وظيفة قيادية شاغرة في مصلحة الجمارك المصرية.. تعرف على شروط التقديم    تبدأ 22 مايو.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الثالث الابتدائي في القاهرة    البابا تواضروس الثاني يستقبل وكيل أبروشية الأرثوذكس الرومانيين في صربيا    «القومي للمرأة» ينظم ورشة عمل تفاعلية لخريجات برنامج «المرأة تقود»    مجدي البدوي: عمال مصر رجال المرحلة.. والتحديات لا تُحسم إلا بسواعدهم    100 سيارة بدون بنزين.. الوزير يعلن انطلاق أول أسطول كهربائي لخدمة الركاب    «العمل» تطلق حزمة برامج تدريبية لتطوير قدرات العاملين    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    فيديو.. خالد أبو بكر للحكومة: مفيش فسخ لعقود الإيجار القديم.. بتقلقوا الناس ليه؟!    مدبولي يُكلف الوزراء المعنيين بتنفيذ توجيهات الرئيس خلال احتفالية عيد العمال    البورصة المصرية تخسر 24.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الأربعاء    السيسي: حل الدولتين هو المسار الذي سيسمح بإنهاء الصراع في الشرق الأوسط    تعرف على تشكيل الجهاز الفنى للزمالك    كرة يد.. منتخب مصر يواجه البحرين في الجولة الثانية من كأس العرب    السنغال بالزي الأبيض والكونغو بالأزرق في كأس إفريقيا للشباب    غدًا.. اتحاد الطائرة يناقش تشكيل الأجهزة الفنية واعتماد الموازنة وخطط الإعداد للأولمبياد    «حيازة مخدرات».. السجن المؤبد والمشدد ل 7 أشخاص في المنيا    تبدأ 21 مايو.. تعرف على جدول امتحانات التيرم الثاني 20285 للصف الثاني الثانوي في القاهرة    السيطرة على حريق بمصنع بلاستيك في القناطر الخيرية    أستراحة قصيرة لفريق "أحمد وأحمد"... وتصوير مشاهد أكشن في الصحراء    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يسدل الستار عن دورته التاسعة بإعلان الجوائز    كسر حاجز ال 20 مليون جنيه.. إيرادات أحدث أفلام علي ربيع في السينما (تفاصيل)    حاول ألا تجرحهم برأيك.. 5 أبراج لا تتحمل الانتقاد    13 كيانا فنيا مصريا يشارك في Egyptian Media Hub بمهرجان كان السينمائي    مختص يكشف سبب "خناقات الأطفال" المتكررة.. هل طبيعية ولا علاوة خطر؟    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    وزير الصحة يناقش مشروع موازنة قطاع الصحة للعام المالي 2026/2025    فريق جراحي بأورام المنوفية ينجح في استئصال ورم ضخم وإنقاذ حياة طفل يبلغ 5 سنوات    الحكومة توافق على اعتبار إنشاء المخازن الطبية اللوجستية مشروع قومي    وكالة الأنباء الفلسطينية: ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي لمدرستين في مخيم البريج ومدينة غزة إلى 49 قتيلا    التايكوندو يتوجه للإمارات للمشاركة في بطولة العالم تحت 14 عام    النيابة تعاين مدرسة المعلم المتهم بالاعتداء على 3 طالبات في الإسكندرية    ضبط المتهمين في واقعة تعذيب وسحل شاب بالدقهلية    إصابة ضباط وجنود إسرائيليين في كمين محكم نفذته المقاومة داخل رفح الفلسطينية    طلعت مصطفى تحقق 160 مليار جنيه مبيعات خلال 126 يومًا    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    كيف يتم انتخاب البابا الجديد؟    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    «طالبوا ببيعه».. جماهير برشلونة تنتقد أداء نجم الفريق أمام إنتر في دوري أبطال أوروبا    قرار هام من المحكمة بشأن المنتجة سارة خليفة وآخرين في قضية تصنيع المخدرات    روجينا تهنئ رنا رئيس بزفافها: "أحلى عروسة وأحلى أم عروسة"    الداخلية: ضبط 507 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    ضبط 49.2 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    هل انكشاف أسفل الظهر وجزء من العورة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    المستشار الألماني الجديد يبدأ أول جولة خارجية بزيارة فرنسا    جامعة بنها: توقيع الكشف الطبي على 80 حالة بمدرسة المكفوفين    صندوق مكافحة وعلاج الإدمان يعلن عن وظائف شاغرة    أحمد سليمان: هناك محاولات ودية لحسم ملف زيزو.. وقد نراه يلعب خارج مصر    كندة علوش: تكشف «رد فعلها في حال تعرضها لموقف خيانة في الواقع»    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    إريك جارسيا يلمح لتكرار "الجدل التحكيمي" في مواجهة إنتر: نعرف ما حدث مع هذا الحكم من قبل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية نقدية
حرب الهوية.. السير الذاتية بين حرفية الوقائع وسلطة التخييل
نشر في الأهرام المسائي يوم 14 - 08 - 2016

قدم القاص المصري المغترب خالد موافي نمطا إشكاليا مراوغا من السيرة الذاتية, في نصه الجديد: حرب الهوية, بما يستدعي مجددا نقاشا اضافيا ومساجلات متجددة حول فن السيرة العريق في عمق بنيته من صدق الوقائع أو حرفيها إن شئنا الدقة,
وعنصر التخييل الذي يتعين بالمثل ان يلازم كل فن ايا ماكان النوع الأدبي الذي نتعامل معه, وما بين قطبي الواقعة الحرفية و التخييل يمضي بنا أدب السيرة الذاتية, أو فن الترجمة الذاتية, مشيرا حزمة ضخمة من الاشكاليات السردية التي تتصل بعملية الكتابة ونمط الاستدعاءات وآلية ارتدادات الذاكرة وهي تشمل جسم الوقائع والأحداث, مراوحة بين درجة من درجات اللزوم ممثلة في سقف صلب من الحقيقة لانستطيع ان نتجاوزه أو نعبث بملامحه بالتخييل ومرونتها ليحوم فيها الخيال برفيف اجنحة بحيث يصنع فنا في ختام اللعبة الابداعية, ولكن بحساب دقيق لايتماشي مع الحرية التخييلية المطلقة الني نانسها أو تجد النص الروائي الخالص.
وبعبارة أخري فإن نص خالد موافي يذكرنا مرة أخري بفروق نوعية/ تجنيسية دقيقة بين السيرة و رواية السيرة الذاتية من ناحية, وبين هذين الشكلين في المجمل وكل من المذكرات و اليوميات و السيرة الغيرية من ناحية أخري وهي مساجلات تتحرك نقدا واصطلاحا في الإطار ذاته الذي تحركت فيه نصوص تواترت علي النبع الغامض المثير نفسه, من قبيل الأيام لطه حسين أو زهرة العمر لتوفيق الحكيم أو مذكرات الشباب لمحمد حسين هيكل أو الحي اللاتيني لسهيل إدريس أو ها أنت إيها الوقت لأدونيس أو البئر الأولي لجبرا إبراهيم جبرا أو حتي اصداء السيرة الذاتية لنجيب محفوظ, وصاحب هذه النصوص وغيرها سؤال جذري مؤداه: ما الذي يتعين ان ينتسب إلي مربع الوقائع الحرفية في هذا التدفق السخي من الأحداث, وما الذي يجب ان ينتسب إلي رقعة التخييل الحر ضمن هذا النص الذي نسميه السيرة الذاتية؟
وإذا كنا نقر ابتداء بأن هناك مسافة كبيرة تفصلنا في حركة النقد العربي عن طبيعة المساجلات النقدية الدائرة في المغرب الآن حول نصوص السيرة الذاتية الضخمة لبرتداند راسل نقول إذا كنا نقر بهذا الاختلاف الكبير بين نقدهم ونقدنا لا مفر هنا من تخصيص الضمير الاختلاف الكبير بين نقدهم نقدنا ولا مفر هنا من تخصيص الضمير ومغايرته! من حيث المداخل والمناهج ودرجة الاستفادة من الدراسات لانسانية الحديثة, وهو أمر لاينبغي ان نخجل من اقراره فإن الأمانة المتوخاة تقتضي الاعتراف بأنه لم يوجد ناقد عربي معاصر, تخصص في فن السيرة الذاتية, تناولا وتقصيا علي النحو الذي صنعه مثلا فيليب لوجون في النقد الفرنسي! ولم تجد بعد حركة نقدية احترافية لمقاربة السير والتراجم في النقد العربي يمكن ان تفيد من المفترحات التي حققتها الثقافة النقدية المعاصرة في دراسة السرد, في إطار ما عرف ب علم السرديات في هذا الإطار الحضاري والتاريخي قدم خالد موافي سيرته الذاتية الجديدة محوما في المكان بين مصر والسويد ومحوما في الزمان بين كتل زمنية و مراحل متلاحقة مضت بنا وبه من الطفولة إلي الشباب فالكهولة مفرزا مذاقات فريدة لكل مرحلة, وملخصا ما واكبها من اختمارات وصراعات ومعارك جسدت تاريخا مثيرا لفرد طموح مقاتل بقدر ما مثلت ايقونيا تاريخيا لوطن اجتاز مراحل عصفت به بين منحنيات الانتصار والمحن الكبيرة.
وقعت السيرة الذاتية فيما يربو علي مائتين وسبعين صفحة, وانتظمت بين دفتيها ثلاثة فصول, حيث تطابق تماما وبمماهاة كاملة كل من ضمير المتكلم الذي يستخدمه الرواي طول الوقت والمؤلف الفعلي الذي يوضع اسمه علي غلاف العمل من الخارج والبطل المركزي الذي ينادي فعليا داخل النص باسم خالد وهي سمة فنية ضمنت انتساب النص وبوضوح شبه كامل بفضل هذا الثالوث إلي مربع السيرة الذاتية الصريحة لا الرواية الخالصة ولا حتي رواية السيرة الذاتية التي تتألق فيها مشاغبات التخييل ومناوراته وأحابيله بدرجة لافتة للمتلقي!
دشن الراوي مساحة الاستهلاك المثيرة من داخل الطائرة التي جذبته بعيدا عن مواطئ النشأة محافظة المنوفية إلي قلب الفضاء الأوروبي الرحيب ممثلا في السويد واعتمد الرواية لاحقا في تشكل طبقات السرد علي اجترار الذاكرة لتشكل هذه الحركة الارتدادية المستمرة لحمة السرد في كليته ولم يخف الراوي لعبته المفضلة, حيث يقول قلبت الذاكرة في تؤدة لم أكن من النوع الشاطر في المذاكرة, ولم اسمح لاحد بالسخرية مني والتعالي علي وكما شكل رفاعة الطهطاوي فنيا في تخليص الابريز صدمة الارتطام بحضارة أقوي في بعثة فرنسا وهو يصطدم بالمرايات بصورة تثير الرثاء شكل خالد موافي الصدمة ذاتها من الوجهة النفسية وهو يصافح بانقباض وتهيب صورة السويد علي الخارطة وهي تشبه التنين فاغرا ضبه!
وتقافزت في شاشة الخطاب السردي بوضوح تام صورة الوالد الذي اتسم في تربيته لأولاده بقدر من الصرامة إجمالا فلم تفرق شكيمته بين الأبناء والبنات فيما يقول الراوي ولكن هذه الشكيمة فقدت كل حضور بإزاء الراوي نفسه أو) خالد ( الذي عامله الأب بقدر استثنائي من الحنو والترفق)! ولم يجبنا الراوي لماذا تشكل في ميراث العائلة هذا الاستثناء؟ وبأية دوافع؟.
عاد بنا الراوي بهزاته الارتدادية إلي عام1967 وهي نقطة البدء الزمني في جسم الوقائع والأحداث, حيث تألقت صورة الراوي طفلا في السادسة من عمره, يحدق في الوجود وطنا وكونا بطزاجة الأسئلة الكبيرة. وقادته مغامرات الاكتشاف الطفولي المبكر, وهو يحدق في الزهرة, إلي أن الدلالة الجمالية للأشياء خصوصا الزهور لايمكن أن تستقل بذاتها بمنأي عن رؤيتنا ووعينا وانفتاحاتنا علي الحياة, يقول..( نعم الزهور جميلة ولها بريق ولكنها بلا هؤاء لاشئ)!.. وتنتقل بنا المشاهد بوثبات حرة لاتلتزم رابطا بنيويا ولاحتي بمنطق تداعي المعاني كما يقول علماء النفس فتحط بنا الرحال تارة عند الجرس المدرسي العتيق وتارة عند صورة الأخ الأكبر الذي يكبره بعامين, ثم تثب بنا فجأة بحرق المراحل زمنيا إلي عام1973 بعبوره الباعث علي الفخر ثم بفورة فترة السادات عام1977 وخصوصا المبادرة الشهيرة. ربما كان هذا التقافز المشتت مقصودا لتصدير رسالة الإرباك الذي صاحب الراوي في مستهل رحلة النزوح إجمالا.
وخلافا لما توقعنا, لم تستغرق صدمة الارتطام بالآخر وقتا طويلا فقد بوغتنا بمقدرة الراوي السريعة المذهلة علي طي صفحة الصدمة الأولي والتأقلم سريعا مع مدينة لينشوبينج السويدية المثيرة.. وحين وصلت كان كل شيء يسير وفق تصوري, فلم أشعر أنني غريب عنها بل جزء من المكان.. ص42 وهنا ألفينا شكلا من أشكال الألفة المتولدة سريعا, نجحت من خلالها الذات الساردة في تأكيد قدرتها الاستقلالية ذات الطابع النضالي, فلم ترتطم في المهجر بتجربة الاغتراب علي النحو الصاعق الممتد الذي توقعناه, بل امتزجت سريعا بالحاضنة البيئية المحيطة, لغة وبشرا ومدنا.
ومنذ لحظة العمل في مجال توزيع الصحف وارتياد المدارس الليلية لتعلم السويدية بطلاقة, ستتشكل موجة الحركة في قلب الخطية الزمنية الطبيعية, التي تمضي بنا طورا طورا بما يشبه الترتيب الطبيعي, دون أن يفقدنا الراوي الإحساس بغرابة الانتقال مزاجا وطبعا وثقافة من المنوفية إلي هذه البقعة الغامضة التي تطل علي بحر البلطيق بميراثها الغامض دون أن يتخلي الراوي قديد شعرة عن أبراز مقدرته الكبيرة علي تجاوز الفجوة الحضارية بمصالحات داخلية جادة. وبدءا من عام1985 المرحلة الزمنية اللاحقة في مسيرة الراوي ستتحرك كتل السرد بما يشبه التوازن بين الوحدات, حتي في درجة الإضاءة, فليس ثمة كتلة سردية بعينها, تحظي بدرجة كثيفة من الإضاءة دون غيرها.
ولاينسي الراوي في محطات الرصد المتلاحقة محطة خاصة من المباهاة الوطنية بالعطاء الأدبي العربي, ممثلا في حصول( نجيب محفوظ) علي جائزة( نوبل) عام1988, حيث ينقل الحدث الكبير من قلب الحاضرة التي تحتضن الجائزة العالمية الكبري, ونكاد نحس سعادة الراوي وقفزته الجذلانة بالانتشاء, وهو يقر بأن الجائزة تم الحصول عليها..) بلا ضغوط سياسية, ولا ألا عيب شيطانية بتعبير الراوي ولم يمنع هذا الانتشاء من أن يطرح الراوي نفسه, سؤالا كبيرا, يدور بقوة في وجدانه..( لماذا لم يقرأ) نجيب محفوظ في الغرب كما قرأ ماركيز( ؟)(..! ص92)
وسحب الراوي بمهارة سردية ملحوظة موجات السرد إلي نوافذ قضايا متجددة, متنوعة, فقضية كارين واعتناق الاسلام قادته إلي شذرات وصفية دالة من المقارنات الحضارية والفكرية الشاملة, مدارها الإسلام والآخر وأوروبا والآخر, ومع هذا الخيط المهم, جدل الراوي خيطا آخر ممثلا في صورة الشرقي القح الذي يتعامل بثقافته الخاصة مع عالم البورصة الضخم الغامض, ويتابع أسهمها الملتاثة, صعودا وهبوطا!
اعتمد الراوي, فيما يجاوز الثلث الأول من العمل تقريبا علي عنصري: السرد والوصف وبدءا من الثلث الثاني من التجربة النصية سيتم إنعاش تقنية( الحوار الموسع), علي أن مابدا بوضوح في الحوار الدائر بين هادي ولينا. ولاننكر هنا أن بعض المشاهد قد شابها شيء غير قليل من الجفاف والصرامة والافتقار إلي الأجواء الإنسانية الدمثة الحميمة, التي لمسناها في مناطق أخري من التجربة, حيث زحفت هذه الصرامة المعيبة فيما أري إلي حديث الراوي الجاف عن حاجة الدولة السويدية إلي خدمات المترجمين, أو إلي حديثه عن الهجرات الواسعة من العراق وسوريا وفلسطين وإيران بما سحب المشاهد إلي رقعة التحليل الجاف علي نحو ربما أعطب آلة السرد نفسها عن العمل في بعض اللقطات والمشاهد بدت مقدرة المؤلف الناصعة بوضوح في تمكنه الظاهر من الانتقال من( الوقائعي) المعتمد علي الحدث وحده إلي( الفكري) القائم علي الرؤي والتأملات. وبدءا من عام2007 في المسار الزمني المتسلسل سينتقل الراوي إلي تجربة شديدة الخصوصية في الميدان التربوي/ التعليمي. بإدارة مدرسة والقيام علي طلبها متنوعي المشارب والثقافات في لقطة كبيرة راوحت بين هوية) الجالية العربية/ الإسلامية وفكرة التغريب بوجه عام. وفي المشاهد الختامية تلامس تجربة السيرة الذاتية أحداث25 يناير2011 بزخم موجاتها المتلاحقة, حيث يبدي الراوي سروره بحيوية القوي الشبابية الناهضة التي تعيد رسم صورة الوطن بضربات فرشاتها المبدعة, إنهم لايختلفون كثيرا في منطقهم ووجهتهم عن طلابه المتوثبين في المدرسة دار العلوم بالسويد فقد: ضخوا الدماء الجديدة.. في العروق القديمة. ولم يذيل الراوي تجربته السيرية( الكبيرة بنبرة وثوقية) دوجماطيقية,( بل طرح سؤالا كبيرا مؤداه): هل ربح وحده أم كان فحسب واحدا من جملة الرابحين؟! وهو سؤال يتغلغل, بخيوطه, في السياقين: العام والخاص. ويطرح ظلا دالا علي قرائه الذين يتلقون بمزيج من المتعة والفائدة هذه السيرة الذاتية المثيرة التي تجدد, بقوة, اسئلة هذا الفن العريق الذي يجمع, كما يقول الناقد الأمريكي بول موري كيندل( بين) السراب( و) الحجر الصلد!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.