غير القسوة.
حتي عندما تزوج ورزقه الله بالبنين والبنات لم يغير معاملته لي.. كنت أراه يحنو علي إخوتي بقلب الأب ورحمه من دوني فتشتعل نيران الحرمان في قلبي يتما ووحدة.
عشت في الدنيا وحيدا يتوحش الخوف في صدري و أصرخ مذعورا حتي يتلاشي الصوت مني أمام لكمات والدي وصفعاته الموجعة علي وجهي. كانت زوجته تشفق علي أكثر منه.. تنهره.. تقول له كيف تضرب صغيرا يصحو من نومه مذعورا؟ هل ضاعت الرحمة من قلبك؟
ربما كان لشفقتها هذه شعاع نور يمتد من مشكاة رحمة الخالق بعباده يستقر في قلبها وهي ليست أمي, تعطيني مصروفا كأبنائها وأبي يحرمني, لا تفرق فيما تعطيه لأولادها وما تعطيني غير أنها لم تستطع أن تثني والدي عن قراره بإخراجي من المدرسة قبل أن أكمل دراستي الثانوية. أخرجني أبي إلي الشارع صغيرا أطرق أبواب الرزق صبيا في ورش الميكانيكا وإصلاح السيارات لا يبالي من شيء غير أن يأخذ مني شقا الأسبوع بضع جنيهات لا يترك لي منها غير ما يكفي بالكاد طعامي طول النهار. رغم السواد الشديد في عيني لكنني كنت أتطلع لنقطة ضوء تتراءي من بعيد تبعث في قلبي الأمل انتظارا لغد أفضل.
مرت الأيام ثقيلة قاتمة ليلها سهاد و نهارها كد وشقاء حتي انقضت سنوات البراءة والصبا.. اشتد ساعدي وبت أسطي ميكانيكي بل واستطعت أن أنعزل عن والدي وجبروته وأعيش حياتي دونا منه وقسوته.. مهدت لنفسي بيتا وعمرته بالزواج من فتاة كانت ترياقا لنفس تسممت حرمانا ويتما عبر سنوات العمر الضائعة. جمعتنا قسوة الأيام ووحشة الشارع فقد كانت تعمل في محل لملابس السيدات, وحيدة أمها تجري عليها بعد وفاة الأب. وبرغم يقيني من موقف والدي دعوته لمباركة زواجي وأن أتشرف به أمام عروسي فما كان منه إلا أن طردني من بيته وقال إنه لفظني من حياته عندما انعزلت عنه وقطعت عنه الراتب الذي كنت أدفعه له أسبوعيا من عملي في الورشة. لم يكن غريبا علي موقفه فهناك ما هو أكثر من الظلم نفسه قد فعله معي عندما حرمني من ميراثي عن أمي رحمها الله واحتسبت حقي عند الله مفوضا له أمري.. ولكني قررت في ذلك اليوم ألا أريه وجهي مرة ثانية واعتبرت أني يتيم الأب والأم معا.
عشت حياتي بروح الأمل أشعل النهار عملا وكدا حتي امتلكت ورشة خاصة بي وتيسرت أحوالي المادية وأدخلت أولادي مدارس خاصة لا أحرمهم مما حرمتني منه الأيام.. ونسيت عبر سنوات مضت والدي وقسوته حتي أشقائي نسيتهم فلم يكلف واحد منهم نفسه أن يسأل عني أو عن أولادي.. كأن القدر الذي أراد لي الشقاء فيما مضي من عمر يأبي أن يغادرني شقاؤه ويعيد لي كأس العذاب أتجرعه من جديد فقد جاءتني زوجة أبي تطرق بابي لأول مرة.. لم تأت زائرة ولكنها أخبرتني بأن والدي افترشه العجز طريحا بعد تعرضه لجلطة بالمخ أفقدته القدرة علي الكلام والحركة وفي حاجة لعلاجات شهرية باهظة التكاليف. كانت زوجة والدي تجهش بالبكاء وهي تحكي لي كيف أن مال والدي قد ضاع ولم يبق له غير معاش لا يكفيه قوت يومه وأن أولادها قد غلبهم العقوق وغرق كل منهم في حياته لا يعرف أن له أبا أو أما.
قالت لي زوجة أبي إنها كانت لي أما, وترفقت بي صغيرا وهي الآن قد وهنت ولم تعد تتحمل وتريد مني أن أترفق بها ووالدي في شيخوخته و مرضه. لم يرق قلبي لها ولم أشفق علي والدي علي ما وصل إليه من عجز ومرض بل صورت لي نفسي أبتهج لحاله شماتة فيه لقهري في صباي و قسوته علي.
تركت زوجة أبي تخرج من عندي خالية الوفاض بلا أمل صفر اليدين تحيطها الحاجة بسياج من اليأس وقلة الحيلة, وبقدر غلظتي معها كنت أتعذب من نفسي والسواد الذي احتل القلب منها. كنت أري صورة والدي وهو في قوته وظلمه تسكنني, تحتلني, وكأني بت مثله بلا قلب أو ضمير, لقد خفت مني وارتعد خشية أن أكون من أولادي مثلما كان أبي مني قسوة وغلظة أو يكون أبنائي مني مثلما كنت أنا وأشقائي منه عقوقا وجحودا وخسة. سيطرت علي نفسي الأمارة بالسوء بعض الوقت فجمدتني عن اتيان الخير والتحلي بالصفح وأن أذهب لوالدي أحسن إليه كما أمرني ربي لا أعامله كما عاملني.. ولكني في النهاية انتصرت للخير في نفسي وذهبت إليه, نسيت قسوته, أراني طفلا يعدو في براءة سنه مهرولا لحضن أبيه, أطوي سنوات العمر الضائع كراهية وأعدو بالحب يسبقني حتي وصلت إليه يرتجف قلبي.. ولكنه لم يكن هناك.. خلا فراشه حتي من وهنه ومرضه.. لم يعد في الدنيا أثر لقسوته إلا في قلبي يعتصر ندما أني تأخرت عليه.
مات أبي غاضبا علي أنا من كنت أحلم يوما بحنانه يرنو مني.. بتيتيم الأب والأم طريد الراحة ما بقي لي من عمر. أجلد نفسي ليل نهار أني أطعت ما أمرتني من سوء في حق والدي, لقد أعطاني الله المال فبخلت به علي والدي فكيف يبارك لي فيه ربي.. وأعطاني الولد فلم أكن لهم القدوة الحسنة وأريتهم عقوقي لأبي فهل أنتظر منهم وفاء؟
سيدي أكتب لك وقد قرأت الرسالة الأخيرة من باب حكايتي لهذا الابن الذي رفض قبول والده في حياته بحجة أنه لم يرعه في صباه وحرمه حنان الأبوة وأردت من حكايتي أن أقول له تعقل يا ولدي ولا تجعل من نفسك شيطانا يطردك من جنة الخالق ورحمته برفض أبيك الذي لم يكن يعلم بوجودك وتأسي بأمك التي تجسدت فيها الرحمة وكانت عظيمة في حبها وعظيمة في صفحها. أما أنا فليرحمني الله ويترفق بي فنيران الندم ما زالت تحرقني.
ت. ع. البحيرة
يا أخي ترفق بنفسك لا تجلدها ندما وحسرة فرحمة ربك تشمل كل عباده وما طرق بابه عبد عاص ورده خائبا فأبواب المغفرة والرحمة مفتوحة دائما وصدق المولي عز وجل في قوله- تعالي-: قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم, الزمر:53], وما كان أمرك مع أبيك بالأمر الهين فهو سامحه الله أثقل نفسك بظلمه وقسوته منذ نعومة أظافرك وكان من الممكن أن تتحول مع هذه التربية المختلة أن تخرج للحياة إنسانا غير سوي أو مجرما مجردا من كل أسباب الرحمة التي تسكن قلبك الآن ندما وحسرة لجفائك مع أبيك ولعل بذرة الحنان والعطف التي بذرتها فيك أمك البديلة وهي زوجة أبيك هي التي صنعت منك إنسانا سويا ناجحا في حياته استطاع أن يحقق من الفاعلية في الدنيا ما فشل فيه أشقاؤه المميزون عنه في حب أبيهم.
ولعلك قد حصلت علي حظ يوسف عليه السلام في الدنيا من دون إخوتك برضا ربك ورضا أبيك الذي أفاق من غيه وأراد رؤيتك في مرحلة عمره الأخيرة وربما عندما جاءتك زوجة أبيك ترجوك مساعدته أن يكون هو من أرسلها علي استحياء فهو في النهاية أب يحب ابنه وإن كان قاسيا عليه.. ثق يا أخي أنه مات وهو راض عنك رغم جفائك وعليك واجب نحوه أن تسامحه علي ما قاسيت منه وتألمت, فرضا الله عنك مرهون برضا والدك ووفائك له. أما أمر قسوتك وإهمالك له حتي مات دون أن يراك فتوبة نصوح تجلب لك رحمة الله ومغفرته إن شاء الله مصداقا لقول الله تعالي إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما, الفرقان:70].


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.