فقدت مصر ابنا بارا من أبنائها المخلصين, وهو الدكتور أحمد زويل الحائز علي جائزة نوبل في الكيمياء عام1999, ولا تعد وفاة الدكتور زويل خسارة مصرية فقط, بل هي خسارة عالمية وعلمية كبيرة, فزويل واحد ممن خدموا العلم والبشرية علي مدي أكثر من40 عاما, منذ تخرج في جامعة الإسكندرية عام1975 بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف. كان زويل وطنيا عاشقا لبلده, ولم ينس أبدا فضلها عليه, ولم يهرب منها من أجل المال, وعاد إليها ليضع علمه وخبرته في سبيل تطويرها وتنميتها وتقدمها, وسوف تظل مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا شاهدا علي حب الرجل لوطنه وإخلاصه له ورغبته في وضعه علي المسار الصحيح والدفع به إلي سبيل النهضة والتقدم. حصل الدكتور أحمد زويل علي العديد من الأوسمة والنياشين والجوائز العالمية لأبحاثه الرائدة في علوم الليزر والفيمتو وهي أكثر من أن تحصي ولكن يمكن أن نذكر منها جائزة ماكس بلانك الألمانية, وجائزة وولش الأمريكية, وجائزة هوكست الألمانية, وجائزة الملك فيصل العالمية في العلوم, وانتخب عضوا في أكاديمية العلوم والفنون الأمريكية, وحصل علي الدكتوراه الفخرية من جامعة إكسفورد ومن الجامعة الأمريكية بالقاهرة, وتم تسجيل اسمه في قائمة الشرف الأمريكية, أما في بلده مصر فقد حصل الدكتور زويل علي وسام الاستحقاق من الطبقة الأولي وقلادة النيل العظمي وهي أعلي وسام مصري, وأطلق اسمه علي ميادين وشوارع رئيسية, وأصدرت هيئة البريد طابعا يحمل صورته. وكان د. زويل دائما يبحث عن الجديد داخل معامله, وهو ما حققه بإعلانه عن ثورة جديدة في العلم بعدما توصل لاختراع يتيح لأول مرة رؤية أصغر الأشياء داخل الذرة من خلال تقنية جديدة يطلق عليها الميكروسكوب رباعي الأبعاد والذي تم تطويره في مركز الفيزياء الحيوية للعلوم والتكنولوجيا فائقة السرعة الذي يديره الدكتور زويل. وقد نعي الرئيس عبدالفتاح السيسي ببالغ الحزن وعميق الأسي العالم الكبير, وتقدم جنازته العسكرية, التي انطلقت من مسجد المشير حسين طنطاوي, مما يعكس حفاوة بالغة واهتماما كبيرا بابن من أبناء مصر البررة الذين لم يبخلوا عليها بالجهد والعرق, كما يعكس اهتمام القيادة السياسية وعرفانها بأقدار العلماء والمفكرين من أبناء الوطن. وشارك في الجنازة كبار رجال الدولة, ومنهم الرئيس السابق المستشار عدلي منصور, ورئيس مجلس النواب الدكتور علي عبدالعال, ورئيس الوزراء المهندس إسماعيل شريف, وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر وعدد كبير من الوزراء وقادة القوات المسلحة والقيادات الدينية وعلي رأسهم مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام, والقيادات العلمية وعلي رأسهم العالم الكبير الدكتور مجدي يعقوب والقيادات الشعبية والمواطنين. وقد زار جثمان الدكتور زويل مدينته العلمية للمرة الأخيرة قبل أن يودع الثري, وقد اصطف أبناؤه الطلاب وتلاميذه من كل مكان ليلقوا نظرة الوداع علي الفقيد, في جو خيم عليه الحزن والأسي, وتعاهد أبناؤه وتلاميذه علي إكمال مشروعه الذي بدأه وتحقيق حلمه الذي عمل عليه ولم يمهله القدر ليري الدفعة الأولي التي تتخرج من جامعته. وقد دعا الرئيس السيسي أبناء الوطن إلي التبرع لإكمال بناء مدينة زويل, وهو المشروع الذي بدأه الراحل الدكتور زويل, ليكون مشروع مصر القومي للنهضة العلمية, وتهدف المدينة إلي المساهمة في بناء مجتمع مبني علي المعرفة ومؤسس علي التفكير النقدي, وذلك من خلال توفير منظومة تعليمية مبنية علي التميز وأيضا من خلال التفاعل مع المجتمع. رحم الله الدكتور زويل, وعوض مصر عنه خيرا, وألهم أهله وذويه وطلابه الصبر والسلوان, وتحيا مصر.