لا شك أن الانقلاب الفاشل في تركيا يقدم للرئيس التركي رجب طيب أردوغان مزيدا من الزخم لتغيير الدستور التركي وتركيز السلطة في يده خاصة مع اعلان الاحزاب المعارضة في البلاد رفضها للانقلاب العسكري. ونقلت صحيفة( الجارديان) البريطانية عن هزيار أوزسوي النائب والمتحدث باسم الشئون الخارجية في الحزب الديمقراطي اليساري المؤيد للاكراد: كنا نود أن يستغل أردوغان فرصة الانقلاب لتدشين مجتمعا تركيا أكثر انفتاحا ولكن خطابه السياسي يتركز علي الانتقام, وتوقع ان تقود محاولة الانقلاب الفاشلة من جانب الجيش التركي الي المزيد من القمع في تركيا. وقد تركزت عمليات التطهير التي قادها أردوغان في أعقاب الانقلاب الفاشل علي أنصار فتح الله جولن رجل الدين التركي المقيم في تركيا والذي يزعم أردوغان أنه قاد الانقلاب ضده, وشملت حملة التطهير الاردوغانية احتجاز18 ألف شخص واستهداف القضاء بشكل عام والمحكمة الدستورية علي وجه الخصوص, ويشير العديد من المراقبين أن الهدف من ذلك استغلال المشاعر التي أثارها الانقلاب الفاشل للقضاء علي أخر بقايا الاستقلال في نظام العدالة في تركيا. وقد تم اعتقال اثنين من القضاة في المحكمة الدستورية علي الرغم من الحصانة القانونية التي يتمتعون بها, حيث سبق وأن أكدأردوغان أنه لن يقبل بحكم المحكمة لصالح اثنين من الصحفيين البارزين المسجونين بتهمة افشاء أسرار الدولة. وقد أقال أردوغان نحو66 ألف موظفا حكوميا في خطوة تعكس حملته المسعورة في أعقاب الانقلاب مما أثار القلق في الدول الغربية مثل أمريكا وألمانيا وفرنسا مما يزيد من انعزالية أردوغان ونظامه. ونقلت الصحيفة عن مراقبين دوليين قولهم أن اغلاق تركيا لقاعدة انجريلك الامريكية خلال الانقلاب انما يعني استعداد أردوغان لاستخدام القاعدة كورقة ضغط علي أمريكا لاقناعها بضرورة تسليم عبد الله جولن العدو اللدود لاردوغان حيث أدي اغلاق القاعدة لوقف العمليات العسكرية ضد تنظيم( داعش) الارهابي مما يعني أن هناك أزمة مرتقبة في العلاقات التركية الامريكية. لقد وفر الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا فرصة لاردوغان لتحقيق طموحاته السياسية الشاملة لشن حملة لا هوادة فيها من أجل الهيمنة السياسية. وذكرت صحيفة( الجارديان) انه اذا كانت الديكتاتورية العسكرية واحدة من أسوأ أشكال الحكم المعروفة فان الديكتاتورية المنتخبة المتمثلة في( أردوغان) ليست أقل سوءا منها, والواضح ان تركيا تتحول علي عجل الي نموذج كريه للدولة السلطوية التي ترهب المجتمع المدني وتضطهد الصحفيين وترفض احترام حقوق الانسان وسيادة القانون. وذكرت الصحيفة ان سر فشل الانقلاب العسكري في تركيا أن الانقلابيين لم يعدوا اعدادا جيدا لهذا الانقلاب حيث استولوا علي محطة التليفزيون الحكومية الا أنهم أهملوا تأمين الانترنت بينما كان أردوغان قادرا علي حشد أنصاره من خلال قوة وسائل الاعلام الاجتماعية.