حالة من الجدل سادت الأوساط القضائية والقانونية والسياسية بسبب ما نصت عليه التعديلات الأخيرة التي أجرتها الحكومة علي أحكام القانون رقم36 لسنة1975 الخاص بإنشاء صندوق للخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية المدنية والعسكرية والتي نصت علي أنيفرض طابع تمغة بمبلغ10 جنيهات علي الشهادات التي تستخرج من المحاكم علي اختلاف درجاتها والنيابة العامة ومجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة وكذا صحف الدعاوي وتقارير الطعن في الجنح والمخالفات ومذكرات أسباب الطعن بالنقض..وتؤول حصيلة ما يعادل قيمة الطابع إلي صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية ويصدر بتحديد شكل الطابع وكيفية تحصيله وأحوال الإعفاء منه قرار من وزير العدل. وقد سبق وتقدمت الحكومة إلي لجنة الإصلاح التشريعي بتعديلات علي أحكام القانون36 لسنة1975 والخاص بإنشاء صندوق للخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية المدنية والعسكرية بزيادة10 جنيهات علي كل ورقة تستخرج من المحاكم لصالح هذا الصندوق إلا أن اللجنة رفضت هذه التعديلات لما يمثل عبئا كبيرا علي المواطنين. ورغم تحفظ لجنة الإصلاح التشريعي علي مشروع القانون برمته بصفته مشروع قانون من شأنه زيادة الأعباء علي المواطنين حيث أن المحكمة الدستورية العليا أصدرت العديد من الأحكام التي انتهت فيها إلي عدم دستورية الطوابع والتمغات التي تصدرها الصناديق الخاصة أو النقابات, فضلا عن أن المشروع استخدم عبارات مطاطة في أنكافة الأوراق التي تقدم إلي المحاكم علي اختلاف درجاتها..أو الشهادات التي تستخرج من هذه الجهات والهيئات والتي لا تخضع لقوانين الرسومدون تحديد لهذه الأوراق وهي متعددة وغير قابلة للحصر وتترك في النهاية لأقلام الكتاب,ولكن في ظل ازدحام أجندة العمل التشريعي للبرلمان,قامت اللجنة التشريعية بمناقشة التعديلات,وكأنها مخصصة للقضاء العسكري فقط رغم شموله كافة الجهات القضائية المدنية والعسكرية,وتم الموافقة عليها في16 يوليو المنصرم. وتمثل هذه الرسوم الجديدة عبئا كبيرا علي المواطن وتعوق حقه في التقاضي الذي كفله الدستور له,حيث أن هذا سيجعل حق التقاضي حكرا علي أصحاب الأموال فقط, نظرا لتعدد الشهادات والمستخرجات المفروض عليها الرسوم مع طول فترات التقاضي واستمرارها لسنوات مما يشكل زيادة مبالغا فيها في عدد المستخرجات,ويجب ألا يضع المشرع معوقات أمام المواطنين في التقاضي,بل يجب أن تكون الرسوم القضائية في متناول الجميع. واذا كان هناك دعاوي وموافقات بتطبيق الرسوم تحت ادعاءات ومزاعم تحقيق العدالة الناجزة لتقدير حق القضاة,في مقابلة للمجهود المبذولة في نظر القضايا وبحثها وتوفير الخدمات والرعاية الصحية لهم,فإنه من الأولي تعميم فكرة العدالة لتطبق علي الشعب برمته وعلي رأسه المواطن البسيط,و يجب ألا نغفل أن أعلي رواتب في الدولة تؤول إلي القضاة بما لا يدع الشك في عدم حاجتهم إلي تحميل المواطن البسيط مزيدا من الأعباء علي كاهله. ومع ذلك هناك حلول وبدائل للحد من عدد القضايا المنظورة,ومنها تيسير إجراءات التقاضي من خلال زيادة عدد الدوائر وتعديل القوانين والتشريعات,أو أن يخصص لهم نسبة من حصيلة قانون الرسوم القضائية,والتي تعد هي الأخري ضخمة, وأصبحت أهم معوقات التقاضي,أو من حصيلة غرامات المرور أو إلغاء قانون لجان فض المنازعات عديمة الجدوي وذلك لتخفيف العبء علي المحاكم,أما زيادة الرسوم بشكل مبالغ فيه فهو أمر يعرقل ذلك,فالدولة هي الكفيلة بعلاج القضاة والمستشارين, ولا ينبغي نقل هذا الالتزام كعبء جديد علي المواطنين الذين يرزحون تحت نيران الأسعار في كل مجالات الحياة اليومية,وأنه علي الأقل يجب عدم تحميلهم بأعباء إضافية قبلأن يتضمن زيادة ما في جيوبهم.